«حدائق درب مولاي الشريف» لعبدالرحمان شكيب: محطات مفصلية لجيل علَّمه الواقع كيف يراود أحلامه

 

تعززت الخزانة المغربية بإصدار جديد من منشورات دار بصمة، تحت عنوان «حدائق درب مولاي الشريف» لمؤلفه عبدالرحمان شكيب، صاحب النص الرحلي: «من كازابلانكا إلى مونتريال، كثير ما يحكى ويقال»، الصادر عام 2021 عن منشورات سليكي أخوين، ويحكي فيه رحلة له، رفقة زوجته، لعدد من المدن الكندية، ليعود لقرائه بعمله الجديد في 171 صفحة من الحجم المتوسط، وهو المعروف في الميدان ككاتب، فاعل جمعوي، مثقف، وناشط سياسي، ومنخرط في العمل الثقافي دفاعا عن الكاتب والكتاب وتأصيلا لقيم الفعل القرائي.
المنجز السير- روائي: «حدائق درب مولاي الشريف»، للكاتب عبدالرحمان شكيب، يعد، «تسجيلا لمحطات أساسية ومفصلية لجيل علمه الواقع كيف يراود أحلامه ويكابد من أجل تحقيقها، وقد اختار سبل الدراسة والبحث العلمي كآلية لمغالبة الظروف المختلفة والمتباينة، وهذه المحطات، رغم صعوبتها وقسوتها، تبقى لها آثار جميلة في خلق أواصر المحبة والتضامن بين كل مكونات مجتمعه»، والمنجز/ العمل بالتالي «توصيف لدرب مولاي الشريف في كل تفاصيله ومكوناته وأبعاده الاجتماعية والاقتصادية».
كما أن العمل «توصيف لمراحل الطفولة المشتركة التي عاشها شباب درب مولاي الشريف العميق والعتيق، الذي رسخ قيما أصيلة في أفئدة الساكنة وسلوكهم، لذلك فللمسيد والحمام والأزقة والكشفية والمدرسة والمكتبات والملاعب ودار الشباب والسينما، أهمية خاصة في المنجز»، كما تحضر «الدراسة والصداقة والحب والتضامن ومغامرات أخرى، ليبقى للقارئ الكشف عن تفاصيلها»، وبينما تحضر في الكتاب «أسماء بصمت رهنيتها بكثير من التأثير مثل الشاعر الكبير عبدالله راجع وناس الغيوان والعربي الزولي»، يحاول «أن يرسم صورة جميلة لدرب مولاي الشريف باعتباره فضاء مفتوحا تحول إلى مدرسة تطفح بالقيم النبيلة».
ويتأبط العمل الجديد تسعة مداخل تحت عناوين مختلفة ومترابطة في نفس الوقت وهي: «حين أصبحت الهجرة خيارا لا محيد عنه، الزقاق السابع قاعة حصينة، أعيادنا أفراح قبل الأوان، حين ننتشر في الأرض بحثا عن ذات مغايرة، لا شيء يعول عليه في الأزمات الشديدة غير الانفلات من بين أصابع الزمن، الشجرة الوافرة، كثيرة هي الجراح التي لا تندمل، مكتبة الخيرات، وتلك شجرة سامقة تحترق بعيدا»، وكلها عناوين قد «تفضح» للقارئ عوالم العمل المنجز، وتخلق في حسه القرائي تطلعا فضوليا لقراءته على أساس أن طياته ممتعة ومفيدة لا محالة، ومثيرة أكثر للتشويق بمواصفات الرواية الجيدة.
وقبل اقتراب الكتاب بقليل من النور، أبى الكاتب والناقد السينمائي، حسن نرايس، تعريف القراء على كاتبه، عبدالرحمان شكيب، بقوله: «عرفته منغرسا في تربة المكان برؤية طفل بريء مر من هنا…من درب مولاي الشريف بالحي المحمدي، عرفته في زمن آخر داخل درب تسكنه فيسكنك، فهو ليس مجرد درب وساكنة وبنيان، بل ليس مجرد درب يحدده الموقع الجغرافي…إنه رمز وامتداد بتفاصيله الدقيقة في تاريخ وجغرافية الكيان والوجدان…».
ومذ عرفت الأخ والصديق عبد الرحمان شكيب، يضيف نرايس، «كان كل لقاء بيننا هو لحظة بهاء…نعم، خجولا كان يطل من أمام الزنقة السابعة بالدرب، أنيقا خجولا إلى حد الانطواء، وينبغي أن تقترب منه للتقرب من عمقه الإنساني الجميل، وهذا ما كان (…)، بين مكتبة باليزيد ومكتبة الآداب…وبين سينما شريف التي كانت عيوننا إليها ترحل كل أسبوع، والزاعبلي بائع «الطون ولحرور» انطلقت المناقشات والنقاشات والمشاكسات حتى لطرح الأسئلة والتساؤلات».
و»كتابة ذلك اليوم هي كتابة توثيقية شاهدة على كل الفصول والمراحل واللحظات الهاربة التي عاشها عبد الرحمان شكيب بين أزقة درب مولاي الشريف، بين الألم والأمل، وبين الحدائق التي كنا نحلم بها والمزابل التي كنا نحلم بالهروب منها..»، و»كان تبادل كتب الفكر والروايات والدواوين الشعرية بيننا، نحن الذين كنا قد عرفنا الصراع داخل أزقة الدرب وتعلمناه داحل الحرم الجامعي»، حيث «كان صديقنا ملتزما بقضايا الشعب من خلال قضايا أولاد الدرب المغلوبين على أمرهم، ولم يبتعد أبدا عن مغازلة الورود رغم حدة الأشواك…كان شكيب، كما عرفته، يتجنب واقع الإحساس باليأس وغالبا بالجمع بين الماء والنار…».
كانت القراءة – وحب الاطلاع- هي «المتعة وهي المؤانسة، وهو (عبدالرحمان شكيب) يواكب عبور الحياة راحلة رحلة الشتاء والصيف وما بينهما من ربيع…»، و»شكيب يستمتع بالحياة ويحاول دائما تجنب كل الإكراهات والتقلبات بالرزانة والهدوء (…) لم يكن صديقنا العزيز يحب الفضاءات التي تضج بالضوضاء والغوغاء، ولهذا السبب، ربما، لم أذكر يوما أنه طوى الخطوات مسرعا معنا لمشاهدة وتشجيع فريق الطاس، لكنه – والحق يقال – كان يتألم لهزيمة فريق الحي، ويسعد بانتصاراته، كما كان يسعد لنجاح أبناء الدرب، ويتألم لإخفاقاتهم…»..
شكيب «إنسان صبور صادق نبيل يحب الجميع كما يحبه الجميع من أبناء الدرب البررة…فهل يكذب الغائب الشاهد؟، عرفته طيبا خلوقا بشوشا، عرفته محبا للثقافة والفكر، عرفته عاشقا ولهانا لدربنا الذي في البال أغنية وكتابا وشريطا سينمائيا ومسرحية…عرفته بالأمس، وأعرفه اليوم…وما بدل تبديلا…»، لقد «شب وترعرع بمدينة الدار البيضاء، ودرب مولاي الشريف خاصة»…


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 15/06/2023