قافلة نوعية قادتها الجمعية البيضاوية لأطباء الأطفال بالقطاع الخاص ونقطة الحليب بدواوير في تارودانت

حرص منظّموها على سلك كل الطرق للوصول إلى سكانها المتضررين

 

الذهاب إلى تارودانت ليس كالعودة منها، والتوجه إليها في ظرفية استثنائية على خلاف المعتاد ليس كمغادرتها، خاصة بالنسبة لمن يزور هذه المنطقة لأول مرة وقدم ليكتشفها في سياق أشكال ومبادرات إنسانية وتضامنية بعد وقوع الزلزال الذي ضرب الحوز والذي طالت تداعياته رقعا جغرافية متعددة من أرض الوطن.

 

تضامن تعددت صوره والجهات المنظمة له، ومن بينها مبادرة نوعية قامت بها الجمعية البيضاوية لأطباء الأطفال بالقطاع الخاص بتنسيق مع جمعية قطرة الحليب وأساتذة المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء وفيدرالية الصيادلة، التي تم الحرص على أن تشكل قيمة مضافة ولا تقف عند حدود الحاجيات «الكلاسيكية» التي قد تكون فئة عريضة من المتضامنين قد وفّرتها، حتى بات هناك ما يشبه «الإشباع» فيها، بعدد من المناطق، وهو ما وثقته مجموعة من الصور والتسجيلات.

حليب الرضع

قررت الجهات المنظمة لقافلة التضامن التي شدت الرحال إلى إقليم تارودانت قبل أيام أن توفر مادة أساسية وهي حليب الرضع والأطفال من مختلف الأعمار، باعتباره مادة حيوية للتغذية والنمو، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي لديهن ضعف في الحليب الطبيعي، أو اللواتي افتقدنه بسبب أزمة الزلزال ومخلّفاته النفسية، حيث تم الحرص على توفير كميات مهمة منه، وتبين بالفعل حين الوصول إلى مجموعة من الدواوير على أنه كان اختيارا صائبا، إذ تم الإقبال بشكل كبير على تسلم هذه المادة بعد إحصاء عدد الرضع وأعمارهم كبيرا، ولقي جلبه وتوفيره للمعنيين إشادة واسعة.

ضوء في مواجهة الظلام

خلّف زلزال الحوز العديد من الخسائر، البشرية والمادية، على حدّ سواء، وكان من بين تداعياته الانهيار الكامل أو الجزئي لمنازل المتضررين، مما جعلهم يبيتون في العراء، داخل خيام بلاستيكية، إما تم التوصل بها في إطار المساعدات، الرسمية والمدنية التي تم توزيعها، أو تلك التي تم صنعها بوسائل بسيطة لكي يلوذ إليها المعنيون في انتظار الحلول التي قد تأتي لاحقا من طرف الجهات المختصة.
خيام افتقدت للعديد من التفاصيل والمقومات، كما هو الحال بالنسبة للإنارة، وهو ما جعل الجمعية البيضاوية لأطباء الأطفال بالقطاع الخاص وشركائها من قطرة الحليب وغيرها يعملون على توفير كشّافات ضوئية تعمل بالطاقة الشمسية، كي تنير الظلام الدامس في الدواوير المستفيدة إلى نور وتبدّد حلكة الليل، ويمكن معها للمتضررين التحرك والقيام بما يرغبون فيه تحت بصيص من ضوء الأمل.

احتياجات نوعية

اختارت العديد من القوافل الطبية والتضامنية اقتناء وتوفير مواد أساسية، منها ما يهمّ التغذية ومنها ما يتعلق بالملابس، وهو ما جعل منظمي «قافلة تارودانت» يحرصون على جلب مواد نوعية تجيب عن احتياجات خاصة، ويتعلق الأمر بحفاظات الأطفال وحتى تلك التي يستعملها كبار السن ومن يعانون من أمراض مختلفة، تتطلب وضعيتهم الصحية والعمرية استعمال هذا النوع، إلى جانب فوطات صحية.
ولأن النوم أساسي في الحفاظ على توازن الإنسان، فقد عمل المنظمون مرة أخرى على توفير أفرشة بمواصفات خاصة، على مستوى القياسات، إلى جانب تسليم بطانيات، كي تقي المستفيدين من قساوة البرد ليلا، وتخفف عنهم ولو قليلا من وقع كل هاته العوامل المشتركة، المرتبطة بالزلزال والمناخ والهشاشة المتعددة الأبعاد والمستويات.

تنويه وإشادة

بلسان أمازيغي قنوع ومبدع في انتقاء الكلمات، حرص المستفيدون الذين تجاوز عددهم الألف شخص من الجنسين ومن مختلف الأعمار في كل الدواوير التي جابتها قافلة التضامن، على توجيه أدعية ورسائل شكر لكل المتضامنين، معبّرين عن امتنانهم للكرم المغربي وللنبل التضامني الذي عبّر عنه الجميع، وكانت كلمات الشكر أكبر، خاصة في الدواوير التي لم تتوصل بمساعدات نوعية كتلك التي جلبتها قافلة الجمعية البيضاوية لأطباء الأطفال بالقطاع الخاص وباقي شركائها، التي تنفس لها عدد من المواطنين الصعداء، لأنها تشكل بالفعل قيمة مضافة، تنضاف إلى ما تم التوصل به من مساعدات، ساهم بها أفراد ومؤسسات وجمعيات، كل حسب استطاعته، والتي شكلت صورها درسا في قيم التآزر والتضامن، ونسجت ملحمة جماعية أصيلة عنوانها «تمغرابيت».


الكاتب : تارودانت: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 25/09/2023