حركة احتجاجية بفرنسا وأوروبا ضد جواز التلقيح والأوضاع الاجتماعية

رغم قرار السلطات الفرنسية منع قافلة المحتجين على متن سياراتهم التي جاءت من جنوب البلاد للاحتجاج بالعاصمة باريس، والتوجه بعد ذلك إلى بروكسيل، تمكن بعض المحتجين من الدخول إلى العاصمة الفرنسية، يوم السبت الماضي، حيث وجدوا في انتظارهم عددا كبيرا من عناصر الشرطة التي قامت بتفريقهم واعتقال بعضهم من خلال إقامة نقاط مراقبة مشددة طوال اليوم على مداخل المدينة.
واستجوبت قوات الأمن 97 شخصا كان 81 منهم لا يزالون، صباح أول أمس الأحد، قيد التوقيف، وأصدرت إنذارات شفهية بحق513منهم، بحسب حصيلة رسمية. وتدخلت ليل السبت الأحد في جادة الشانزليزيه وفي بوا دو بولون لتفريق آخر المشاركين، بحسب ما أكدت الشرطة.
وفي وقت مبكر بعد ظهر السبت، كانت أكثر من مئة مركبة قد وصلت إلى جادة الشانزليزيه، لكن قوات الأمن فرقتها تدريجيا بإطلاق الغاز المسيل للدموع، ولم يتمكن المحتجون من إغلاق المدينة كما كان مبرمجا من طرفهم.
وتجمع هذه الحركة الاحتجاجية، التي تطلق على نفسها “قافلة الحرية”، معارضين لشهادة التلقيح التي تسمح لمن تلقوا اللقاح المضاد لفيروس كورونا بدخول عدد كبير من الأماكن العامة مثل المطاعم ودور السينما وغيرها من الأماكن الترفيهية.
وتضم هذه الحركة أيضا متظاهرين يرفعون مطالب اجتماعية تتعلق بالقدرة الشرائية وكلفة الطاقة، في مشهد مشابه للتحرك الشعبي الاحتجاجي الكبير، الذي شهدته فرنسا مند سنتين، والذي سمي بحركة السترات الصفراء.
وتحاول السلطات الفرنسية تجنب تكرار التجربة الكندية في الاحتجاج التي شلت العاصمة اوتاوا وطرقها حتى اليوم.
ورغم قرار المنع وتهديد سلطات باريس بتطبيق أشد العقوبات، فهذه التهديدات لم تحل دون تمكن عدد من المحتجين من دخول العاصمة من أجل الاحتجاج والتعبير عن غضبهم من جواز التلقيح ومن تدهور أوضاعهم الاجتماعية، فهل تعيش فرنسا انبعاث حركة السترات الصفراء، لكن هذه المرة عبر السيارات والشاحنات؟
واتفق المحتجون القادمون من فرنسا وهولندا على اللقاء للتظاهر بالعاصمة الأوروبية بروكسيل، لكن أمام المنع، الذي أصدرته السلطات البلجيكية، بدأ الحديث عن التظاهر بمدينة ستراسبورغ، مقر البرلمان الأوروبي.
وفي هذا الإطار، غادر بعض المتظاهرين الفرنسيين من الحركة المسماة “قوافل الحرية”، على غرار القوافل في كندا التي شلت أوتاوا والتي استلهمت منها عدة دول أخرى حراكها، المنطقة الباريسية الأحد باتجاه بروكسل بعد وصولهم إلى العاصمة الفرنسية للاحتجاج على شهادة التطعيم.
كما أعلن بعض المشاركين في تظاهرة مماثلة نظمت في لاهاي عزمهم السفر إلى بلجيكا. وحظرت السلطات البلجيكية هذه القوافل التي لم تحصل على تصريح بالتظاهر ووضعت وسائل لمنع عرقلة السير في بروكسل وضواحيها.
وذكرت السلطات البلجيكية المشاركين في القوافل المناهضة للتطعيم الأحد بمنع التظاهر الاثنين في العاصمة، فيما كثفت التحذيرات للسكان بشأن صعوبة الوصول إلى المستشفيات والمطار.
كما نشرت شرطة بروكسل على وسائل التواصل الاجتماعي تعليمات بأربع لغات: الفرنسية والهولندية والألمانية والإنكليزية، حذرت فيها بعدم التظاهر بالمركبات ونصحتهم بعدم الذهاب إلى بروكسل بالسيارة وتوجيه القوافل إلى مرآب مركز المعارض ضواحي المدينة “المكان الوحيد الذي سيتم فيه التساهل مع هذه التظاهرة عبر السيارات”، لكن بعض المحتجين قرروا التوجه إلى مدينة ستراسبورغ مقر البرلمان الأوروبي.
بعد الصعوبات الاجتماعية التي عاشتها فرنسا وبعض البلدان الأوروبية بسبب وباء كورونا ومخلفاته وفرض جواز التلقيح من أجل الولوج إلى الأماكن الترفيهية والمطاعم، برزت هذه الحركة الاحتجاجية رغم أجواء الانتخابات الرئاسية، وهي وضعية جعلت السلطات الفرنسية تتخوف من تطور هذه الحركة الاحتجاجية لتأخذ مسار حركة السترات الصفراء التي شهدتها فرنسا مند ثلاث سنوات، لكن هذه الحركة لم تلق النجاح المطلوب حتى اليوم، ولم تتمكن من إغلاق العاصمة كما كان مبرمجا، فهل ستنتهي عند هذا الحد أم أنها سوف تستغل أجواء الانتخابات الرئاسية من أجل إثارة هذه الاحتجاجات مرة أخرى؟


الكاتب : باريس - يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 15/02/2022