حسن نرايس يصنع عالما جديدا في زمن كورونا ويوصينا نـ«بقاو فديورنا » ، عبد الحميد جماهري: مسرحية نرايس تعيد تعريف الحياة بدون طرح أسئلة فلسفية

 

أصدر الكاتب والناقد السينمائي حسن نرايس، عمله الإبداعي الجديد عبارة عن مسرحية بعنوان « بقاو ف ديوركم «.
اختار حسن نرايس لعمله المسرحي، شخوصا، شكلت أبطال هذا العمل الإبداعي، وهم الأستاذ الشاعر(الضرير) ، عامل النظافة الذي فقد زوجته في حادثة سير، ويقطن مع أخته وزوجها في انتظار وجود بيت آخر، والممرضة خديجة التي هي زوجة الأستاذ الشاعر وأخت عامل النظافة.
خلال الحجر الصحي، يجتمع الثلاثة في صالون كل ليلة، سبع ليال يحكي خلالها عامل النظافة والممرضة ماعايشاه في النهار خارج البيت، إذ نجد أنه مسموح لهما بالخروج نظرا لمهمتهما . أما الشاعر الأستاذ فمحكوم عليه بالبقاء ملتزما بالحجر الصحي ،ولا يمكنه التدريس عن بعد لفقدان بصره. ينتظر في البيت، وحين يدخل عامل النظافة والممرضة، يستمع إليهما ويعلق ويناقشهما إلى أن يدرك النوم الممرضة، فيسكت الجميع عن الكلام المباح.
مع توالي الليالي، تتناسل الحكايات لتولد معها مواقف عديدة، كل ذلك أمسك به الكاتب والناقد السينمائي حسن نرايس، وترجمه إلى صور متحركة عبر استعمال لغة دقيقة بعيدا عن الحشو والإطالة، بل وضع كل كلمة في مكانها المناسب تماما، موزعا الأدوار بين أبطال مسرحيته بحنكة إلى درجة أن من سيقرأ هذا العمل الإبداعي، سيجد نفسه منخرطا في هذا العالم الغرائبي الذي فرضته جائحة كورونا ليس على هؤلاء الشخوص فقط ، بل على العالم بأسره .
الكاتب والشاعر والإعلامي عبد الحميد جماهري، في تقديمه لهذا العمل الإبداعي، رأى أن العالم يكون إشكاليا بين يدي عامل نظافة وممرضةوشاعر أعمى..متسائلا ما الذي يجمع
أستاذا شاعرا ضريرا مثل أعشى قريش، وعامل نظافة وشقيقته الممرضة في مخيلة كاتب مسرحي متميز، غیر بیت وسط حصار الكوفيد؟
ويذهب عبد الحميد جماهري إلى أكثر من طرح السؤال، وإلى أكثر من تأميم الجواب، حينما يقول «تجمعهم العزلة لإعادة تعريف الحياة بدون طرح أسئلة فلسفية، إنهم يعيشون عالما غريبا، غير مسبوق، يجرد الكثيرين من الحرية والحركة، ومن استعمال حواسهم ويجعل الخارج واقعا غريبا، بعيون رجل ضرير؟
هذا الثلاثي الذي ركب به حسن نرايس معادلته المسرحية، يجمع أفراده قدر خاص ، قدر كفيف وقدر ممرضة، هي وحدها المخول لها الاطلاع على العالم، لأنها مسؤولة عن سلامته، ومطلوب منها أن تبقيه حيا حتى يخرجا ليجداه، وعامل نظافة في شوارع لا يطالها أحد، لكنها ضاحية المنازل التي تلفظ ما فيها في وجهه!.
في الواقع نجح حسن نرايس، يقول الجماهري، في تجميع رمزيات لفقدان الحواس: الشاعر
فقد حاسة البصر، وعطلت الممرضة حاسات اللمس والشم كي لا تصاب بالعدوى، وعامل النظافة هو الآخر يغامر لإصلاح العالم وبقائه بعد الطوفان الوبائي. وغيرهم لا وجود سوى لآثار وصلة ساخرة!
في عالم كوفيدي ، تصبح الكوميديا موقفا فلسفيا كما أن الأبسط من بين الأشياء يتحول الى عقدة تراجيدية. كل بسيط هو الضرورة المطلوبة للتعبير عن عالم محاصر.
مغامرة حسن نرايس، القادم إلى المسرح من السينما والصحافة والتأليف التوثيقي والبحث في السخريات، يقول عبد الحميد جماهري، تستحق مقاربة نقدية جريئة تبحث عن ترابط الأقدار في زمن استثنائي.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 21/04/2023