حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 5

بداية صفحة جديدة في تاريخ المسايفة المغربية

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

كانت فرحتي لا توصف خصوصا عندما احتضني والدي سعيدا وفرحا وكنت أشعر حينها أنه فخور بي ومعتزا بتألقي. عدنا إلى الوطن، وفي الحقيقة لن أنسى ذلك الاستقبال الحار الذي صادفناه في مطار الدارالبيضاء، حضرت الأسر والعائلات وكذلك ممثلي الصحافة المغربية. الجميع حضر للاحتفال بميداليتي وكانت أول ميدالية ذهبية في تاريخ المسايفة المغربية في منافسات خارج المغرب.كما كانت أول ميدالية ذهبية في سجل الرياضة النسوية المغربية . أتذكر تلك اللحظات الجميلة وأنا أستقبل استقبال الأبطال،باقات الورود والهتافات، عيوني أذرفت دموع الفرح وكنت أشعر بأن اللقب الذي أحرزته لم يكن لي وإنما كان لوطني المغرب.
والدي فرح جدا وأذكره وهو بدوره يذرف دموع الفرح.. لقد جعلته يفتخر بي، خاصة وهو أنهتلقى عدة برقيات من الموظفين و العمال والإداريين زملاءه بالعمل في المطار.
الفوز بلقب بطولة ألعاب المغرب العربي بتونس سيغير كثير من الأشياء في حياتي، بل وحتى في معاملة والدي لي، وهو الذي بدأ منذ ذلك الحين في الرفع من اهتمامه بي وبتداريبي وبنوعية آكلي، ونومي وكل ما أقوم به في حياتي اليومية.
كل اخواني واخواتي كانوا بدورهم جد سعداء بما حققته خصوصا أن اسمنا العائلي “رودان” أصبح معروفا والجميع يردده وكان على كل الألسنة في الحيً الذي كنّا نسكن فيه وكذلك وسط العائلة والمعارف والأصدقاء.
على مستوى الجامعة الملكية المغربية للمسايفة والتي كان يرأسها المرحوم عبد الرحمان السبتي، فقد نظمت لنا حفل استقبال تم خلاله منحنا هدايا احتفاء بالنتائج التي حققناها في تونس.
الرئيس عبدالرحمان السبتي وكان من خيرة المسيرين الرياضيين في تلك الفترة، قام نتيجة لما حققناه في تونس وبعد رجوعنا الى المغرب،بوضع رؤية جديدة لرياضة المسايفة المغربية، حيث دعى عدد من الأطر التقنية المغربية وتم وضع برنامج إعدادي لفائدتنا. اصبحت تداريبنا خاضعة لمنهجية تقنية جديدة، كما تم انتداب مدرب من بولونيا بكفاءة تقنية عالية للإشراف على تدريبنا. في نفس الوقت، تم وضع برنامج جديد للمنافسات حيث بدأنا نتبارى دائما ىخر الأسبوع بشكل منتظم يتضمن أيضا برمجة منافسات البطولات الوطنية وكذلك دوري الأندية تحت إشراف الجامعة.
في تلك الفترة ومباشرة بعد ما تحقق في ألعاب المغرب العربي بتونس، شهدت رياضة المسايفة مزيدا من الانتشار والتوسع،حيث تأسست أندية جديدة أبرزها الوداد البيضاوي للمسايفة، ونادي الرجاء البيضاوي للمسايفة . نادي المطارات ونادي الجديدة ونادي طنجة وكذلك نادي الفتح الرباطي . وبدا الإقبال على هذه الرياضة يتصاعد وبالتالي ظهرت العديد من الأسماء الجديدة مما أتاح لي الفرصة لأتبارى مع عدة مسايفات من مختلف الأندية الوطنية وكنت متوقفة بامتياز في كل تلك البطولات.
ولتحقيق رغبة والدي في مواصلة التحصيل الدراسي وفي نفس الوقت الاستمرار في التفوق الرياضي، واصلت المزج بينهما مع أن المهمة لم تكن سهلة في الحقيقة.
في الدراسة،كنت متألقة جدا في اللغة الفرنسية، العلوم، والرياضة لكن إمكانيتي في مادة اللغة العربية كانت متواضعة وكنت أواجه دائما عدة مشاكل مع أستاذ اللغة العربية الذي كان يحرجني وهو يصر على أن أقوم بتلاوة النصوص التاريخية بالعربية الفصحى. وفي كثير من الأحيان كان الأستاذ يقوم بطردي من الفصل عقابا لي إلا أن السيدة مديرة الثانوية التي كانت تعرفني وتحبني وتلقبني ببطلة الثانوية، كانت تعيدني للفصل بعد أن تطلب من الأستاذ العفو عني.
واصلت التحصيل الدراسي و كل الأساتذة كانوا يتابعونني عن قرب فيما يخص الدراسة وكذلك على مستوى مشاركاتي في البطولات، كنت كلما أحرزت على لقب أو على كأس من منافسات البطولة أحمله إلى الثانوية ونحتفل به جميعا.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 29/04/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *