حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 13- مرارة الهزيمة على يد حكم غير عادل

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

 

فِي الْيَوْمَ الموالي، ذهبت الى العمل وبدأت في مزوالة مهمتي كالعادة، لكن بشخصية جديدة وبنظرة مغايرة،كان واضحا أني تأثرت بنمط الحياة في كندا.
لم تمض سوى أيام معدودة لأتلقى خبر كان بالنسبة لي مفاجأة حقيقية.
فقد توصلت برسالة من الجامعة الملكية المغربية للمسايفة تطلب مني الاتحاق بالفريق الوطني المغربي للتحضير لألعاب البحر الأبيض المتوسط (1983). كما قامت الجامعة بمراسلة مدير الشركة التي أشتغل فيها للسماح لي بالغياب من شهر.
تلقيت الرسالة بسعادة كبيرة،وبعد يومين من توصلني بها دخلنا المعسكرات (صمنا رمضان لسنة 1983 في معسكر بمراكش) صيام طول النهار وتداريب وسحور جماعي، كنّا دوي صبر كبير لأننا كنّا لا نفكر إلا في المشاركة .
بعد نهايو التربص بمراكش، انتقلنا لباريس عاصمة فرنسا لدخول معسكر ثاني وذلك لمدة شهر.في باريس، تغير نمط التداريب لأننا كنّا نستيقظ على الساعة السادسة صباحا ونخرج للجري في (parque bois de Boulone) والأمطار تهطل علينا والكل يكن كل الاحترام للمدربين بدون نقاش، نعود للاستحمام ثم نتناول الفطور. ربع ساعة بعد الفطور ندخل الى القاعة المغطاة من الساعة 9 صباحا الى الساعة الثانية عشرة ظهرا. نعود على الساعة الثالثة بعد الزوال مرة ثانية الى القاعة الى حدود الساعة ٌالسادسة زوالا . تابعنا ذلك البرنامج لمدة شهر بباريس كلها مثابرة وجد وتحمل وصبر.
بعدرجوعنا من باريس، منحنا أسبوعا واحدا للراحة ورؤية الأهل، بعد ذلك دخلنا معسكرا بمركو بوركون بالدارالبيضاء، خضنا فيه التداريب لغاية حلول موعد افتتاح الألعاب بعدها انتقلنا إلى مدينة الجديدةٌ التي كانت تحتضن منافسات رياضة المسايفة.
مكثنا في مدينة الجديدة لأزيد من شهرين، وذلك قبل أن تلتحق بِنَا باقي الفرق المشاركة.
كان على كل منختب نسوي أن يشارك بمشاركتين اثنتين فقط، بالنسبة للمغرب،تم اعتماد مبارة لعضوات الفريق الوطني لاختيار مشاركة واحدة لمرافقتي لثمثيل المغرب معي .
بدات المباريات في جو حار جدا بما أنه كان فصل الصيف والحرارة مفرطة. اجتزت كل المباريات بتفوق إلى نصف النهائي وكان علي مبارزة بطلة تركية ،لم يكن مستواها جيد، لكن التحكيم كان سيّئا و هزمني دون وجه حق علما أني كنت تغلبت على بطلة إيطاليا وبطلة فرنسا. تدخل الطاقم التقني للفريق الوطني بعد انتهاء المباراة واحتج بشدة وتم رفع تقرير مفصل ليتم توقيف الحكم عن المشاركة فيما تبقى من المباريات . لكن بالنسبة لي كان نكسة كبيرة لأنه حطم لي كل الحلم الذي تعبت من أجله طيلة السنة، بكيت يومها بكاء شديد لأنني أحسست بأول انهزام لي لكن ليس من الناحية التقنية ولكن ظلما وعدوانا. حينها كتبت علي كل الصحف الوطنية والدولية بأن الحظ لم يكن في صفي وبأن التحكيم لم يكن في المستوى ولم يكن عادلا.
أغلق الستار عن الألعاب، ورجع كل واحد الى حياته الطبيعية. عدت بدوري لعملي في الشركة وعند رجوعي فوجئت بتعيين موظف جديد في الشركة، ذخلت المكتب الذي كان بدا يزاول مهامه فيه وصافحته ثم قدم لي نفسه فإذا بي احس بشيء غريب يشدني لهاذا الشاب. لم أبالي حينها، فطبعا كنّا نشرب القهوة جميعا مع جميع الموظفين، وبدات ألفت نظره وكذلك بدات أشعر بشيء نحو هاذا الشخص.
عشنا كأصدقاء طيلة سنتين، وفِي يوم من الأيام دعاني للتعرف على أسرته،وافقت ، وكانت مناسبة تعرفت خلالها على إخوته وأخواته وأعجبت بهم ، ثم عرض علي الزواج.
أخبرت والدي ووالدتي بالخبر ، وأتذكر أن والدتي كانت متحفظة بعض الشيء فيما رحب والدي بالموضوع ومنحني مسؤولية القرار. لم يكن قراري خاطئا، فالأيام ستؤكد لي فيما بعد أني كنت صائبة في الاختيار والقرار.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 09/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *