خبراء وفاعلون جمعويون يسائلون منظومة التخييم في حماية الناشئة

فوبيا مجتمعية

محمد قمار

حينما أقدم ذلك «البيدوفيلي» على فعلته النكراء والشنيعة، باستباحة أعراض أطفال لا حول ولا قوة لهم، مستغلا ثقة أولياء الأمور بل جهلهم، زرع «فوبيا» مجتمعية وسط الآباء والأمهات، حين خلطت بعض المنابر الإعلامية بين المخيمات الصيفية كمؤسسات مؤقتة عمومية يؤطرها القانون بصرامة، وتشرف عليها وزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الشباب والجامعة الوطنية للتخييم ضمن منظومة تربوية صارمة، وبين فعل فوضوي خارج القانون قام به شخص واحد باسم جمعية لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالمخيمات، أقل ما يمكن وصف هذا النشاط الفوضوي بخرجة بلا مؤطرين ولا شرعية تربوية، هذا الخلط/اللبس، زرع بذرة الخوف الجماعي من المخيمات، وتنامى وتناسل حتى كاد أن يتحول إلى «فوبيا».
والحقيقة المرة أن الإعلام غير المهني لعب دورا كبيرا في خلط الأوراق، مما يجعلنا نقف على ظاهرة الخبر الإعلامي الذي يخلو من التحقق وجمع المعطيات…
نحن الآن كجمعيات تربوية، أمام تحد جديد، تصحيح التصورات، مع إثارة الانتباه إلى كل متدخل في العمل الجمعوي حول آليات المراقبة قبل الزجر.
فهذه «الفوبيا»الناجمة عن الخبر غير الدقيق، وعن اللبس في هذه القضية ستكلفنا زمنا طويلا لتصحيح المفاهيم ورفع هذا الخوف الجماعي بمزيد من التواصل والتعبئة والتوعية… وطبعا على الإعلام أن يبدد اللبس خدمة للطفولة والمجتمع.
لن نخوض في السياق القانوني والإداري لمثل هذه الأنشطة الفوضوية التي يؤطرها مرتزقة باسم العمل الجمعوي، لكن علينا من الآن أن نسهم في وقف هذه الفوضى التي بسببها قد تغتصب الطفولة البريئة…

 

محمد كليوين رئيس الجامعة الوطنية للتخييم:

ضرورة البحث في الجوانب القانونية والتربوية
المتعلقة بحماية أطفال التخييم

 

في تصريح لمحمد كليوين، رئيس الجامعة الوطنية للتخييم لجريدة الاتحاد الاشتراكي، صنف ما قام به المعني بالأمر الذي اغتصب أطفالا، اختطافا مقنعا وتغريرا بقاصرين تحت يافطة «رحلة»، للعبث بهم وهتك أعراضهم والاعتداء عليهم، وطالب بتشديد العقوبة على مرتكب هاته الجريمة الخطيرة، ليكون عبرة لكل من يعبث بأطفالنا، وبشكل يضمن كافة حقوق الضحايا، وخصوصا الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه الأفعال الإجرامية الشنيعة، مع تمكين الأطفال من حقهم في التتبع الصحي والنفسي، لمحو آثار العنف الجنسي الذي طالهم وهم في بداية مسار حياتهم، بالإضافة إلى آثار الوصم الذي سيلحق مستقبلا بهم بسبب هذه الجريمة.
ودعا في السياق ذاته جميع الفاعلين والمعنيين إلى الوقوف على كنه الأسباب الكامنة وراء هذا النوع من الجرائم الشاذة،واقتراح الحلول الكفيلة لوقف تنامي ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال، التي أصبحت تسائلنا جميعا، وتطرح أكثر من سؤال حول أدوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية والمؤسسات المعنية بالطفولة، وجهود السياسة العمومية المندمجة في شق تعزيز آليات الحماية للأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية.
وحمل المسؤولية للأسرة التي قامت بالزج بأطفالها وتسجيل أبنائها في هذه «الرحلة» دون الإحاطة والتقصي في ظروف تنظيمها القانونية والتربوية والمادية، والتي لا علاقة لها بالمخيمات، قانونيا وتنظيميا، ولاسيما أن المعتدي قد قام في الأشهر القليلة السابقة، حسب الشهادات الموثقة، بتنظيم رحلة لمجموعة من الأطفال إلى شاطئ بمدينة الدار البيضاء أودت بحياة طفل غرقا مما يقتضي كذلك من العدالة تعميق البحث والتدقيق في هذه النازلة.
وحمل أيضا المسؤولية التقصيرية في مهامها إلى السلطات المحلية سواء بنقطة الذهاب للسماح بحركية تنقل ونقل من مدينة لأخرى 19 طفلا وراشدين تمت مرافقتهم من طرف آبائهم، أو بنقطة الاستقرار وتكدسهم داخل شقة دون التقصي والبحث في الجوانب القانونية والتربوية المتعلقة بحماية هؤلاء الأطفال والضحايا.
ودعا بشدة كافة الأطراف إلى فتح تحقيق في الموضوع وتحديد المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة واتخاذ ما يقتضيه الأمر في ما يتعلق بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، منبها مختلف وسائل الإعلام إلى ضرورة التحري في نقل الأخبار وعدم الخلط في استعمال المصطلحات والمفاهيم، لأن الترويج للواقعة وكأنها حدثت في مخيم تربوي يندرج ضمن الإشاعة والأخبار الزائفة، وسيجعل الأسر تفقد الشعور بالأمن والأمان على سلامة وحياة بناتها وأبنائها في المخيمات الصيفية، التي تؤطرها جمعيات تربوية مختصة تعرف جيدا معنى حماية الأطفال، وتعرف مسؤولياتها القانونية في حال أي تقصير.

 

ذ. خالد أخازي: روائي وخبير تربوي
مأساة أطفال أناسي تعري هشاشة المؤسسات الرقابية

ما هو تصوركم لتداعيات استغلال أطفال جنسيا من لدن رئيس جمعية…؟
يؤسفني أن أقول لك إن هذا الشخص الذي سبق أن مات طفل غرقا تحت حراسته، كان كافيا ليس لمحاكمته فحسب، بل لحل جمعيته وإبعاده عن مجال الطفولة، إذن هناك تقصير ما لجهة ما، أو على الأقل تساهل أدى إلى ما أدى، البيدوفيليا انحراف جنسي خطير، ولكن سهل تتبعها وكشف أطرافها خصوصا داخل الجماعات المنتظمة، أعتقد أن هذا البيدوفيلي، لم يكن فعله سرا مجتمعيا، ولم يكشف صدقة، لابد أن هناك أطراف كانت تعلم وتواطأت على الصمت، ولا أدري مبرراتها، ولكن أعتقد أن الخوف و الجهل بالقانون والطابوهات يعمقون ثقافة الصمت…من هنا أرى ضرورة أن تلعب كل المؤسسات التربوية والاجتماعية دورها ووظيفتها في توعية الطفل جنسيا وحمايته بتعليمه و ترسيخ تصور سوي حول الجسد وقدسيته، وكيفية مواجهة صمت الأطفال بترسيخ ثقافة جنسية حمائية..
– هل يمكن توقع البيدوفيليا..؟
من الصعب توقع الفعل المنحرف الجنسي، ولكن أحسن مقاربة للحماية هي إعادة النظر في الفوضى التي تعم تكوين الجمعيات، حيث السؤال الأساسي هو المستوى المعرفي والتكوين العام للمسيرين ومدى وجود خلايا لليقظة والتتبع خصوصا في مجال التربية والطفولة، حيث لابد من وسطاء تربويين ونفسيين قادرين على التواصل مع الأطفال وتوعيتهم وتربيتهم على عدم الصمت، والمقاربة الزجرية غير كافية، لأنها بعدية… نحتاج لآليات قبلية… كالتوعية والمرافقة والتقييم المستمر والدعم النفسي.

أحمد رزقي نائب رئيس جمعية المواهب للتربية الاجتماعية
ضرورة وقف الممارسات التي تحاول المس بالتخييم

 

نعتبر أن ما ارتكبه وحش الجديدة، فعل مدان ويجب أن ينال الفاعل العقاب، كما يعبر ناقوس خطر يسائل منظومة التخييم ببلادنا، كما يدعونا إلى التعبئة الجماعية من أجل إعادة النظر في طرق وأساليب تنظيم المخيمات بالمغرب حتى نزيل البس الذي خلفته مثل هذه الممارسات الوحشية المواجهة للطفولة والتي أزالت اللثام على مجموعة من الممارسات التي تسيء للعملية التخييمية، خصوص عندما يتعلق الأمر بالاعتداء الجنسي على الأطفال، حيث نطالب كمجتمع مدني بتشديد العقوبة في هكذا قضايا دون تمتيع المتهم بظروف التخفيف.
وتعيدنا جريمة الجديدة التي غياب سياسة وطنية للتخييم ترقى إلى مصاف الاستراتيجيات والسياسات التربوية التي تجعل الطفولة والشباب في صلب التحول التنموي وفق مقاربة شمولية تعزز أدوار التنشئة الإجتماعية في بناء مجتمع منفتح ومتصالح مع ذاته، ويحمي الرأسمال البشري من جميع اشكال الاستغلال والتهميش والاقصاء
نعتقد أنه حان الوقت من أجل الوقوف سد منيع أمام مختلف الممارسات التي تحاول أن تمس بالتخييم ومؤسساته المدنية خذمة لأجندات استرزاقية ومرضية ضيقة وتستهداف التخييم كمؤسسة للتربية على القيم وحماية الطفولة.

مصطفيى الصليح المفوض الوطني للعلاقات العامة
لمنظمة كشافة سفراء السلام

من أجل تطوير ظهير الحريات العامة
الخاص بتأسيس الجمعيات

على إثر التداعيات التي رافقت انتشار فيديو مصور لرجل يمارس شدوده على قاصر بأحد شواطئ الجديدة، لرئيس جمعية رياضية في خرجة غير قانونية، تم فيها الخلط إعلاميا بين المخيمات وما قام به هذا الشخص الذي لا علاقة له تنظيميا وقانونيا بمنظومة المخيمات الصارمة تكوينا وقانونيا، وقفت منظمة كشافة سفراءالسلام بكل مكوناتها عند الحدث المؤسف والشنيع الذي اغتصب البراءة باسم نشاط خارج القوانين، لتقيم هذا الواقع المؤسف وتحذر أولياء الأمور من ضرورة التقصي و التمحيص قبل تسليم فلذات أكبادهم للمزيفين والمنحرفين تحت غطاء أسماء تدليسبة.
تستنكر المنظمة ما وقع و تتطلع إلى فتح نقاش وطني حول اختلالات العمل الجمعوي الذي لا علاقة له بالطفولة، و بقدر ما تندد بشدة بهذا السلوك الإجرامي فإنها تؤكد أن مثل هذه الأحداث الشاذة لن توثر على مصداقية العمل الجمعوي التربوي ولا على مسيرة الوزارة الوصية نحو التطهير والتجويد و على على القيمة المضافة الكبيرة للجامعة الوطنية للتخييم والنسيج في التأطير والإشراف والمصاحبة الميدانية
وحسنا فعلت الجامعة في إعلانها طرفا مدنيا في هذا الملف لتشديد العقوبة على هذا المنحرف، وسد الطريق على امثاله .
وهي مناسبة للترافع حول تطوير ضهير الحريات العامة الخاص بتأسيس الجمعيات والحد من الفوضى وتناسل الارتزاق، والعمل على تنظيم مجتمع مدني ذي مجال محدد و واضح.