رواية  «ذاكرة الرجال الأكثر سرية» : جائزة غونكور لكاتب من إفريقيا جنوب الصحراء، لأول مرة

بعد مرور قرن على فوز أول كاتب من أصول أفريقية سوداء بالجائزة الفرنسية العريقة «غونكور،» رينيه ماران الذي فاز عام 1921 عن رائعته «باتوالا، رواية زنجي حقيقي « منحت جائزة غونكور، أبرز المكافآت الأدبية الفرنسية، هذا الأسبوع، إلى السنغالي محمد مبوغار سار عن روايته «لا بلو سوكريت ميموار ديزوم» («ذاكرة الرجال الأكثر سر ية»)، فيما نالت الكاتبة البلجيكية الشهيرة أميلي نوتومب جائزة رينودو عن كتابها « الدم الأول».
والجدير بالذكر أن العمل الفائز نال أغلبية أصوات لجنة التحكيم منذ الدورة الأولى للتصويت، ومن دون انتظار الدورات الثلاث التي تعتمد عموماً. وبذلك أصبح السنغالي الشاب، البالغ 31 عاما، أول كاتب من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ينال جائزة غونكور. وهو فاز منذ الدورة الأولى للتصويت إثر نيله ستة أصوات، حسب ما أعلن الأمين العام للجنة غونكور فيليب كلوديل في مطعم «دروان» في باريس. كذلك أصبح الكاتب السنغالي الشاب، أصغر فائز بجائزة غونكور منذ سنة 1976.

نال محمد مبوغار سار هذه الجائزة عن كتابه الرابع الصادر هذا العام عن دار فيليب راي للنشر، والذي يروي قصة كاتب سنغالي سيئ الطالع مستوحاة من سيرة الكاتب المالي يامبو أولوغيم (1940-2017) الحائز جائزة رونودو سنة 1968.
تعتمد الرواية لعبة السرد المزدوج لتنقل مأساة كاتب، وقد اعتمد مبوغار في كتابتها تقنية الكتابة داخل الكتابة.
يجد قارئ رواية محمد مبوغار سار نفسه في عام 2018 وأمام بطل هو طالب سنغالي شاب يشبه الكاتب نفسه في نقاط متعددة. فيكتشف البطل تحفة أدبية تعود لعام 1938 ويقرر أن يتتبع سر حياة صاحبها. ومع الشهادات والتحقيقات والحبال التي تروح تترابط، يكتشف البطل رويداً رويداً معالم حياة الكاتب الغامض الذي نال جائزة فرنسية عريقة إنما اتهم من بعدها بالسرقة الأدبية، فدفع ثمن الجائزة غالياً وانسحب من عالم الأدب إلى الصمت القاطع مدة خمسين عاماً بعد أن عجز عن الدفاع عن نفسه.
بعد فوزه الساحق، يلتزم الكاتب المحتجب بالصمت وحتى يوم وفاته، وذلك بسبب اتهام الصحافة الفرنسية له بأن نصه منقول عن نصوص أخرى. ومع العودة إلى تاريخ الأدب، يكتشف القارئ أن هذه الرواية مستوحاة من قضية الكاتب المالي يامبو أولوغيم (1940- 2017) وهو روائي فاز بجائزة رونودو الفرنسية عام 1968 لكنه اتهم بعدها بالسرقة الأدبية، ما اضطره إلى الرحيل عن باريس والامتناع عن الكتابة، والتزام الصمت طيلة السنوات المتبقية من حياته هو الذي حاول الدفاع عن نفسه وتبرئة اسمه عبثا.
وفي تصريح لسار أكد أن «الأدب لا عمر له. يمكن أن نخوض غماره في سن مبكرة، أو في عمر 67 عاما أو 30 عاما أو 70 عاما وأن تكون لدينا رغم ذلك خبرة طويلة»، مضيفا في مقابلة أخرى أجريت معه بعد الإعلان عن فوزه مباشرة: «آمل ألا يكون سبب فوزي هو أنني أفريقي، وأرجو أن يكون النص هو الأساس خلف هذا الخيار. أشكر لجنة التحكيم على قرارها، لكنني لست غافلاً عن القضايا السياسية التي قد تكون وراء هذا الاختيار، وآمل أن يكون الأدب هو الدافع الأول وراء اختياري، الأدب الجميل والنبيل والخالد».
وصبت أصوات أخرى لسورج شالاندون عن كتابه «انفان دو سالو («ابن الوغد») والهايتي لوي فيليب دالامبير عن «ميلواكي بلوز». غير أن أي ا من أعضاء اللجنة لم يصو ت لكريستين أنغو مع كتابها «لو فوياج دان ليست» الذي فاز بجائزة «ميديسيس» الأسبوع الماضي.
وأشاد رئيس أكاديمية غونكور ديدييه دوكوان بالكتاب الفائز واصفا إياه بأنه «كتاب جميل جدا» و»نشيد أدبي»، مضيفا : «أحب الأدب عندما يشر ع لنا نوافذه. لقد قرأت الكتاب دفعة واحدة من دون توقف».
وشهدت جائزة غونكور هذا العام مواجهة بين داري نشر نافذتين معتادتين على الجوائز، «غراسيه» (مجموعة «هاشيت») و»فلاماريون» (مجموعة «مادريغال»)، إضافة إلى دارين مستقلتين صغيرتين وافدتين حديثا على المجال.
ويخلف محمد مبوغار سار بذلك إيرفيه لو تيلييه الذي نال جائزة غونكور العام الماضي عن كتابه «لانومالي» خلال مراسم أقيمت عبر الفيديو بسبب القيود المتصلة بجائحة كوفيد-19.
وتشرف على اختيار الفائز بجائزة غونكور لجنة مؤلفة من سبعة رجال وثلاث نساء. وينال الرابح شيكا بقيمة 10 يورو، لكن حصوله على اللقب يضمن له بيع مئات آلاف النسخ من كتابه. حتى أن مبيعات كتاب إيرفيه لو تيلييه الرابح العام الماضي تخطت مليون نسخة خلال أقل من عام.


بتاريخ : 09/11/2021