«رياح… التي ستأتي» جسد يطير ويمسك بالشعاع

1- كتبت نصوص « رياح … التي ستأتي « بين أواخر دجنبر 1975 ومارس 1976 بحماس واندفاع شاب ينسل من المراهقة، ويتعجل تسربه إلى حقل الشعر بلا ضفاف وبزاد بسيط. لقد كنت أكتب بحماس وغزارة في أجناس مختلفة .
2 – ولد كتاب « رياح … التي ستأتي « – قبل أن يزداد غسان كأخٍ أكبر له – عفويا وبدون سابق تخطيط، ولم أكن أعلم أن صدوره سيشكل حدثاً ثقافياً ويسجل في كرونولوجيا التأليف الزجلي بصفته أول ديوان زجلي معاصر، وكنت ما أزال في مرحلة الحبو في كتابة الشعر وفي داخلي هاتف يستعجلني بنشر الديوان.. إنها جسارة الشباب وطموحه أقحماني في مغامرة تأسيسية وأنا لا أعلم ما أنا فاعلٌ بهذه الرغبة الجامحة التي تقودني كالمنـوَّم بلا مشروع أو تصور أو انخراط في اختيار جمالي … العفوية من الروح البكر، طاقة تحول السذاجة والبساطة إلى جسد يطير ويمسك بالشعاع الذي يرتب له الطريق إلى عدن الكتابة التي ستتحول إلى جحيم عندما يجف ماء الكتابة ولو مؤقتا، وعندما تصبح العلاقة مع بياض الصفحة متوترة تصل إلى غواية أو حرب .
3 – قدمت إلى « رياح … التي ستأتي « متأثراً بنظرية الالتزام الشائعة وقتها، وآبائي من اللغة العربية في مجال الكتابة واشتغالاتها من تراث ما قبل انتشار الإسلام وعباسي وحديث ومعاصر مثل جبران والشابي والسياب والبياتي وخليل حاوي ، ولم يكن لي صلة نسب مع المنتوج المحلي في الكتابة غير صلة المعجب والمحب لتراث بلاده كالطبيب والمهندس والروائي والسينمائي والمواطن بصفة عامة .
4 – بحثت لديوان « رياح … التي ستأتي « عن مطبعة متواضعة – وكان الطبع لا يزال يتم بطريقة الترصيص – ولادراية لي بعالم الطبع لذلك صدر مثل كناش بغلاف للصديقة الفنانة لطيفة التجاني، وبلمسة خطوط بيضاء نازلة مائلة للفنان العراقي ضياء العزاوي .
وقبل صدوره كان الترقب يؤرقني، وكأني في حالة مخاض أعسر من مخاض الكتابة، أرق الانتظار حينئذ أحدّ من أرقٍ في انتظار كرم القصيدة .
5 – وبعد صدوره كانت فرحة به مولوداً ، بهجة وإحساس بالتفوق على الاسم الشخصي والصفة المهنية والنسب العائلي، فقد اعتقدت حينها أني لي اسماً آخر أكبر من اسمي وأني لست أستاذا فقط فقد أصبحت شاعراً وأني أصبحت أنتمي لأسرة الكتاب … كل ذلك بسبب النشوة ؟ ناسياً أني مازلت مبتدئاً لم ألج فضاء الشعر، بل لم أتجاوز الباب، وماذا تقول لمن أسكرته الفرحة ونسي حقيقة وضعه … المهم نلت بديوان « رياح … التي ستأتي « بطاقة العبور .
6 – لم أكن أعرف سبل التوزيع وقد احتضنته قطاعات شبابية وقامت ببيعه نضاليا في تضامن ومساندة لهذا الغريب الوافد على مجال المنشورات المسمى قيد ولادته « رياح… التي ستأتي « ، ودعمته الشبيبة الاتحادية ومجموعة من الجمعيات وتنظيمات طلابية .
7 – واحتفالاً بذكرى صدوره الأربعين صدر في طبعة ثانية من طرف بيت الشعر في المغرب سنة 2016.


الكاتب : أحمد لمسيح

  

بتاريخ : 18/12/2020