رَقصَةُ الأُورِيشَا

ـ 1 ـ
في الطّريقِ إلى جِبالِ الأَطْلس
هُناكَ ظِلالٌ للصّنَوبَر
كَيْ يَرتَدِيها العابِرونَ صَوبَ القِمَم
هُناكَ وُجوهٌ كَالعِشقِ
مُضادّةٌ للْأَكسَدة
يُمكِنُ أنْ تشُمّ مَساءَ هَذا الْيَوْم
في أَصَابِعهَا
رائِحةَ البَارُودِ القَدِيم
هُناكَ تَلَّةٌ ضَاحكَة
( بَعضُ الرّيَحان)
ثُمّ رَصاصٌ وجِذْع شَجرَة
تَحمِلُ قُلوباً في كَمِينٍ
في مَرمَى سِهامِ حُبٍّ بَالغ الْعُذرِيَّ.

ـ 2 ـ
فِي الطَّريقِ إِلَى جِبالِ الْأطلَس
أَرفَعُ طَاقِيتي لِشجَرة كُورُو
ولِصُقورِ أُوكُوسْت بْلانْكِي
لِلأَعلامِ الصّفْراء
غَيرَ أَنّهَا الْوحِيدَة الَّتِي رَقَصتْ ـ لَيْلاً ـ
فِي ظِلالِ الصَّنوْبَر.

ـ 3 ـ
هُناكَ شَعبٌ مِنْ أَيائِلِ الْكَارِيبُو
يَعْدُو بَعيدًا عَنْ أَعيُن الهِليكُوبْتر
بِعُيونٍ جَافَّة
وشَوارِب تَخْدشُ غُنْجَ القَمَر
هُنَا.. عَلَى مَنابِع مَبْكَى الْعَذارَى
ثَمّةَ مَنْ شَربَ مِنْ مَاءِ النَّهرِ الْكَبِير
ونَسيَ عَلَى حقْلِ الزَّعْترِ الْبرِّي
مَلابِسَ النَّايْلونِ الْعَسكَريَّة
شَيْءٌ مَا يُوشْوشُ كَالتُّهمَة فِي أُذُنيَّ
شَيْءٌ بِألْفِ قَدمٍ
بَيْنَ ظِلالِ الصّنَوْبَر

ـ 4 ـ
فِي الطَّرِيقِ إِلَى جِبالِ الْأَطْلَس
هُنَاكَ بين شِعَاعِ العَناكِبِ
شَمعٌ أَحمَر عَلَى أَفْوَاهِ الْجِنرَالاَت
فَيمَا يَبْكِي أَمَالُو
فِي الْجِدَارِ المُقابِل
مَزِيدًا مِنَ الِحَصَى
مَزِيدًا مِنَ الثَّلِجِ
مَزِيدًا مِنَ الْحُبِّ وَالرّصَاص
أَيَّتُها الْأُمَّهاتُ فِي قَشِيبِ الْإِجَّاص
لَمْ أَعُدْ أَرَى ذُؤْبَانَ أَرُوكُّو
بَيْنَ ظِلَالِ الصَّنَوْبَر

ـ 5 ـ
« أَنَا أَيْضَا أُغَنِّي جِبَالَ الْأَطْلَسِ «
بِدُمُوعِ مِلْحٍ حَجَرِيّ.. بِأَحْدَاقٍ غَائِمَة
بِدَمٍ عَاصِف
بِأَعْصَابٍ شَائِكَة
فَأُمِّي كَانَتْ هُنَاكَ خَلْفَ قَطِيعٍ عَائِدٍ
إِلَى وِيوَانْ
وَكَاَنتْ بِنَايِ الْخَيْزُرَان
تَرْقُصُ الْأُورِيشَا
فِي عُرْسٍ بِلَا مَدْعُوِّين
وَتَأْخُذُ كُرْسِيًّا غَيْر كَهْربَائيّ
وَسَطَ الْكُورَالِ
تُفكِّرُ فيِ نَسْجِ زَغارِيدَ لِلشَّمْسِ
الَّتِي تَزُفُّهَا الْقَبَائِلُ مَسَاءَ الْغَدِ
بَيْنَ ظِلَالِ الصّنَوْبر.

ـ 6 ـ
غَرِيبٌ وَجْهُ هَذِهِ الْقُرُنْفُلَةِ الْجَدِيدَة
يَا أُمِّي
غَرٍيبٌ قَفَاهَا
وَالْيَدُ الَّتِي تَمْتَدُّ مِنْ بَعِيد
مِنْ كِتَابٍ حَدِيثٍ
أَصفَر الْكَلمَات
مِنْ رِفَافٍ بَارِدَة
مِنْ قِرَابِ رَاعٍ فِي الْمَنْفَى الثَّلْجِيّ
هِيَ الْأُخْرَى غَرِيبَة
« أَنَا أَيْضًا أُغَنِّي جِبَالَ الْأَطْلَسِ «
وَأَرْقُصُ الْأُورِيشَا
هُنَا بَيْنَ ظِلَالِ الصَّنَوْبَر


الكاتب : الحبيب اعزيزي

  

بتاريخ : 22/07/2022