زمنٌ سائل

آنَ لهذا «الشّيخِ أن يعودَ إلى صِباهُ»
فرِحاً بما لديْه من مطرٍ
وسُروجٍ، وضحْكاتٍ
حاضنا أمّهُ
وصبايا الْحيّ المسْرعاتِ إلى نضجِهنّ
حذِراً من بسمةِ أمّهِ
ونداءِ أمّهِ، حين تُطلّ الصّغْرى
من كدْمةٍ زرْقاءَ تحت اللسانِ
آنَ له أن يَرْقُبَ عوْدَ أبيهِ
من أَساطيرِ السّلالاتِ الخرْساءِ
مُحمّلا بالنّدى، والكائناتِ الصّغيرةِ
ويهتفَ، حين يخْدشُ الورْدُ كفّهُ
هذا الذي غمسَ الْموجَ
في كهوفِ الْملحِ، والْماءِ
وصانَ النّشيدَ بالنّشيدِ، أبي
هذا الذي أخْرجَ الرّحّلَ
من أدْخنةِ الْبحارِ بِنفْثة من صدرهِ
ومدّ قاماتِ البدوِ
إلى أعالى النّهارِ، أبي
وأنا الْولدُ الحافظُ نايَ الْقبيلةِ
من قلقِ الجنديّ الذي
تحاشى الْقذيفةَ، والبلادَ
ومن أخْيلةِ الصّحابِ الْعابرينَ فَوْرَةَ الْغبارِ
وأنا الْولدُ الحافظُ أنْفاسَ المغْسولينَ
برائحةِ الْحرْثِ، و الْبارودِ
أنا الذي نجّيتُهُ من خدرِ اللغاتِ الْخفيةِ
والرّعافِ الدّافقِ من أحْزمةِ الأولينَ
فأنْسانِي حنينَ الْحَمامِ إلى شَكاوى الْبناتِ
وما تفعلهُ الْبناتُ بِريشِ الْحَمامِ!
آنَ لهُ أن يمرّ بِحانةٍ صغيرةٍ
وشهقةِ امْرأةٍ في نهارٍ مشْمسٍ
وأن ينامَ الليلُ بين ساقيْهِ
مثل كلْبِ صيْدٍ حذِرٍ
من صفيرِ الرّيحِ بينَ الْجدْرانِ
وأن يكْبرَ الوردُ بين يديْهِ
وتكبرَ في كفّيْ صغيرتهِ
شُجيرةُ رُمّانٍ، وحدائقُ أسماكٍ
آنَ لهُ أن يمْضيَ من تعبٍ إلى قلقٍ جديدٍ
مكْسوا ببَرْدِ الأقاصي، وألْفةِ الْغبار
ضجِراً من عبثِ النّدى بِحوافِ التّلالِ
والْمواويلِ الْمنْقوشةِ على حَصى الْعواصمِ
بالدّمِ، واللهاثِ
دعوهُ يسيرُ منْ حافةٍ إلى حافةٍ
ومنْ هاويةٍ إلى أخْرى
إنّه كانَ مشّاءً يقِظاً
وحمّالَ أدْخنةٍ، وعواصِف
دعوهُ وحيداً في بَراري الْمدنِ الخرْساءِ
آنَ لهُ أن يَصيدَ آخرَ الذّئابِ !


الكاتب : فتح الله بوعزة

  

بتاريخ : 07/01/2022