سفيان المبرع،شاب مقعد،نجا بأعجوبة من حريق المحمدية ل«الاتحاد الاشتراكي»: عدت من الجحيم وأحيي التدخل البطولي لرجال الوقاية المدنية

شهدت مدينة المحمدية يوم الخميس 22 دجنبر الماضي، حريقا مهولا  بأحد مستودعات تخزين الغاز يوجد قرب ميناء المدينة، وتحيط به بعض المنازل يقطن بها مجموعة من الأسر.
في أحد تلك المنازل،يقطن ويعيش سفيان المبرع، 33 سنة، مقعدا يعتمد على كرسي متحرك في تنقلاته.
لهذا الشاب حكاية مع ذلك الحريق الذي يتذكره سكان المنطقة والذعر مازال يخيم على نفوسهم.
في ذلك المساء الذي شهد الكارثة يقول سفيان المبرع:
« وجدت نفسي وحيدا بعد أن غادر أفراد أسرتي البيت من أجل قضاء بعض الحاجيات، كان الباب مغلقا،كما تعود أفراد أسرتي أن يفعلوا عندما يغادرون المنزل ويتركوني لعدم قدرتي على مرافقتهم وعدم قدرتي على التحرك، ولحظات مرت وأنا منهمك في بعض الأعمال على الحاسوب،إذا بروائح الغاز تقتحم جدران البيت،لم أعر الأمر أي اهتمام علما أننا في منطقة «لافاليز» حيث نقطن، تعودنا على مثل هذه الروائح التي تنبعث من مستودعات التخزين التي تحيط بالحي حيث نعيش. دقائق قصيرة بعد ذلك،سمعت أصوات الناس تتعالى وتصرخ تنبه السكان بالفرار وبمغادرة المنازل، ثم شممت رائحة النيران وبعدها انطلقت انفجارات متكررة، لم أدرك حينها ماذا وقع وماذا حدث،كنت وحيدا وباب المنزل مغلق ولم تكن هناك أي إمكانية أمامي لاكتشاف ما كان يحدث خصوصا أنني لا أستطيع المشي ونافذة البيت عالية.
لحظات مرت، بل هو زمن وقد توقف بالنسبة لي لم أكن أعرف فيه ما يحدث، لم أعد أسمع أي صوت للناس، سكون غريب زاده لبسا انقطاع التيار الكهربائي، وحدها أصوات الانفجارات وتطاير شظايا النيران التي بدأت تصل لسطح بيتنا المغطى بغطاء بلاستيكي، أدركت حينها أن هناك خطر حقيقي بدأ يقترب مني،وأنه لا محالة هي النهاية خاصة بعد أن بدأ صدري يتأثر من كثرة دخان النيران المتسربة للبيت، وتساقط كرات من النار على الغطاء البلاستيكي الذي يكاد يغطي جزء من منزلنا. وأنا أتلو الشهادتين استعدادا للنهاية التي كانت تبدو لي جد وشيكة وقريبة،إذا بالباب يفتح ويدخل رجلان عرفت من اللباس الذي كانا يرتديانه أنهما رجلي إنقاذ وكانت ترافقهما شقيقتي.
كانا بالنسبة لي في تلك اللحظة وأنا وسط الخطر الحقيقي الذي يهددني مثل ملائكة الرحمان.. أرادا حملي،لكني اخترت التحرك بواسطة كرسيي الإلكتروني، إلا أنني وفي منتصف الطريق، ورجلا الوقاية المدنية يركضان ويطلبان مني الإسراع لكون خطر الانفجارات كان مايزال قائما والنيران تلتهم المسافات،توقف الكرسي عن الحركة بسبب حفرة نابتة مثلها مثل الكثير من الحفر وسط الطريق. تعطل الكرسي فإذا برجلي الإنقاذ يرفعاني فوق كتفيهما وينطلقا مسرعين في الركض.
تجاوزنا منطقة الخطر حيث استقبلنا المسؤول الأول بالمحمدية عن الوقاية المدنية،وبعد أن اطمأن على حالتي الصحية وسألني هل أحتاج إلى تدخل طبي، سألني عن الوجهة التي أريد أن أنتقل إليها.. وبواسطة سيارة الإسعاف التابعة للوقاية المدنية، توجهت وبرفقتي أختي إلى منطقة بني يخلف حيث التحقنا بعائلتنا هناك.
مرت أيام بعد الحادث،عدنا للبيت والتيار الكهربائي مقطوع،وتجهيزاتي الإلكترونية من حاسوب وغيره قد خربت وضاعت مني وهي التي كنت أعتمد عليها للعمل ولتوفير رزقي، الحمد لله،عاد التيار الكهربائي أول أمس السبت للمنطقة، ولم يعد حاسوبي ولا تجهيزاتي الإلكترونية.»
من جهته، أوضح إسماعيل بواليعقوبي القائد الجهوي للوقاية المدنية بالمحمدية، أن عملية إنقاذ الشاب سفيان المبرع، انتهت بنجاح والأمر يعتبر بالنسبة للمسؤول الأول عن الوقاية المدنية بالمحمدية،واجبا كغيره من واجبات رجال الوقاية المدنية.
وعن تفاصيل عملية الإنقاذ،أوضح :
«التحقنا بمنطقة الحادث مباشرة بعد أن وصل إلى علمنا خبر اندلاع الحريق. في عين المكان، لاحظنا أن الحريق كان فعلا مهولا وتسبب في موجة من الهلع والخوف في صفوف المواطنين والساكنة الذين تخوفت بسبب حدة الغاز وقوة النيران المتصاعدة .عزلنا كل المساحة ووضعنا حواجز حتى نبعد السكان والمتجمهرين، انطلقت مجموعة من العناصر صوب المكان الذي تندلع فيه النيران في محاولة إخمادها،بينما توجهت مجموعة أخرى صوب المنازل من أجل مساعدة السكان على المغادرة والابتعاد عن منطقة الخطر. لم ينتبه أي أحد لوجود الشاب سفيان بسبب أن باب منزله كان مغلقا وبسبب وضعه الصحي كشاب كسيح لم يكن بإمكانه التحرك. وفي لحظة،التفت إلى صراخ إحدى السيدات، توجهت نحوها أسألها عن الأمر لتخبرني بوجود شقيقها وحيدا في البيت، فكان التدخل والحمد لله تم إنقاذ الشاب والأمر فعلا لا يحتاج إلى شكر أو تنويه لأنه من صلب واجبنا وعملنا.»
الشاب سفيان المبرع يحكي عن حياته الشخصية ويقول أنه أصيب بأحد الأمراض وعمره لم يكن يتجاوز خمس سنوات،نتج عنه شلل جعله مقعدا لا يستطيع المشي أو السير. لم يذهب إلى المدرسة أبدا،لكن والدته علمته القراءة والكتابة،وعندما بلغ سن الرشد،نجح في تعلم اللغة الإنجليزية وأصبح يلقن اللغة العربية عن بعد، لمواطنين من الخارج من الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية.
ولم يفته توجيه كل التنويه لرجال الوقاية المدنية.
هؤلاء الرجال الذين هم في أمس الحاجة اليوم، للتذكير، إلى الالتفات لأوضاعهم وتحسينها بشكل يوازي قيمة الخدمات التي يقدمونها والتضحيات الجسيمة التي يبذلونها خلال ساعات العمل.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 09/01/2023