عائلات في بوزنيقة تبيع أثاث بيوتها بحثا عن مال لاقتناء خروف العيد؟

من سنّة مقرونة بالقدرة إلى «ضرورة اجتماعية»

 

تسابق العديد من العائلات الزمن بحثا عن حلّ من الحلول الذي يمكّنها من الحصول على خروف العيد لكي تطبع ابتسامة وفرحة على قسمات وجوه وقلوب أطفالها، حتى وإن كانت سعادة مؤقتة وعابرة سرعان ما ستذهب بذهاب أيام عيد الأضحى مقابل بقاء تبعاته المادية والاجتماعية، بالنسبة للأسر الفقيرة والمعوزة، التي وبسبب عدم قدرتها على شراء الخروف قد تتجه لبيع ما تملكه بشكل يفاقم من معاناتها.
حلّ مؤقت يؤدي إلى مشاكل أكبر، لكن ورغم ذلك فإن عددا من الأسر بمدينة بوزنيقة نموذجا، قررت إخراج الأثاث والأفرشة من بيوتها، من أجل بيعها وتدبر مبلغ مالي قد يسعفها في إيجاد خروف تدخله هي أيضا وعلى غرار أسر أخرى إلى الحي والمنزل أمام أبناء الجيران، لكي لا تتحدث الألسن وتشير الأصابع وتنظر الأعين إلى أطفالهم بشكل يوحي بالدونية والتنقيص.
تفكير حوّل سُنّة عيد الأضحى إلى «ضرورة اجتماعية» وفقا لتفكير مجموعة من الأسر، التي ورغم معاناتها وفقرها إلا أنها تبحث بكل الوسائل لكي تكون هي الأخرى ضمن لائحة «المعيّدين»، البعض يتذرع بالأطفال، والبعض الآخر يتحدث صراحة عن كونه لا يقبل بأن يبقى بدون خروف، فتتعدد التعاليق التي استقتها «الاتحاد الاشتراكي» من أشخاص من مختلف الأعمار ومن الجنسين ببوزنيقة بهذه المناسبة، لكنها تُجمع على أن المناسبة تفرض طقوسا خاصة، تجعل من لا يحصلون على خروف يعيشون ألما كبيرا بفعل إحساسهم بأنهم استثناء وسط من يحيطون بهم!
ويأتي عيد الأضحى لهذه السنة في ظل ظرفية جد صعبة تعرف ارتفاعا في الأسعار وموجة غلاء شملت كل المواد والأساسيات وطالت كذلك أسعار الخرفان والأكباش، وهو ما جعل الأسر المغربية بشكل عام تعيش ضغوطا كبيرة، لا تدري كيف توفر مصاريف العيد، سواء تعلّق الأمر بالأضاحي أو بباقي المستلزمات الأخرى، لأن الأمر يتعلق بميزانية مهمة، جعلت الأسر الفقيرة والمتوسطة تحت الضغط. واستقت «الاتحاد الاشتراكي» عددا من التصريحات المؤلمة من بوزنيقة المرتبطة بظرفية العيد، حيث أكد أحد المواطنين «رشيد» في هذا الإطار «رفضه للطقوس التي باتت ملتصقة بعيد الأضحى، مشددا على أن حالة التفاخر والتباهي تزيد من معاناة الفقراء وتوسّع الهوة بين الأسر». ونبّه آخر «حميد» إلى أن « الأمور المادية أصبحت هي التي تحدد المكانة الاجتماعية وتم إغفال أبعاد هذه السنة وأهدافها وفضل الأيام المباركة التي تعيشها».
وفي السياق ذاته دعت مواطنة «جميلة» إلى « البحث عن كل السبل التي تمكّن من إسعاد الغير خاصة في مناسبة مماثلة». أما «فاطمة» فقد تحدثت بلسان المحتاجين قائلة « أبلغ من العمر 44 سنة، مطلّقة، أعيل أسرتي مما أحصل عليه من أجر نظير عملي في قطاع النظافة، وهو ما لا يمكّنني من اقتناء خروف العيد، خاصة في ظل المصاريف التي تتطلبها الوضعية الصحية لشقيقتي الصغرى التي تعاني من إعاقة»، مضيفة «في بعض الأحيان أفكر أن أذهب أنا وعائلتي إلى الغابة حتى لا ننظر إلى أضاحي الجيران».
تعليقات تبين النظرة المختلفة التي ينظر بها كل واحد إلى مناسبة عيد الأضحى، خاصة في ظل وضعية اجتماعية واقتصادية تتميز بالصعوبة والتي ترخي بظلالها على المواطنين كافة، وهو ما يجعل من هذه المناسبات لحظة لتعميق آلام الكثير من الأسر، في ظل استمرار نظرات وتعاليق تسيء للغير عوض أن تكون بلسما للجراح.

* صحفية متدربة


الكاتب : وفاء الرشقي *

  

بتاريخ : 27/06/2023