عبد الكريم الأزهر يطيل «النظر في الوجه العزيز»

معرض يشتغل على تعالق القصة والتشكيل

يعرض الفنان التشكيلي الكبير وأحد أعمدة الفن التشكيلي في المغرب، عبد الكريم الأزهر، ابتداء من 29 من فبراير في الساعة السادسة وإلى غاية 30 من مارس المقبل، آخر أعماله التشكيلية، بالمركز الثقافي إكليل بمدينة طنجة.
المعرض المقام تحت عنوان «النظر في الوجه العزيز»، هو مشروع فني بصري فريد من نوعه يجسد التعالق الفني ما بين القصة والتشكيل..
عن هذا التعالق يقول شيخ القصة أحمد بوزفور، الذي يستعير المعرض عنوان أحد أعماله القصصية «النظر في الوجه العزيز»:
« تستفيد القصة من التشكيل في تعالُق أجزاء العمل بعضها ببعض، وفي انتقال الدلالة من الخشبة إلى الكواليس. ففي كلا الفنين: التشكيل والقصة، يعتمد البناء الكلي للعمل على كل جزء فيه. وفي القصة واللوحة معا، لا يبحث القارئ عن المعنى في الألفاظ أو الألوان المعروضة، بل يبحث عن المعنى في نفسه بعد انتهاء العرض. المعنى في القصة واللوحة معا هو الأثر. لماذا؟ لا أعرف بالنسبة إلى التشكيل، أما بالنسبة إلى القصة فيبدو لي أن المعنى هو الأثر. لأن الكاتب لا يكتب ما يعرف، بل يكتب ما يحس. لو كتب ما يعرف لوضع المعنى في الألفاظ كما يضعه الناقد والباحث والخطيب والصحفي.لكنه يكتب ما يحس، وما يكتبه في النهاية هو أثر الإحساس في نفسه. ومادام الكاتب يكتب أثرا، فلا يمكن للقارئ أن يقرأ إلا أثرا. والأثر إحساس لا معرفة، وقارئ القصة الجيدة يتأثر أكثر مما يفهم.
ربما كانت النقطة التي تختلف فيها القصة عن التشكيل هي مادة العمل. الفنان يذهب إلى المتجر ويختار مواده. وإذا لم يعجبه ما وجد، يستطيع أن يُصَنِّع مادته في مختبره الخاص. وذلك كله يعطيه حريةً في العمل لا يتمتع بها الكاتب، لأن الكاتب لا يشتري مادته في «مِيكَتِها» من متجر خاص، بل يذهب إلى «لَافِرَايْ» ويأخذ مادة قد استعملت من قبل ملايين المرات. ثم إنه لا يستطيع غسلها، ولا يستطيع إفراغها من محتوياتها. عليه أن يستعملها كما هي، رثة وأرملة، وبحمولتها الثقيلة للتعبير عن إحساس جديد وخاص. إنه يحتاج لكي ينجح إلى سحر. وذلك السحر نسميه في اللغة، التركيب، أي أنه يستعمل أجزاء قديمة ليركب بها كلّا جديداً. أليس هذا التركيب نوعاً من التشكيل؟ بَلى، لكنه تشكيل غريب».
أما الناقد التشكيلي رشيد الحاحي، فيقول:
«تأويل المحكي، وتجسيد الشخوص، وترجمة الوقائع، وتشكيل القصصي، والانتقال من المكتوب والمقروء إلى المرئي، والاشتغال على تداخل الأجناس وتبادلية الإبداع، والقبض على إيحاءات العمق الأنطولوجي لحوار التشكيلي والقصصي، تلك مستويات متعددة في إبداع العلاقة وترجمة المجاورة.
ويضيف الحاحي أن معرض «النظر في الوجه العزيز»، هو دعوة للنظر والتأمل بطرح السؤال عن ماهية هذه الوجوه، وكيف تم حوار الأزهر وبوزفور من خلال هذه التجربة الإبداعية التي أخصبت ممكنات الحوار والتجاور والتكامل بين المقروء والمرئي، وبين المحكي والصباغي».ف»الأزهر لا يرى حدودا بين الأجناس الفنية والتعبيرية، والتشكيل بالنسبة إليه ضرب من الأدب، كما سبق أن قال، ولعل القصة بالنسبة لبوزفور ضرب من التشكيل أيضا، وهذا ما يتأكد من قوله بأن كتابة القصة تصميم للرقصات، والتصميم تشكيل. وما يهم أكثر في هذا التداخل والحوار وامتدادات المجاورة، ليس هو اللغة والتقنيات وأشكال التعبير التي تحفظ لكل جنس فيزيولوجيته ومورفولوجيته اللغوية، ومن ثم بلاغته ونسقه السيميائي والجمالي، بل الأهم هو لذة النص التي يفضي إليها، سواء كان مكتوبا أو مرسوما، مسموعا أو مرئيا، محكيا أو مصورا…»
ينطلق برنامج المعرض في الساعة الخامسة مساء بلقاء مع الفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر من تسيير الناقد والشاعر عبد اللطيف الوراري، ثم عرض قراءة مسجلة حول القصة والتشكيل لعميد القصة أحمد بوزفور، مع تقديم شريط قصير حول تجربة عبد الكريم الأزهر من إعداد الناقد والتشكيلي إبراهيم الحيسن.


بتاريخ : 27/02/2024