مشروع قانون مالية 2024 يتضمن مستجدا ضريبيا يعترض طريق تحقيق السيادة الدوائية

عبد المجيد بلعيش: الخطوة ستخدم المستوردين وستضر بالمصنّعين المحليين رغم أثرها النسبي على المواطنين

نبّه فاعلون في المجال الدوائي إلى أن الإجراء الضريبي الذي جاء به مشروع قانون مالية سنة 2024 من شأنه الحيلولة دون تحقيق السيادة الدوائية التي تنشدها بلادنا والتي جعلت منها تحديا صحيا بعد جائحة كوفيد، مشددين على أن توسيع نطاق الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة ليشمل جميع الأدوية والمواد الأولية الداخلة في تركيبها وكذا اللفائف غير المرجعة للمنتجات الصيدلية، هو خطوة تخدم الشركات المستوردة للأدوية لا المصنّعة محلّيا، بالنظر إلى أن إجراء من هذا القبيل لا تواكبه إجراءات ضريبية أخرى تهم باقي المعاملات المالية ذات الصلة بمراحل صنع الدواء التي تخضع للضريبة عن القيمة المضافة.
وتعليقا على هذا المستجد الذي تضمنه مشروع قانون مالية سنة 2024، أكد عبد المجيد بلعيش، الخبير في اقتصاد الأدوية، في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن تمكين المواطنين من الولوج إلى الدواء بشكل سلس وبعيدا عن كل الإكراهات المادية التي قد تحول دون تحقيق العلاج وبالتالي تؤدي إلى حرمان المريض من حق دستوري وهو الحق في الصحة، يعتبر أمرا أساسيا وضروريا ويجب الانكباب على أجرأته وتنزيله بشكل جماعي من لدن كل المعنيين بالمنظومة الصحية بشكل عام والدوائية بشكل خاص، خاصة وأن هناك العديد من الأدوية المكلّفة التي يجب بذل جهود من أجل التعويض عن مصاريفها حتى يتسنى تخفيف الثقل الصحي والمادي عن المرضى.
وشدّد محلل الأسواق الدوائية في تصريحه للجريدة على أن المستجد الذي ورد في مشروع قانون مالية سنة 2024، وإن كان ظاهره يسعى لتمكين المواطن من الدواء بسعر أقل مما كان عليه في السابق، بعد الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، إلا أنه لن يحقق الشيء الكثير في ظل استمرار العمل بالمرسوم رقم 2.13.852 المتعلق بشروط وكيفيات تحديد سعر بيع الأدوية المصنعة محليا أو المستوردة للعموم، والذي تضمن فقرة في المادة الرابعة تشير إلى أنه بالنسبة للأدوية المستوردة تضاف إلى سعر المصنع دون احتساب الرسوم نسبة 10 في المئة تشمل هامش ربح المستورد ومصاريف الإيصال والرسوم الجمركية، وهو ما يعني حسب الخبير الدوائي، وصول الدواء إلى يد المريض بسعر أكبر، والحال أنه في إطار العلاقة الثنائية بين المصنّع خارج المغرب والمستورد، كان الاتفاق على التقليص من هامش ربح المصنّع بنسبة 20 في المئة من الثمن الأصلي للدواء، التي تضمن ربح المستورد، وتمكّن من صرف الدواء للمرضى دون الرفع من سعره.
وأبرز بلعيش لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن ما جاء في مشروع قانون مالية سنة 2024 سيخدم المستوردين بشكل كبير، في حين سيضر بالمصنّعين المحليين، الذي سيستمرون في العمل بالمسار الضريبي المعتاد، في إطار سلسلة التصنيع، في علاقة بكل المتدخلين الذين سيتقاضون تعويضاتهم باعتماد الضريبة على القيمة المضافة، سواء تعلق الأمر بسلسة المراقبة أو الجودة أو غيرها، فضلا عن الكلفة التي سترتفع من خلال ما ورد من مستجدات ضريبية في نفس المشروع، من قبيل مطابقة سعر الضريبة على القيمة المضافة المطبق على الطاقة الكهربائية بالانتقال من 14 على 16 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024، ونفس الأمر بالنسبة للماء وخدمات التطهير، وكذا ما يخص الطاقة الكهربائية ذات المصادر المتجددة، والسكر، هذا الأخير الذي يدخل ضمن المواد التي يتم استعمالها في الصناعة الدوائية، وهي كلها عوامل ستزيد من إثقال كاهل المصنّع المحلي.
وشدد الخبير الدوائي على أن كل هذه العوامل المشار إليها، والتي يمكن تصنيفها ضمن خانة الإكراهات، لا تتماشى والرؤية التي أكدتها الدولة بخصوص تحقيق سيادة دوائية ومن خلالها سيادة صحية، لأن عملية التصنيع ستعترضها إكراهات مادية ثقيلة، ستنضاف إلى الأعباء السابقة، التي ظلت تعتريها صعوبات من أجل تسويتها، دون الحديث عما يعترض سبيل تطوير استهلاك الأدوية الجنيسة، وهو ما يتطلب تعاطيا جادا، لتحقيق التوازن المطلوب، والمساهمة الجماعية في تطوير السوق الدوائية المغربية، التي عرفت تطورا في فترات معينة لكنها عادت للنكوص لاحقا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 26/10/2023