عصافير ضوء

آثار

المشهد كان حريقًا ورمادا وغيوم دخان،
من أدنى مبنى حتى أقصى أبواب الميدان
مذ بدأ العدوان بألوانٍ
لا حدّ لها ، غطَّى أعين من كانوا اندفعوا،
في جَرِيٍ، أو من عبروا دون سباقٍ
حتى انتشرت أشلاء مِنِ كل الأعمار تسُدُّ فضاءَ
حتى فَــقَد الكَوْنُ الرؤيا،
وانسدَّتْ أسماعٌ عما ارْتجَّ حواليها، واخْتضَّ النبض
لم يعد القلب يعي شيئا حين توارت خلف ستور غبار
أشلاء طائرة ثمَّ تعود برعب الموتى ومخافة أن يصدر
عنهم شيء من رجع صراخهمُ فوق الأرض
وعلى مرمى من أقدام كانت تعبر،
كانت بسمة طفل هامدة فوق ثرى
وعلى بعد غير كثيرٍ وجهُ عجوزٍ لَصْقَ جِدارْ
وهنالك بينهما ثغرات من حفر النار
ومحلَّ الضَّحكة من وجه فتىً دون الحِلمْ
لونُ الرُّعبِ وخَيْطُ دَمٍ ونجيعٌ حارّْ
وعلى مرمى مما كنت أشاهد هرّْ
لم تخطئه ألسنةٌ لم تعرف بلاغة محو وفصاحة نيران
حين امتدَّت في الأجواء يد العدوان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10 /10 / 2023

أنقاضٌ

نبضةً نبضةً،
قد جرى ما جرى من سيول دمٍ
قد تدانت إلى القاع دون بنىً،
تحجب الشمس أنقاضها في امتدادٍ
وتعلو على ما ترى العين بين انفجار
وما احمرُّ مرتميا هاهنا وهناك
إذا ينطق الموت في غيبة من كلام بأصوات نار
وحديث جحيم على الأرضِ
يدعو لها مشعلَ الأرضِ ، شيطانَ قوَّتِها،
بكواسرَ جوٍّ ، وما أجّجَ البَحْرَ:
هذي يدي ويد الموت كانت إلى جانبي
هل أرى من يردِّدُ صوتًا، و من يملك الردّ،
ليسَ يَصُدُّ قُوَىً في يدَيْ صاحبي
أو يكونَ اندحاري.
ــــــــــــــــــــ
18 / 10 / 2023

عصافير ضوء

مِنْ عُلُوّ قريب
أدارت له طلعة الصبح في ساحةٍ ظهرها تحت ضوء انفجار
فتاق إلى ألَقِ القدس مندفعًا
مثل من لم تخُضَّ جناحيه أمنيةٌ ذات وقتٍ،
لينجاب منها بكل قوى ظلماتٍ
فكان اندلاع منارات ذات ضحى لا يتذكره ُحين رفرفَ حلْمُ نهارٍ،
كأن لم لم يكُن عاش بين يدِ القهر ،
إذ رجَّهُ حين كانت جحيمٌ تغالبُهُ،
وليس له غير تنفيذ أمْرٍ أتت بروايته حكمة الأنبياء،
ولا يدري ما وجهةُ الهاربين.
***
الحضيض الذي صار يمشي عليه، هوى أسفل السافلين،
تحت أنقاض ما فجر الأشقياء البغاة
فلم يَرْضَ رغم جرائم أجيال هذي الحروبٍ الحرون
التي يتشتت في نارها خير ما سطّرَ المبدعون
وتَسَتَّرَ خلف وميض نياشينها المجرمون
وأطيح بما رفع الحبُّ فيها
لينتصر البغيُ إثر اشتعال عيون
فلا لونها اهتزّ من هادِرٍ رَجَّ ساحاتها في جنون
إذ تُبَعْثرُ خلف عصافير في الجوِّ أشلاءَ أطفالنا دون رعْشِ أنينْ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20 / 10 / 2023


الكاتب : أحمد بنميمون

  

بتاريخ : 27/10/2023