عودة موسيقى الشارع لتؤثث فضاء حي تالبرجت بأكادير وتفتح موسم المشهد الفني بعد جائحة كورونا

فكرة إبداعية مميزة ابتكرها فاعلون مدنيون واحتضنتها لثلاثة أيام ساحة تامري بحي تالبرجت بأكادير،ما بين 27 و29 ماي 2022،بغاية إنعاش ذاكرة هذه الساحة الفرجوية والفنية والسياحية.
وما كانت هذه الفكرة أن تتحقق لولا مجهودات وإرادات ثلة من الفاعلين المدنيين من مختلف الأجيال التي التأمت لتسهرعلى تنظيم مهرجان استثنائي في كل شيء أطلقت عليه بالأمازيغية إسم(تالويكند)أي نهاية الأسبوع،لإعادة الإعتبار لهذه الساحة الموجودة بقلب حي تالبرجت العريق والتي كانت بالأمس القريب ملتقى ومحجا للثقافة والفن والسياحة…
وحسب شهادات أجيال مختلفة من أبناء هذا الحي العريق بأكَادير،فقد بصمت هذه الساحة منذ أزيد من أربعة عقود على حضور مميز لعدد من الفنانين والموسيقيين العالميين الذين زاروا مدينة أكَادير،منذ السبعينات من القرن الماضي،كما كانت محجا للعدد كبيرمن الزوار المغاربة والسياح الأجانب من مختلف الجنسيات والثقافات.
وبنجاح هذه التظاهرة الفنية تكون هذه الثلة الطموحة والمجتهدة قد كسبت رهانها من خلال تنظيم مهرجان ذي طقس فني وموسيقي مفتوحين على الجمهور،أشبه بحلقة جامع الفنا أو مسرح الشارع.
كما بلغت هذه الفكرة المبتكرة والمميزة هدفها الأساس من أجل إنعاش الذاكرة الجماعية من جهة وبث الحياة من جديد في هذه الساحة خاصة وحي تالبرجت عامة من جهة ثانية،من خلال خلق ورش إبداعي مفتوح وجذاب بمواصفات حفرية وثقافية للبعث الأمل و الإبتسامة من جديد.
وكانت منطلق الجهة المنظمة لهذا المهرجان هوإنعاش الفن والموسيقى والفرجة والسياحة وإزالة القتامة والحزن على هذه الساحة وعلى وجوه ساكنتها على حد سواء،وإزالة ما تسرب إلى النفوس من قلق نفسي ووجودي من جراء تداعيات جائحة كورونا التي فرضت قسرا ولمدة سنتين حصارا شاملا على الفرجة والإبتسامة تحت ضغط حالة الطوارئ الصحية.
ويمكن القول إن هذا المهرجان الفني احتضنه بعشق وحب عشاق الفن والتشكيل والموسيقى والمسرح والرياضة من كل الإتجاهات والحساسيات،وهذا ما تأكد من خلال التفاعل الإيجابي لعدد من رواد مواقع التواصل الإجتماعي وصفحات الفايسبوك مع الفكرة إيمانا منهم أن الجهة المنظمة لهذا النشاط الفني والثقافي في بساطته وقلة موارده المالية،عرف إقبالا كبيرا ونجاحا ملفتا للنظر.
خاصة أن تلك الجهة سبق لها أن نظمت قبل جائحة كورونا مهرجانا موسيقيا أطلقت عليه “تالكيتارت”الذي لقي هو الآخر إقبالا شديدا لأنه كان مهرجانا مختلفا ومفتوحا من حيث المحتوى والشكل،كان مهرجانا شبابيا بامتيازعبارة عن منصات مفتوحة على جمهوره الراجلين وزبناء المقاهي على طول شارع حي تالبرجت،مما خلق الحدث وأنعش الحركة التجارية بهذا الحي العريق.
تالويكاند أو تالبرجت نهاية الأسبوع،فضاء فني مفتوح التألم فيه الفن التشكيلي والفولكور والغناء والموسيقى والفرجة والحلقة بعيدا عن الرسميات اعتدناها في المهرجانات السابقة. إنه مهرجان تلقائي،هدفه الأساس بعث الحياة بساحة مشهورة عالميا كانت بالأمس القريب هي قلب مدينة أكَادير ونبض حياتها بدون منازع حيث كانت مقاهيها ومطاعمها مكتظة عن آخرها بالزبناء من المغاربة والسياح الأجانب.
حي تالبرجت وساحته الشهيرة المجاورة لسينما صحراء،صورة محفورة ومنقوشة في ذاكرة الأكَاديريين إلى الأبد،ولعل هذا ما دفع غيرة أبناء هذا الحي وحفزهم على صون هذه الذاكرة الجماعية وإنعاشها ثقافيا وفنيا وإعادة الحياة السياحية والتجارية من جديد إليها بعد أن عرفت شوارع وأزقة هذا الحي العريق كغيره من أحياء المدينة تهيئة شاملة حتى أصبح اليوم في حلة جميلة وجذابة.
وعلى امتداد ثلاثة أيام متتالية احتضنت ساحة تامري بالقرب من سينما صحراء المشهورة فقرات وعروضا مفتوحة للتعريف بالحي وترويجه سياحيا وثقافيا خاصة أنه أنجب عدة فنانين كبار وله رمزية تاريخية بالمدينة،ومن ضمن الفرق والمجموعات الغنائية التي سيلتقي بها الجمهور نذكر:مجموعة البالونا البرتغالية ومجموعة إيفودين.
وبنات اللوز تافراوت ومجموعة إيمدوكال والفنانة هند النويعرة ومجموعة مادان بلاد ومجموعة كلورزباند والفنان هشام الخير والفنان صلاح فافاح ومجموعة فينيل ومجموعة مراد باشكو كناوا والفنان أمين كمال والفنان محمد بديدا ودي دجي يوسف كرانكي ويوسف الحسني والفنان جمال راس الدرب والفنان موبين.
وبالموازاة مع الموسيقى والغناء نظم المهرجان ندوات ومعارض للفنون التشكيلية وورشات مفتوحة في فن الرسم لفائدة الأطفال والشباب مع تكريم أقدم بائع للماء قديما بحي تالبرجت…


الكاتب : عبد اللطيف الكامل

  

بتاريخ : 01/06/2022