غرفة للولادة

فيما أتيتُ
إليها جئتُ
وحدي
ملء رئتيَ صرخْتُ
بكيتُ
ركلتُ ما في الغرفة من ريح
كأني أنزلُ من عتمة إلى عتمات
أو إلى ضوء كثيف حدَّ العماء
لا أسمع لا أرى
أحسُّ.
لم تكن لي ذاكرة بعدُ
لكني خرجتُ برائحة أمي في القلب
بكل زوايا رحِمِها في العين
بصَرخاتها الصغرى
بصوت عمتي «فطُّوم»
تقول: ولادتها سهلة
والمخاض ليس عسيرا
فأين المِقصُّ
نقطع الصُّرة ونربطها بالحياة
أين الثوب الأبيض به نلفها
أين الماء الدافئ؟
لا شيء كان معداًّ
لا وقت َ كان في انتظاري
جئتُ على حين غَرَّة
جئتُ
قبل المقص
والماء
والثوب الأبيض
جئتُ عزلاء إلا من صراخ
جئت ضاجة
جئتُ حرّىَ
جئتُ أنثر في الغرفة حبات الدمع
وأرى أمي تتصبب عرقا
قواها هباء
ووجهها السمح غطته سحابة ألم زرقاء
يدها البياض
يدها الوهب
يدها الحُنُوُّ
بينما الحبل السري كان ما يزال حيًّا بيننا
لماذا تقطعينه يا عمتي؟
في تلك الغرفة السفلى
الغرفة الباردة بسبب «نونبر» شهر الثلج والغَمْرِ
كنت لا أسمع لا أرى
كنتُ أحس
أنَّ حربا ضروسا
تنتظرني في الخارج
حيث الثلج
والمقص
والبرد
وغضبتي الأبدية على عمتي فطوم..


الكاتب : وداد بنموسى

  

بتاريخ : 22/10/2021