فاطمة السعداني.. المرأة التي تفل الحديد

 

باختيار أملاه الشغف والحاجة أيضا، كسرت فاطمة السعداني، المرأة التي تزاول مهنة الحدادة، القواعد باختيار مهنة ظلت تقليديا حكرا على الرحال، في وسط عائلي واجتماعي غير متفهم بما يكفي.
وبالرغم من بلوغها 60 ربيعا، تواصل فاطمة مزاولة مهنة الحدادة داخل ورشتها الصغيرة بحي المسيرة بالرشيدية. فهذه المهنة بالنسبة لها تمثل تقليدا عائليا بامتياز، حيث تعلمت أصولها على يدي زوجها الراحل.
وأوضحت فاطمة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، «أمارس منذ سنة 1975 مهنة الحدادة التي تعلمتها على يد زوجي، الذي وافته المنية سنة 2013»، مؤكدة أن زوجها كان رافضا في البداية، لدواع اجتماعية وثقافية، تلقينها تقنيات هذه الحرفة، لكنها نجحت في نهاية المطاف في إقناعه بذلك.
كانت تحدو السعداني إرادة أكيدة في حمل المشعل وعدم ترك هذا المشروع العائلي ينهار، بالرغم من وعيها التام بأن المهمة ليست بالهينة وتتطلب بذل الكثير من الجهد، فضلا عن كونها تقليديا تعتبر حكرا على الرجال.وتابعت بالقول «صحيح أن مهنة الحدادة يمارسها الرجال في الغالب، لكنه عمل يمكنني من توفير حاجياتي ومتطلبات طفلي البالغ من العمر 14 سنة، والعيش بكرامة، لاسيما بعد وفاة زوجي.
وأكدت السعداني، المرأة الوحيدة التي تزاول مهنة الحدادة بالرشيدية، أنها تحظى بدعم عائلتها وجيرانها والأشخاص الذين تلتقي بهم يوميا، مشيرة إلى أن هذه المهنة معقدة وتستلزم التنظيم الجيد، لاسيما أن كل القطع التي يتم الاشتغال عليها يجب أن تتخذ شكلا معينا وأبعادا محددة.
هذه الحرفية ملمة بكل المراحل التي تتطلبها عملية الحدادة، بدءا من تسخين القطع المصنوعة من الحديد إلى غاية تلحيم وتشكيل القطع حتى تأخذ شكلها النهائي.
في ورشتها، تقوم فاطمة بتصنيع العديد من الأشياء التي تتكون من الحديد، من بينها الدعامات المعدنية، وشبابيك النوافذ المصنوعة من الحديد، فضلا عن عدد من الأدوات الفلاحية أو التي تستعمل في البستنة كالمذراة والمعاول والمنشار.
وعن طريقة اشتغالها، أوضحت فاطمة السعداني «آخذ القطعة المعدنية التي أنوي الاشتغال عليها وأعمل على تسخينها وتطويعها.
وبمجرد أن يصبح الجو حارا، يمكنني حينها، بالاستعانة ببعض الأدوات كالمطرقة والمطرقة الساقطة، إعطاءها الشكل الذي أريده.
ومضت قائلة أنه على هذا النحو يتم تصنيع العديد من القطع الحديدية، مشيرة إلى أن إنجاز هذه العملية يتطلب بذل الكثير من الجهد.
من جهة أخرى، ذكرت أنها تسعى إلى نقل الخبرة والمعرفة التي راكمتها لابنها، الذي يأتي لمساعدتها بالورشة بين الفينة والأخرى، حيث تسعى لتعليمه أصول وتقنيات مهنة الحدادة إلى جانب دراسته.
لقد أثبتت السعداني أنها قوية الشكيمة لكونها استطاعت رفع تحدي فرض نفسها في مجال يبقى في غالب الأحيان حكرا على الرجال.
والأكيد أن التجارب التي عاشتها فاطمة السعداني طوال حياتها وروح العزيمة والإصرار التي تتحلى بها، عززت ثقتها بنفسها.


الكاتب : محمد توفيق الناصري

  

بتاريخ : 08/03/2022