فشل ماكرون وتحالفه في الحصول على الأغلبية التشريعية بفرنسا

فشل ماكرون في الحصول على الأغلبية التشريعية بفرنسا في انتخابات كانت استثنائية بكل المقاييس من خلال النتائج التي ترتبت عنها، فقد فقد التحالف الرئاسي الأغلبية المطلقة، وتمكن تحالف اليسار من العودة القوية إلى الواجهة وحقق اليمين المتطرف نجاحا لافتا وتاريخيا، وهو ما لم تعرفه الجمهورية الخامسة، وانقسم المشهد السياسي إلى ثلاث كتل: الوسط بقيادة إيمانويل ماكرون (245 نائبا، تحالف «معا!»)، واليمين المتطرف بقيادة مارين لوبن (89 نائبا، حزب التجمع الوطني) وتحالف اليسار (135 نائبا) بقيادة جان لوك ميلانشون (الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد).
ورغم النداء الذي وجهه الرئيس الفرنسي إلى الناخبين لمنحه الأغلبية إلا أنهم لم يتجاوبوا معه، وهو ما يجعل فرنسا اليوم غير قابلة للحكم، لغياب أغلبية واضحة، مما يجعل فرنسا تتجه سياسيا الى فترة عدم استقرار.
لكن الكتل الكبرى في البرلمان الفرنسي أكدت من اليسار إلى اليمين المتطرف أنها ستتحمل «مسؤوليتها»، ملمحة إلى أنها لن تقف في صفوف المعارضة بشكل منهجي لعرقلة الحكومة فقط إنما ستكون منفتحة على التفاوض.
لكن بعض الأصوات دعت إلى إبرام اتفاق لتشكيل حكومة، على غرار النائب اليميني السابق جان-فرانسوا كوبيه الذي أكد أن «اتفاقا حكوميا بين ماكرون والجمهوريين سيكون حيويا في مواجهة صعود المتطرفين». ومن شأن تكتل مؤلف من نواب تحالف «معا!» وحزب «الجمهوريون» بلوغ الأغلبية المطلقة.
وهذا السيناريو هو الذي اصبح اليوم الأكثر واقعية ليتمكن ماكرون من حكم فرنسا في السنوات الخمس المقبلة، لكن هذا السيناريو سوف يفرض على الاغلبية تغييرات على رأس الحكومة، واختيار وزير اول آخر أقرب الى الأغلبية اليمينية منها الى اليسار كما هو شأن الوزيرة الأولى اليزابيت بورن.
ويعني ذلك أن تحالف «معا» بعيد جدا عن النتيجة المطلوبة لضمان الحصول على الغالبية المطلقة (289 مقعدا).
وصرحت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن بأن نتائج الانتخابات البرلمانية التي فشلت في منح الغالبية لأي حزب، تشكل خطرا على البلاد، لكنها تعهدت أن يسعى حزب ماكرون لبناء تحالفات في اقرب وقت.
وقالت «هذا الوضع يشكل خطرا على البلاد، نظرا للتحديات التي علينا مواجهتها»، مضيفة «سنعمل اعتبارا من الغد على بناء غالبية» قادرة على العمل.
هذا الوضع الجديد يضع البرلمان في قلب اللعبة السياسية في فرنسا، في سابقة في ظل الجمهورية الخامسة، النظام الذي وضعه الجنرال ديغول عام 1958 بالتحديد لتجنب عدم الاستقرار في النظام البرلماني الذي كان سائدا في ظل الجمهورية الرابعة.
وهي القاعدة التي تكسرت اليوم، نظام الجمهورية الخامسة الذي وضع من أجل منح أغلبية مريحة لرئيس الجمهورية بفرنسا، أصبح اليوم متجاوزا بفعل نسبة العزوف المرتفعة التي مست اكثر من نصف الفرنسيين بنسبة 54 في المائة، ولم تمكن الرئيس المنتخب مند شهرين تقريبا من الحصول على الأغلبية في الجمعية الوطنية.
وبالإضافة الى العزوف في هذه الانتخابات، فإن ما يسمى الجبهة الجمهورية لم تنجح، حيث تمكن اليمين المتطرف من إنجاح عدد كبير من النواب ولم يكن هناك أي تضامن بين الأحزاب الجمهورية في مواجهة اليمين المتطرف.
هذا الوضع يجعل فرنسا تتجه في السنوات الخمس المقبلة في اتجاه المجهول على المستوى السياسي بل ستكون غير قابلة للحكم كما أعلن العديد من المتتبعين للحقل السياسي بفرنسا.
وفي افتتاح البرلمان في نهاية الشهر، وعد تحالف اليسار، أكبر فريق في المعارضة ، بتقديم ملتمس رقابة على الحكومة، وهي إشارة قوية للوضع الذي ستعيش عليه أغلبية الرئيس في السنوات المقبلة.


الكاتب : باريس: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 21/06/2022