بوزنيقة.. مشاريع سكنية جديدة بدون مواصفات وبعيدة عن دفاتر التحملات تطرح جملة من التساؤلات؟

فقر في الفضاءات الخضراء .. إنارة عمومية مفتقدة في عدد من الأحياء، وزحف إسمنتي يجهز على الأخضر واليابس

 

عرفت مدينة بوزنيقة خلال السنوات الأخيرة توسعا عمرانيا كبيرا، تتواصل تفاصيله في كل ركن من أركانها، بشكل جعلها تصبح مكتظة بالسكان، سواء على امتداد أشهر السنة، أو تحديدا في فترة الصيف بالنسبة للبعض، خاصة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج.
زحف عمراني، يقوم على إحداث وتشييد أحياء سكنية جديدة، كما هو الحال بالنسبة لتجزئة الكوثر، وحي السلام، ومنظرونا، على سبيل المثال لا الحصر، التي تعاني بشكل متباين ومتفاوت فيما بينها من غياب العديد من المرافق، سواء تعلق الأمر بالرياضية منها والثقافية والصحية، أو بالفضاءات الخضراء، التي يجب أن تشكل متنفّسا بيئيا واجتماعيا، فتلطّف الجوّ، وتقوم بتنقيته من التلوث، وتحتضن الأطفال الصغار من أجل اللعب واللهو، والشباب والكهول كذلك، نساء ورجالا، من أجل قضاء بعض الوقت من أجل التقليل من حدة التوتر اليومي الذي يرخي بتبعاته على الصحة العضوية والنفسية للمواطنين والمواطنات.
فضاءات خضراء منعدمة أو معدودة على رؤوس الأصابع، وأخرى عبارة عن أرض جرداء، تحتضن شجيرات شكلية، ونباتات هي أقرب لـ «الطفيليات» من الأغراس، دفعت الكثير من المواطنين إلى اقتناء مغروسات من مالهم الخاص، لتزيين شرفات منازلهم أو أمام الأبواب، بحثا عن «خضرة» مفتقدة، تبيّن حاجة بيئية يعبّر عنها الجميع، في ظل تخلّف الجهات المختصة، وعلى رأسها المجلس الجماعي لبوزنيقة، للقيام بهذا الدور الذي هو من اختصاص الجماعات الترابية، وهي نفس الوضعية التي تسري كذلك على ما يخص الإنارة العمومية، كما هو الشأن بالنسبة لحي منظرونا الذي يغرق ليلا في الظلام الدامس، مع ما يعني ذلك من تهديد للأمن العام وللممتلكات الخاصة لساكنة الحي، منذ تشييد هذا الحي إلى اليوم، ليظل مطلب السكان عبارة عن كرة يتقاذفها عدد من المتدخلين، سواء تعلق الأمر بشركتين متخصصتين في التزويد بالماء والكهرباء أو الجماعة أو غيرها من الجهات المختلفة؟
وبالعودة إلى موضوع الفقر في الفضاءات الخضراء الذي تعيش على إيقاعه الأحياء المذكورة، وضمنها حي السلام، تطرح العديد من علامات الاستفهام، المرتبطة بدفاتر التحملات التي يجب على المقاولين احترامها، حتى يكون الحي متكاملا وتحضر فيه كل شروط الحياة الأساسية، التي تعتبر حقوقا وليس كماليات، وتكفي في هذا الإطار الإشارة إلى ما نصّ عليه القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وكما أكدت عليه المادة 30 من هذا القانون، إذ يجب على صاحب التجزئة العمرانية إنشاء مرافق تستجيب لما تقتضيه متطلبات الأمن العام والصحة والمرور والمتطلبات الجمالية، والاحتفاظ بالأشجار الموجودة في الأرض المراد تجزئتها لخلق جمالية على مستوى الحي، فضلا عن قانون التعمير رقم 12.90 الذي يشير في فرعه الثاني، وتحديدا في مادته الرابعة، على مستوى الفقرة الثالثة، إلى تحديد الأغراض العامة المخصصة لها الأراضي، وتعيين المواقع، التي تؤكد فيها على احترام المساحات الخضراء الرئيسية التي يجب القيام بإحداثها وحمايتها أو ابراز قيمتها.
إن غياب المساحات الخضراء يجعل المدن بدون حياة، وتصبح كالجسد بدون روح، فتنمو وتعمل بدون تطور أو خلق تنمية، وهو ما أكدت عليه تصريحات عدد من المواطنين الذين التقتهم «الاتحاد الاشتراكي»، ومنهم أشخاص مسنين ومتقاعدين، الذين اشتكوا عدم وجود فضاءات تستقبلهم على مستوى هذه الأحياء، تكون متنفسا لهم، ومصدرا للراحة والسكينة والطمأنينة، خاصة المرضى منهم، الذين هم في حاجة على هواء نقي، يعطيهم الإحساس ببعض الراحة، التي باتوا يفتقدونها في ظل مدّ الإسمنت العالي، الذي يزحف على المنطقة، مجهزا على الأخضر واليابس، والذي يزد من تفشي البشاعة، خاصة مع انعدام الإنارة العمومية في بعض الأحياء كمنظرونا، وتشويه كل ما هو موجود بسبب أشغال غير مراقبة عنوانها الفوضى وعدم احترام المساحات الخاصة المحددة قانونا لكل ورش مقابل التطاول على مساحات الغير، وهو الوضع الذي ينتظر المتتبعون لشؤون المدينة أن يتغير وأن يمنح لبوزنيقة المكانة الحقيقية التي تستحقها، لا أن يتم تعميق جراحها وتهميشها أكثر فأكثر.


الكاتب : وفاء الرشقي

  

بتاريخ : 14/12/2023