فوبيا الامتحانات الإشهادية المدرسية

مهما هون التربويون من فترة الامتحانات الإشهادية، إلا أنها كانت ولا تزال فترة لها طقوس وأجواء استثنائية وتشكل هاجسا حقيقيا للأسرو التلاميذ على حد سواء.
إن موعد إجراء امتحانات البكالوريا لم يتبق عليه غير أيام قليلة بكل ما يسبقها من توتر تضيق به صدور الأسر والتلاميذ، فهي بمثابة شبح يخشاه جل التلاميذ ولا ينجو من السقوط في فخه سوى من اجتهد وثابر منذ بداية الموسم الدراسي في تحصيل دروسه بشكل منتظم ومتواصل.
لابد من تجاوز فوبيا الامتحانات الإشهادية المدرسية التي تشكلت في أذهاننا،عبر سنوات، بفعل النظام التعليمي المعمول به من خلال النظر إلى الامتحانات على أنها عملية تعليمية وليست محنة مجتمعية، كما أن المدرسة عليها أن تؤدي دورها في تهيئة التلاميذ لذلك، ويقع الدور الأكبر على الأستاذ في الابتعاد عن تخويف واستفزاز وإرهاق التلاميذ ومنحهم الثقة والطمأنينة والتفاؤل ثم يأتي دور الأسرة، التي تشكل البيئة النفسية للتلاميذ، وذلك بتوفير أجواء مناسبة للمراجعة، ومن أجل هذه الغاية، لابد أن تتجاوز الأسرة الخلافات وتذيبها إن وجدت بين أفرادها لأن الحالة النفسية للتلميذ تؤدي دورا مهما في قدرته على الاستيعاب وخلق الثقة الكاملة لديه في إمكان تحقيق النتائج الإيجابية في الامتحان، وعلى التلاميذ المقبلين على اجتياز الامتحانات وضع برمجة للوقت واستثماره بطريقة أفضل، وذلك بتقسيم يوم المراجعة إلى فترات تتخللها الراحة وتناول تغذية متوازنة وتجنب السهر وإرهاق الجسد وقلة النوم.
وللخروج من فوبيا الامتحانات الإشهادية المدرسية، لا بد أن  نضع في اعتبارنا ثالوثا مهما محوره التلميذ والبيت والمدرسة.
فبالنسبة للتلميذ عليه الاستعداد مبكرا، أي منذ بداية الموسم الدراسي، للامتحانات بالمراجعة المنتظمة والمتوازنة مع التركيز  داخل الفصل الدراسي والانتباه إلى شروحات الأستاذ.
أما بخصوص الأسرة فعليها أن تتواصل مع ابنها باستمرار  ومنحه الثقة في نفسه وتهيئة الأجواء المناسبة للتحصيل الدراسي  وتحفيزه معنويا وماديا.
ومن جانب المدرسة، على المدرسين التواصل مع التلاميذ نفسيا وتذليل صعوبات التعلم وتوجيههم إلى كيفية التعامل مع المادة الامتحانية، منهجيا ومعرفيا، وتنظيم لقاءات منتظمة تواصلية  معهم تدور محاورها حول كيفية التهئية النفسية للامتحانات المدرسية.
لقد أصبحت الامتحانات الإشهادية المدرسية، ومع الأسف الشديد، غاية من العملية التربوية، وليست وسيلة لتقويم العملية التعليمية  قبل أن تكون موقفا تعليميا للتلاميذ وليس موقفا تخويفيا لهم ولأسرهم.
إن الامتحانات الإشهادية المدرسية وجدت أصلا لقياس الأهداف التعليمية وليس لتصنيف التلاميذ، ففي كثير من البلدان الأوروبية، لا توجد امتحانات في المرحلة الابتدائية والأساسية، لكنها تعوض ببطاقات شخصية لكل تلميذ لقياس كل قدراته المعرفية والسلوكية والوجدانية، لذا على الجهات الوصية على قطاع التربية والتعليم أن تعمل على تحويل الامتحانات الإشهادية المدرسية كوسيلة قياس تربوية وعلمية إلى مواقف تعلمية تركز بالأساس على روح المبادرة والقدرة على حل المشكلات .

(*)باحث تربوي


الكاتب : خليل البخاري(*) 

  

بتاريخ : 09/06/2022