في أفق المؤتمر الوطني التاسع للشبيبة الاتحادية

مسألة البيئة على طاولة النقاش

 

هاجر أوموسى (*)

من المؤكد أن العالم قد استوعب العديد من الدروس المهمة في مواجهته لتداعيات جائحة كورونا، وأهم هذه الدروس أنه وقف وبشكل لا يدع أي مجال للشك على أن هناك تفاعلات معقدة بين الأوبئة والبيئة والمناخ، تفاعلات ظهرت آثارها بشكل واضح على مختلف المنظومة البيئية خصوصا بعد الانكماش الاقتصادي الذي عرفه العالم نتيجة لاستراتيجياته في مواجهة انتشار الفيروس كوفيد19. حيثلا يمكننا أن نختلف على أن مغالاتنا في تدمير البيئة والمناخ أصبحت تهدد طبيعة بل سيرورة حياتنا، وهذا يظهر من خلال التقلبات المناخية وتداخل الفصول وسنوات الجفاف المتكررة وكثرة الفيضانات والحرائق المفاجئة و غيرها.
لقد كشفت مواجهة العالملتداعيات جائحة كورونا، والتي انعكست بالسلب على مجالات عديدة، وبالإيجاب على مجالات أخرى، أن حياة أخرى غير الحياة التي ألفناها ممكنة، خصوصا في علاقتنا بالبيئة، حيث من المؤكد أن انتشار الفيروس، وما فرض من حظر للتجول، ومن تقليل في عمل المنشئات الصناعية، قد انعكس بشكل إيجابي كبير على البيئة، حيث نتج عن الانكماش الاقتصادي الذي تسببت فيه الجائحة، إلى انخفاض لافت في مستويات التلوث البيئي، وهو ما بات يفرض على العالم، وهو يفكر في إنعاش اقتصادياته، أن يتسائل هل تجاوزنا حقا خطر انتشار الوباء؟ وهل سنعود إلى مرحلة ما قبل الجائحة؟ بمعنى هل سنعيد العلاقة التي تربطنا بالبيئة إلى سابق عهدها قبل الجائحة؟
هذه التساؤلات والتخوفات، أرخت بظلالها على نقاش مناضلات ومناضلي الشبيبة الاتحادية، وهم يحضرون لمؤتمرهم الوطني التاسع، حيث طرحوا في مشروع المقرر التوجيهي الذي سيعرض على المؤتمرات والمؤتمرين ببوزنيقة أيام 29-28-27 من هذا الشهر، مسألة الانخراط في التأسيس لبديل بيئي، يأتي بين سياسات الرأسمالية الخضراء، التي تهدف إلى التخفيف من آثار جشع الرأسمالية الذي بلغ مستويات متوحشة، حيث أصبحت معهعلاقة الإنسان بالبيئة، مؤطرة بالاستغلال والاستنزاف بغرض الربح وبغاية خلق رفاهية لحظية وغير مسؤولة عن مستقبل البشرية، وبين السياسات الحمراء، التي لا تعرض أي بديل واضح وواقعي للحفاظ على البيئة، بل تكتفي بإعلان رفضها لاستفادة وربح ومراكمة الثروة من طرف أقلية رأسمالية من خلال استنزافها للثروات الطبيعية.
إن الشباب الاتحادي برفعهم لمطلب التأسيس لبديل بيئي، يهدف إلى إعادة تأطير العلاقة التي تربط الإنسان بالبيئة، وذلك بجعلها علاقة تتأسس على فكرة الحماية، والحفاظ على الثروات والموارد الطبيعية،
من خلال عقلنة تدبيرها وفق الاحتياجات الإنسانية الضرورية، واعون جدا بأن نجاح هذا البديل مرتبط أولا بالإيمان به، وبأهميته وضرورته، ثم بالعمل على التعريف به، وبالانكباب الجاد والمسؤول على الاهتمام بجميع المجالات المرتبطة بالبيئة، حتى يتمكنوا من دفع الدولة نحو تغيير استراتيجياتها التنموية، وتوجيه المبادرات الاقتصادية التي تنخرط فيها، لتكون مبادرات تحترم البيئة والطبيعة.
ومن جهة أخرى، إن من بين أهم الدروس أيضا التي يمكن استخلاصها من معركة مواجهة العالم لتداعيات الجائحة، هو أهمية الدولة الاجتماعية وضرورتها، حيث كان من الواضح جدا، وبعد تردي الأوضاع الاجتماعية في جل دول العالم، نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية، أنه لا بديل عن وجود الدولة القوية، القادرة على ضمان كرامة جل مواطنيها في كل الظروف، وهي الخلفية التي أطرت جزء كبيرا من نقاشنا كشباب اتحادي، ونحن نحضر لمؤتمرنا الوطني التاسع، في ارتباط تام مع إيماننا بضرورة التأسيس لبديل بيئي، خصوصا أن المغرب قد فتح ورش الحماية الاجتماعية الشاملة، حيث تشكلت لدينا قناعة أن الوقت قد حان لوضع بديل سوسيو-بيئي، يرتكز على فكرة وضع سياسات اقتصادية، غايتها الأولى والأخيرة تحقيق العدالة الاجتماعية، وبشكل يحترم شرط الحفاظ على البيئة.

(*) عضو المجلس الوطني للشبيبة الاتحادية

 

الشباب المغربي والمؤتمر التاسع

 

عبد الإله معتمد (*)

تعتبر المسألة الشبابية ملتقى السياسات العمومية في مختلف الأمم، من تربية وتعليم، واقتصاد ورياضة، وثقافة وشؤون اجتماعية وإسكان، إذ تتجلى صدقية كل سياسة عمومية في مدى التأسيس الفعلي، للمقومات المادية والمؤسسية التي تسمح بتفتح الشباب المغربي، وتوفر له شروط التعبير عن ذاته وملكاته وإبداعيته، لتعزيز الروابط الاجتماعية والتماسك الوطني، وتسهيل اندماج الشباب داخل المجتمع، ولعل أهم مفاتيح إدماجه تبدأ بتربيته وتكوينه، وتعزز بتشغيله و صيانة كرامته.
في هذا الإطار، يأتي اهتمام الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بالمسألة الشبيبية بالمغرب، وبالقضايا المرتبطة بالشباب المغربي، وتظهر أهمية إحداثه للشبيبة الاتحادية، كذراع حزبي يشتغل مع الشباب المغربي ولأجله.
واعتبارا لكون التنظيم الشبيبي هو الجسر الرابط بشكل عضوي بين اختيارات الشبيبة الاتحادية والتجسيد الفعلي لها على أرض الواقع، وباعتباره أيضا الإطار الذي يحاول فيه الشباب الإتحادي، بلورة أشكال وطبيعة المطالب الأساسية للشبيبة المغربية، بأدوات عمل سلمية، وهياكل منظمة وممأسسة، محصنة بالمرجعية الحزبية كمؤطر للإئتلاف والاختلاف، لأداء مهام نضالية مجتمعية وإنسانية والاستمرار العملي في بلورة إطار قوي، قادر على استيعاب مختلف القضايا والإشكاليات التي تعيق إدماج الشباب في المجتمع بشكل متساوي يقطع مع جميع أشكال التمييز بين أبناء المغاربة.
ولئن كانت قضايا الشباب تشكل بتحدياتها ورهاناتها انشغالا بارزا لدى حزبنا عبر قطاعه الشبيبي -الشبيبة الاتحادية-، فإنها تجد تبريرها في النسبة المئوية للشباب في الهرم الديمغرافي ببلادنا، حيث يمثل الشباب فيه 30 بالمائة من مجموع السكان، مما يفرضاعتماد أداة تنظيمية متكاملة، متجانسة وفعالة، للإجابة على المعضلات التي تواجهه -أي الشباب المغربي-. والأكيد أنها معضلات كثيرة، مرتبطة بالوضع العام للبلد كدولة نامية.
ونظرا للدور الذي لعبته الشبيبة الاتحادية تاريخيا، في تنظيم الشباب المغربي، وتمكينه من انتزاع مكتسبات سياسية واجتماعية، تجد المنظمة نفسها اليوم في سيرورة مستمرة، رهانها المتجدد إبراز أهمية الشباب في كل الرهانات المطروحة على البلد، من أجل طرح قضاياه والدفاع عن مطالبه، والإجابة عن حاجياته، وهو الدور الذي جعلنا ونحن نحضر لمؤتمرنا التاسع، والذي اخترنا له شعار : كرامة، حرية ومساواة، نعرض تعاقدا جديدا على الشباب المغربي، تعاقد بعنوان حلم جديد، نعيشه جنبا إلى جنب معه، ونعمل جنبا إلى جنب من أجل تحقيقه، وهو حلم بناء المغرب الديمقراطي الحداثي، الذي تضمن فيه كرامة كل المغاربة، بصورة تتأسس على العدالة الاجتماعية وعلى المساواة.
ومن أجل الوفاء بهذا التعاقد، ومن أجل العمل على استمرار الشبيبة الاتحادية، كحاضن أساسي لطموحات الشبيبة المغربية، كان لزاما علينا أن نفكر في تحديث وتجديد بنياتنا التنظيمية، وإرساء دعائم بناء تنظيمي متوازن ومتناغم أفقيا وعموديا، يؤسس على علاقات عملية واضحة وتضامن واقعي بين الأجهزة الوطنية والقاعدية للشبيبة، بهدف تيسير تنزيل البرامج العامة للمنظمة وتسمح باكتساب الخبرات السياسية والتنظيمية التي تؤهل الشباب للمشاركة الفعالة في الحياة الحزبية.
وعلى مستوى المفاهيم التنظيميةفقد كان مطروحا علينا تدارك أوجه النقص في الثقافة التنظيمية التي تطبع عملنا، وإعمال معايير لتدبير ديمقراطي شديد الدقة، ثم انتاج مفاهيم تحكم العلاقات وتحسم في النقاش بين أعضاء الشبيبة وهياكلها وتقيها من مزالق التنفد او التسيب من خلال التمييز بين اختصاصات الهيئات المقررة واختصاصات الهيئات المسيرة وبين المسؤولية الجماعية والمسؤولية الفردية مع تقوية الية التتبع والمحاسبة على مختلف المستويات، وهو ما نعتقد أننا توفقنا فيه على مستوى لجنة التنظيم.
ذلك أن النموذج التنظيمي الديمقراطي إذا كان يقتضي تحقيق مركزة القرار والتدبير بتفويض صلاحيات واسعة ومقننة للتنظيمات الفرعية، فهو لا يمكن أن يستقيم دون احترام مبدأ تفاوت درجات التنظيم والقرار وتنظيم كيفية اجتناب الجمع بين المسؤوليات وضمان التجديد الدوري للأجهزة والتناوب على المسؤولية.

(*) عضو المجلس الوطني
للشبيبة الاتحادية

 

في سبيل تكريس مجتمع ديمقراطي حداثي

تسود فيه قيم العدالة والكرامة والمساواة

 

عادل أمليلح (*)

تقترب الشبيبة الاتحادية من عقد مؤتمرها التاسع، والذي من المرتقب أن يشكل لحظة فارقة في تاريخ المنظمة الاتحادية، لاعتبارات عدة، أهمها؛ ما أبان عنه المجلس الوطني المنعقد في العاشر من الشهر الجاري، إذ أن الانخراط الوازن والفاعل للشباب الاتحادي في بلورة قناعاته وخياراته الاستراتيجية (المتضمنة في الأوراق التنظيمية والتوجيهية)، تماشيا مع إيمانيه الراسخ بمرجعية الاتحاد الاشتراكي،بين بالملموس، أن الشبيبة الاتحادية كانت ومازالت في قلب النضال السياسي المسؤول، وأنها لم تخضع لما يمكن أن نسميةبالمظلة الانتخابية التي تختزل الفاعلية الشبابية في تحقيق مآرب انتخابية قصيرة الأجل، وهو نهج تكرسه العديد من الأحزاب خاصة تلك التي تفتقر لرصيد تاريخي يؤهلها لبلورة مشروع مجتمعي واقعي، كما بدد ذلككل التمثلات والتصورات الساعية إلى طبع الفعل السياسي بنوع من العدمية غير المسؤولة خاصة مع تنامي الانتهازية والوصولية التي خلقت انطباعا جماهيريا معمما بريعية العمل السياسي وانعدام جدواه.
فالشباب الاتحادي وعبر كل مكوناته، أبان عن روح المسؤولية التاريخية بسعيه الدؤوب في سبيل جعل الشباب المغربي في قلب العمل السياسي، ووعيه التام بالظروف والسياقات الدولية والوطنية التي باتت تطرح العديد من التحديات والرهانات، مما يستوجب معها درجة من اليقظة المبنية على الابتكار الفاعل والتجديد المؤثر والمرونة الإيجابية، إذ تشكل مجتمعة محركا لديمومة العمل السياسي واستمراره، فالشباب الاتحادي الواعي بروح المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه باعتباره قطاعا ضمن مكونات الاتحاد الاشتراكي، وبرغبته المستمرة والملحة في تحمل (قلق) العودة الوازنة للمشهد السياسي باعتبار الاتحاد الاشتراكي أكثر الأحزاب المؤهلة لهذه المهمة سواء بحكم شرعيته التاريخية أو بحكم مكونات قوته الحية.
لعل الوعي النضالي الذي يشكل التزاما حقيقيا للشباب الاتحادي، فرض في مناسبات عدة إقرار النقد الذاتي، صحيح أن الشبيبة الاتحادية خلافا لغيرها، لا تُطرح عندها أسئلة وجدودية، لأن الاتحاد الاشتراكي جزءا لا يتجزأ من الهوية السياسية المغربية بشهادة الجميع، ولكن مسألة الفعالية والممارسة المواطنة تشكل المبتغى الأصيل لكل الشباب الاتحادي خاصة في عالم متغير، فالوضع السياسي في العالم عامة وفي بلادنا خاصة خضع لعملية التسليع والاخضاع لمنطق السوق الذي نتج عنه بروز قوى معادية لروح الديمقراطية والحداثة وتنامي حدة الممارسات السياسية التي تتنافى وأخلاقيات العمل السياسي، إذ من العيب تقييم العمل السياسي بمعيار المنفعة الكمية والمصلحة الضيقة.
ومن هذا المنطلق فقد أصبح واضحا أن الهم الحقيقي الذي يبلور طموح الشباب الاتحادي يتمثل في إعادة الشباب لقاطرة المشاركة السياسية المسؤولة والبناءة، من خلال إعادة تجذيير أواصر الثقة وروح المشاركة السياسية والمدنية المواطنة، لأن مسألة الثقة باتت تشكل عاملا حاسما في ربط الأحزاب بالقاعدة الجماهيرية، والرفع من نسب المشاركة السياسية… وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الفاعلية القوية للاتحاد الاشتراكي في رسم خريطة ممارساته السياسية بكل استقلالية ومسؤولية.
وفي سبيل خياراتها وقناعاتها المبدئية، تنطلق الشبيبة الاتحادية من إيمان واضح يعتبر أن الخيار الديموقراطي جزءا من هوية الاتحاد الاشتراكي، والذي لا يتأثر بالظريفاتالمناسباتيةوالتموقع على صفيح الخريطة السياسية، وبحكم أن البناء االديموقراطي بناء تراكميا متأصلا في الممارسات التقدمية للقوى المجتمعية الحية بمختلف ذواتها الفردية والتنظيمية، فإن الممارسة الرامية لتكريس قيم الديمقراطية والمساواة والكرامة تقتضي تقوية الالتزام الحزبي والعمل النضالي الواعي كشرط ضروري.
وفي سبيل هذه الرؤية الوازنة، أدرك الشباب الاتحادي ضرورة إعادة ترتيب هياكله التنظيمية وتجديد وسائله التواصلية، لخدمة أهدافه ومبادئه القائمة على الشمولية والمسؤولية والجرأة بالإضافة للمرونة والرقمنة.
ـ فمن حيث الشمولية: إن الشباب الاتحادي يؤمن بأن العمل السياسي هو عمل مواطن مفتوح لكل مكونات الأمة المغربية، وأن البناء السياسي هو في الدرجة الأولى بناء مجتمعي يجمع بين كل المكونات الحية للمجتمع المغربي، وينطلق من صلب قضاياه وتطلعاته، كما أن الممارسات السياسة ينبغي أن تأخذ في الحسبان كل الأبعاد التي تقوي العدالة الاجتماعية والمجالية…
ـ ومن حيث المسؤولية: إن الشبيبة الاتحادية تعي أن الالتزام الحزبي والنضال الواعي هما مكونين مركزيين في تفعيل الممارسة السياسية الإيجابية، صحيح أن النجاح والوصول إلى أعلى المراتب هو أمل كل فرد، فالتميز هو رغبة ملحة قد تستفحل إلى مرتبة الهاجس، لكن ذلك لا ينبغي له أن يطغى على المصلحة العامة وأخلاقيات الممارسة السياسية التي تستوجب نكران الذات وبذل المجهود في الدفاع عن القضايا المشروعة والعادلة وفق ما تمليه روح المواطنة سواء اتجاه المجتمع ككل أو اتجاه الاتحاد الاشتراكي.
ـ بينما الجرأة: تفرض الإعلان عن المواقف بكل صدق وشفافية، فهي جرأة الموقف، وجرأة الدفاع عن الموقف، وجرأة المرافعة والتفاوض على القضايا التي تتبناها الشبيبة الاتحادية بشكل تعاقدي مع مجتمع فاعل ومتحمل لكل مسؤولية التاريخية.
ـ إن الشباب الاتحادي يدرك أن التحولات المتسارعة التي تفرضها العولمة، والتحولات الكبيرة التي باتت تخضع لها المجتمعات بفعل ثورة وسائل التواصل الاجتماعي والتطورات المتسارعة في التوازنات بين القوى الفاعلة في النظام الدولي والتي تمس المجتمع المغربي عبر كل مكوناته، تفرض مرونة عملية تسمح بالتطور الإيجابي خدمة لقضايا المجتمع، وهذه المرونة ليست سابقة في تاريخ الاتحاد الاشتراكي، فقد استجابللعديد من الظروف في أكثر من موقف ومحطة تاريخية، كتجربة التناوب التوافقي الذي عكس هذه المرونة في أعلى المستويات، وإن كان ذلك قد لقي في العديد من الأحيان انتقادات كثيرة، فإن الحزب وكما سيبين التاريخ لاحقا حافظ على مسار السيرورة الديمقراطية في المغرب على الرغم من الانتكاسات التي قد تشوبها أحيانا، لذلك فإن المرونة لا تتوقف في التعاطي مع التحديات الحالية بل تمتد لتشمل كذلك المكونات التنظيمية للشبيبة الاتحادية.
ـ وفيما يخص مبدأ الرقمنة: وضعت الشبيبة الاتحادية نصب عينيها ضرورة تجديد وسائلها التواصلية بحكم التجربة وبحكم الوقائع التي رسمت حدودا أمام فاعلية وتأثير الوسائل والقنوات الكلاسيكية المعتادة، فالتواصل الرقمي القائم على مبدأ القرب، والآنية والفعالية… والذي فتحته الثورة الرقمية الرابعة، مكن البشرية من فضاءات جديدة سرعان ما فرضت سيطرتها على كل المجالات السياسية والاقتصادية وكذا الاجتماعية والثقافية، خاصة في الدول المتقدمة التي أصبحت فيها الوسائل الرقمية جزءا من الحياة السياسية والاقتصادية، ومن هذا المنطلق وعت الشبيبة الاتحادية بضرورة إيلاء عناية بالغة للوسائل الحديثة في سبيل بناء هوية رقمية للاتحاد الاشتراكي من أجل خلق فضاء اشعاعي جديد له، للتفاعل مع الشباب والمواطنين، كما أن الموقع المتميز الذي أصبحت تحتله الشبيبة الاتحادية من خلال دفاعها المسؤول عن القضايا الوطنية خاصة تدعيم قضية الوحدة التربية والتصدي للأعداء المتربصين بها، يفرض تعزيز اشعاع حزب الاتحاد الاشتراكي وطنيا ودوليا خاصة تسويق مشروعه المجتمعي القائم على تقوية دعائم الديمقراطية والمساواة، إن هذه الوسائل ستمكن من دون شكل، من ردم الهوة بين والمواطنين والمواطنات من جهة والنخب الاتحادية من جهة ثانية.
وفي سبيل تفعيل مبادئها، تؤكد الشبيبة الاتحادية على ضرورة تنويع أساليب اشتغال وانخراط الشباب، سواء العمل بشكل مباشر من داخل الشبيبة الاتحادية كقطاع حزبي وعبر هياكلها التنظيمية، أو من خلال العمل في قطاعات موازية، ومادامت القضايا التي تبنتها الشبيبة الاتحادية تعبر عن تطلعات المجتمع المغربي وطموحاته، فإنها تفتح الباب أمام العمل التطوعي خاصة من خلال خلق جمعيات مجتمع مدني موازية، تدافع عن قضايا مثل البيئة والمساواة وغيرها إيمانا منها بأن فتح وتعديد قنوات الفعل المواطن يمكن أن تحد من العزوف السياسي والمدني عند الشباب المغربي، وفي سبيل احياء الدور الفاعل للجامعة المغربية وجعلها في صلب التغيير الاجتماعي والرقي بها، مع إعادة الاعتبار لدورها الطلائعي والتاريخي في تأطير وتكوين الشباب، من خلال تشجيع الفعل الطلابي الاتحادي من أجل اغناء النقاش العمومي وتخليق الممارسة الجامعية بما تقتصيه المتطلبات الحالية. ولكي تكون في صلب التطلعات ترى الشبيبة الاتحادية وفق رؤية الآباء المؤسسين، بأن التأطير والتكوين والتثقيف هو أساس بناء الشباب المواطن القادر على تحمل المسؤولية اتجاه قضياه الذاتية والوطنية، فبناء الشباب هو السبيل الوحيد لبناء الوطن،وكماتضع الشبيبة الاتحادية الخيار الديمقراطي في صلب مهامها المجتمعية منضبطة لخيارات إطارها العتيد الاتحاد الاشتراكي، تضع كذلك المساواة كأداة تنظيمية من خلال تكريس المناصفة داخل كل الهياكل الحزب والتنظيمات الموازية له.
بالإضافة إلى هذا فالشبيبة الاتحادية تدرك جيدا المخاطر التي تطرحها الساحة السياسية بفعل صعود قوى جديدة تسعى لإضفاء الشرعية التاريخية عبر وسائل مذمومة، إما عبر توظيف المال أو الدين في تسويق سياسي بائر، ولذلك فإنها لا تتوانى في اعلان أحقيتها في الدفاع عن مشروعها المجتمعي وفق ما تلزمه أدوات التنافس السياسي السلمي المشروع، والتي تتم عبر القنوات القانونية التي كرسها دستور سنة 2011، وتكرسها الخيارات المعبر عنها في النظام الأساسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتعاقداته المجتمعية، وموقعها المتقدم كمكن معارض من مكونات العملية السياسية في النسيج السياسي لمغرب اليوم.
ومما لا جدال فيه بين الشباب الاتحادي اليوم، أن المؤتمر التاسع للشبيبة الاتحادية سيشكل دعامة أساسية للدفع نحو الريادة، وإعادة اشعاع العمل السياسي وكذا إعادة الثقة للمواطنين فيه، ووعيا منها بثقل هذه المهمة، فإن الشبيبة الاتحادية لن تتخلف عن دورها التاريخي في نصرة القضايا العادلة والمشروعة التي تخدم المغرب وطنا وشعبا.

(*) عضو المجلس الوطني
للشبيبة الاتحادية


الكاتب : هاجر أوموسى /عبد الإله معتمد / عادل أمليلح

  

بتاريخ : 21/09/2022