في أفق تجاوز مخلفات سنوات عجاف : ساكنة فاس .. تطلع إلى إعادة الاعتبار لمكانة المدينة وإشعاعها التاريخي

من المستجدات التي طبعت تدبير مرافق الجماعات المحلية بعدد من المدن المغربية الكبرى، في السنوات الأخيرة، تفويت اختصاصاتها الى شركات متعددة مغربية وأجنبية، في إطار التدبير المفوض لقطاعات النظافة والتطهير، والنقل الحضري والماء والكهرباء…، مما جعل المتتبعين للشأن المحلي يتساءلون حول هذه «الظاهرة» التي أضحت هي القاعدة العامة، لدرجة جعلت المستشارين عاجزين عن الابتكار والتفكير في المشاريع التي تساهم في التنمية الاقتصادية للمدن؟
سابقا انصب التفكير في جماعة فاس على المشاريع الاستثمارية، وخصصت الجماعة على عهد المجلس الاتحادي الأسبق، مجموعة من القطع الأرضية لاستغلالها كفنادق تشجيعا للمستثمرين السياحيين، حيث تم، مثلا، بناء فندقي وسيم وبارسيلو بساحة المقاومة، كما تم بناء المحطة الطرقية ومركب الحرية، مع الاهتمام بالبيئة، إذ رفع المجلس شعار «لكل حي حديقة..»، زيادة على الاهتمام بالبنية التحتية وغيرها من المشاريع الاستثمارية، ما وفر للمجلس «بنكا للمعلومات» المتعقلة بالمشاريع الاستثمارية. قد يقول قائل» إن بعض المشاريع فشلت»، وهذا موضوع آخر يحتاج إلى تحليل الأسباب التي أدت إلى ذلك. المهم كانت مجالس فاس تضم نخبة من الاقتصاديين والسوسيولوجيين ، ورجال الأعمال وغيرهم من المنتخبين الذين كان همهم خدمة المدينة وسكانها.
اليوم، للأسف، أصبحت العاصمة الادريسية تعيش مشاكل عدة، فعدد من شوارعها غارقة في الظلام الدامس، كما قد يصادف المتجول، أحيانا، عبر شوارع الحسن الثاني، محمد الخامس والرياضة وغيرها من الشوارع والازقة، بالإضافة إلى إغلاق عدد من المعامل وتسريح عمالها في الحيين الصناعيين بسيدي ابراهيم والدكارات، أما أسواق المدينة العتيقة، القلب النابض لفاس، فقد عمها الكساد وهجرها تجارها إلى آماكن أخرى طلبا للرزق.
ويذكر سكان فاس أن «المنافسة» على تداول تسيير المدينة، كانت محتدمة بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، حيث كان كل منهما يترك بصماته في مختلف المجالات، غير أن مثل هذا التداول اختفى في الفترة السابقة، التي دبر فيها حزب العدالة والتنمية شؤون المدينة، التي لم تر أي انجاز ملموس باستثناء صيانة الحدائق وانجاز عدد منها بمقاطعة جنان الورد.
وعقب نتائج انتخابات يوم 8 شتنبر 2021، أسندت الرئاسة للدكتور عبد السلام البقالي عقب اتفاق بين التحالف الرباعي «الأحرار والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي»، وهي «المستجدات الانتخابية» التي تتمنى ساكنة فاس، أن تشكل مدعاة لتغيير المسار التدبيري في أفق إعادة الاعتبار للعاصمة الإدريسية، وتنزيل مشاريع إنقاذ هذه المدينة العريقة وجعلها تستعيد إشعاعها وحيويتها في مختلف المجالات، خاصة المجال الاقتصادي، من خلال التفكير الجدي لجلب الاستثمارات لمساعدتها على النهوض مجددا، لأن لها من الإمكانيات مايجعلها في مصاف المدن المغربية الأكثر نشاطا، نظرا لمميزاتها الطبيعية والتاريخية وكفاءة اليد العاملة المؤهلة من خريجي الجامعة والمدارس العليا بفاس، إلى جانب مهارة صناعها التقليديين ذات الصيت العالمي.


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 15/03/2022