«في التمثل النقدي والإبداعي» جديد الناقد نور الدين صدوق

صدر للناقد والروائي المغربي صدوق نور الدين، كتاب جديد بعنوان «في التمثل النقدي والإبداعي»، يستعرض فيه تأثير تجربة نجيب محفوظ في الأدب المغربي الحديث خارج السياق الأدبي والثقافي في مصر، من منطلق كونه رائد الرواية العربية الذي امتد حضوره في كل العالم بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب.
وجاء الكتاب الصادر حديثا عن دار «الآن ناشرون وموزعون» بالأردن (2024)، في مقدمة ومدخل وقسمين، تفرع القسم الأول «في النظر النقدي»، إلى مجموعة من الفصول هي: «محمد زنيبر: نجيب محفوظ والكتابة الاجتماعية»، و»عبد الله العروي والموقف الثابت»، و»محمد برادة: الرهان على التخييل الروائي»، و»التفاعل النصي: ألف ليلة وليلة»، أما القسم الثاني فتناول موضوع «المصري في التمثل والاستحضار».
وتوخى هذا التقسيم ، استكشاف مرجعيات الكتاب والنقاد من المغرب العربي، وتأثرها بالتجربة المحفوظية، خاصة في مرحلة هيمن فيها الروائي نجيب محفوظ على مشهد الكتابة الروائية، حيث يندر الحديث عن مبدع عربي لم يتأت له التعرف والاطلاع على النص المحفوظي. ومن ثم، وجد الروائي العربي ذاته الإبداعية أمام مرجعيتين: المرجعية الغربية ممثلة في كلاسيكيات الرواية العالمية، والمرجعية المشرقية كما جسدتها التجربة المحفوظية.
ويرى الباحث أن تجربة نجيب محفوظ في الكتابة الأدبية رسخت تقاليد التخييل الروائي عن وعي عميق بالمنجز الإبداعي الغربي في مستوياته كافة، وأن الوعي لا ينحصر في هذا المستوى، بل إنه تشكل بالانفتاح عن المرجعيات الفلسفية، لتتحقق الموازاة بين الأدبي/ الفلسفي أو الروائي/ الفلسفي، وهو ما يقود لأن تكون الرؤية الجمالية والاجتماعية عميقة تتأسس انطلاق ا من قلق السؤال، وفي محاولة للبحث عن إجابات ينتج الأدبي الوعي بها كصراعات وتناقضات تاريخية، اجتماعية ووجودية.
ويشير إلى أن الوعي بالرواية كجنس أدبي، وبالوظيفة المنوطة بها، قادت «عميد الرواية العربية» إلى رسم منهجية الإبداع الروائي التي راهنت على النسق الأوروبي في التفكير والكتابة الروائية، حيث شكلت تجربة نجيب محفوظ للعالم ،مؤشرا ليس فقط في دراسة الرواية العربية، بل في دراسة التطور الاجتماعي والفكري في مصر.
ويوضح الباحث أن محفوظ اختار جنس الرواية ليكتب فيه إدراك ا منه بكونها الأقدر على الإحاطة والإلمام بالوجود الإنساني، وهو ما عبرت عنه الممارسة الروائية في الغرب على تنوع أشكالها ومضامينها. ويلفت إلى أن هذا الاختيار يجسد الوعي بحداثة الكتابة؛ تلك التي تم ترسيخها في الغرب بعيد ا عن التصورات التقليدية والتراثية التي ترى أن فن الكتابة الروائية يتوافر في أدبنا القديم.
ووفقا للباحث، فإن نجيب محفوظ في اختياره الأدبي، وبالتالي وعيه بحداثة الكتابة الروائية، كسر تقليد الهيمنة الذي حظيت به القصيدة، وأدرك مبكرا أن الزمن القادم في تحولاته المتسارعة يظل في حاجة للنص الذي يواكب هذه التحولات، يفهمها ويتفهم غاياتها ومقاصدها. وهذا النص الأدبي في صيغته النثرية ليس سوى الرواية التي خاض محفوظ ممارستها وهو يدرك صعوبة التلقي والتقبل في مجتمع عربي دأب الإنصات لإيقاعات القصيدة.


بتاريخ : 26/04/2024