في الندوة الوطنية العلمية التي نظمها قطاع المحامين الاتحاديين: الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر: لا يمكن لمهنة المحاماة أن تتطور وتتقدم إلا في ظل عدالة متقدمة وقضاء مستقل ونزيه

 

حان الوقت، مرة أخرى، لفتح ملف العدالة وملف استقلالية القضاء، لأن الممارسة تطرح العديد من الإكراهات والاختلالات

 

بحضور كمي مكثف ونوعي لرؤساء سابقين لجمعية هيئات المحامين ونقباء سابقين وممارسين، ثم محاميات ومحامين من مختلف هيئات المحامين بالمغرب، انعقدت ندوة وطنية علمية بمبادرة من قطاع المحامين الاتحاديين، بحضور الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتدارس النقباء والفعاليات القانونية، خلال هذه الندوة التي نظمت يوم السبت 18 مارس الجاري بدار المحامي بالرباط، موضوع « مشروع قانون المهنة في ظل الحوار المستمر».
تميزت الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة العلمية، بالكلمة التي ألقاها الكاتب الأول للحزب، التي أكد فيها أنه لا يمكن لمهنة المحاماة أن تتطور وتتقدم إلا في ظل عدالة متقدمة وقضاء مستقل ونزيه، مضيفا أن أي مناقشة لأوضاع المهنة لا يمكن أن تكون معزولة عن التطورات والتحولات التي يعرفها المجتمع والمؤسسات، لذا ينبغي أن تتم مناقشة الأوضاع باعتبار المحامي جزءا من أسرة القضاء.
وفي ذات السياق، اعتبر الكاتب الأول أنه حان الوقت مرة أخرى لأن يتم فتح ملف العدالة وملف استقلالية القضاء، لأن الممارسة تطرح العديد من الإكراهات والاختلالات، خاصة ونحن أمام سلطة مستقلة، مما يستدعي فتح حوار عميق وشامل حول هذا المكسب الذي ناضل من أجله الجميع، ونأمل أن نقطف الثمار جميعا.
وذكر الكاتب الأول للحزب، أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سبق له التعبير خلال يوم دراسي بمجلس المستشارين نظمه أيضا قطاع المحامين الاتحاديين، عن قناعته حول ما يجري، مؤكدا أن المناسبة مواتية وتتيح للأحزاب السياسية تطوير فهمها وتحليلها لاتخاذ القرارات الملائمة.
وأشار إدريس لشكر بنفس المناسبة، إلى أن قضية أوضاع المحامين ومهنة المحاماة، استغرقت خلال هذه السنة بشكل كبير كل النقاش الذي يجب أن يكون واسعا حول العدالة والقضاء وتقييم أوراش الإصلاح بالقضاء، مجددا التأكيد على أن أي مناقشة لأوضاع المهنة لايمكن أن تكون معزولة ولا يمكن الحديث عن تطور مهنة المحاماة إلا إذا اهتم نقاش المحامين، بصفتهم جزءا من هذه العدالة، بما يقع في العدالة والمحكمة والقضاء.
ومن جهته، أكد عبد الواحد الأنصاري، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أنه في ظل الظروف التي تعيشها مهنة المحامين خلال السنوات الأخيرة، يصعب الحديث اليوم في موضوع يتعلق بمشروع قانون مهنة المحاماة، مردفا أنه « يصعب علي أن أتحدث عن محاور مشروع قانون المهنة في ظل هذه الأوضاع»، مبرزا في نفس الوقت أن هذه الندوة ستخرج بخلاصات وتوصيات لتجويد الكثير من الأفكار المشتتة والآراء المتفرقة وتجميعها في قالب تشريعي مقبول يستجيب لتطلعات فئة المحاماة يرجع لها تموقعها داخل المجتمع والمنظومة الوطنية.
وأشار رئيس الجمعية إلى أن الحديث عن مشروع قانون المهنة ليس وليد الساعة بل تم فيه الحديث منذ 2012، وتعاقب عليه من المحامين والوزراء، آخرها النسخة المتوافق عليها التي بقيت فيها فقط نقطتان معلقتان.
وأطلع رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب الحضور على أنه كانت هناك نقاشات ومداولات حول مسودة مشروع قانون المهنة مع مختلف المتدخلين، وتم الاشتغال بمنطق التشاركية، وتوصلنا، يقول، في كثير من الأحيان، إلى العديد من النقاط المتوافق بشأنها، لكن هناك بعض المواضيع التي بقيت عالقة، وأخذنا فيها الوقت الكافي كمحامين للتداول فيها.
هذه المواضيع التي بقيت عالقة وكانت تحتاج إلى نقاش كاف ما بين المحامين، أولها المجلس الوطني للمحامين، تسميته وهيكلته واختصاصاته، ثانيا تحرير العقود، ثالثا توسيع مجال المحامي أو الاحتكار، رابعا الوكالة قي صيغتها وشكلها، ووضعها، خامسا مسطرة التأديب، تدخل النيابة العامة في هذه المسطرة.
ولفت الأنصاري الانتباه إلى أنه تمت مطالبة النقباء وأعضاء المجالس بأن يعرضوا هذه المواضيع في المجالس والندوات من أجل التداول فيها وموافاة اللجنة المكونة لهذا الغرض لاستجماع الملاحظات المتعلقة بالهيئات.
كما أكد النقيب والمنسق الوطني لقطاع المحامين الاتحاديين علال البصراوي في كلمة له بهذه المناسبة، أن تنظيم هذه الندوة من طرف قطاع المحامين الاتحاديين يأتي من أجل مساهمة أوسع، وإشراك لكل أجيال المهنة ومسؤوليها برؤاهم المختلفة والعميقة، على اعتبار أن الحوار والإنصات لبعضنا هو اليوم من أوجب واجباتنا، خاصة أن الحوار من أجل الإقناع هو الأداة اليومية لعمل المحامي من أجل إرجاع الحقوق لأصحابها في إقناع باقي الأطراف بوجهة نظره الهادفة إلى استرجاع مكانة مهنة المحاماة بين مكونات العدالة وفي المجتمع ككل.
وأشار المنسق الوطني إلى أنه ليس في حاجة إلى التذكير بتلك المكانة الرفيعة للمحاماة، والمساهمة الوازنة للمحامين في بناء المغرب منذ فجر الاستقلال، مسترسلا خطابه أنه ليس في حاجة إلى ذلك، لأنه، في هذا المحفل، بين صناع تلك المكانة وروادها.
واستحضر النقيب البصراوي بمناسبة الحوار حول مشروع قانون جديد للمهنة، بعض العناصر الأساسية التي يجري في ظلها هذا الحوار، والتي اعتبرها مرتكزات أساسية.
أولا: إن الحوار يجري في ظل دستور 2011 الذي كرس كثيرا من الأفكار والمبادئ السامية والمقاربات الحقوقية، وهو ما يتطلب العمل بمنطق الملاءمة الداخلية لقوانيننا مع هذا المتن الدستوري الذي يعتبر أداة للملاءمة مع المرجعية الدولية التي نص عليها تصدير الدستور نفسه، خاصة أن مهنة المحاماة كانت دوما مهنة عالمية في مرتكزاتها ومنهجها وأهدافها كرسالة ممتدة تخترق الحدود والفضاءات المكانية والأزمنة في دفاعها عن العدل والحق.
لهذا فإنه ليس مسموحا الرجوع إلى ما قبل دستور 2011 في مضامين مشروع قانون المهنة، في كل ما يتعلق بالحرية والاستقلالية والمساهمة في التطبيق العادل للقانون واعتماد المقاربة التشاركية ومقاربة النوع الاجتماعي وغيرها من الأفكار والمبادئ.
ثانيا: يجري الحوار اليوم، بعدما أصبح شركاؤنا في العملية القضائية في وضعية السلطة الدستورية المستقلة بإمكانيات ومؤهلات كبيرة بعد طول مطالبة منا بهذا الوضع لسنوات بل لعقود، واليوم والحالة هذه، ظلت المحاماة في وضعية تنظيمية وتدبيرية وبروتوكولية مثلها مثل آلاف الجمعيات المنتشرة في أنحاء الوطن، عارية من كل دعم أوامتياز إلا من تاريخها العريق وحكمة روادها وجدية شبابها، وهي العناصر التي تعتمدها المهنة اليوم لأداء رسالتها بالندية اللازمة رغم كل الصعوبات.
هذا التفاوت بين الجناحين، يخلق تفاوتا في الأداء مؤثرا بالضرورة على الهدف العام للعملية القضائية، وهو تحقيق العدالة، ولن يتأتى ذلك إلا بخلق التوازن التنظيمي والوضع القانوني.
والأمر هنا لا يتعلق بمجرد مطالبة للمحامين بل يتعلق الأمر بنتائج ومخرجات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة وما انتهى إليه من ميثاق قدم أمام أعلى سلطة في البلاد.
ثالثا: المعطى الآخر الذي يجري الحوار اليوم في ظله هو الوضع الاجتماعي السيء لغالبية المحامين نتيجة عوامل كثيرة، ذلك أن المحاماة جزء من بنية المجتمع تتفاعل معه سلبا وإيجابا وتنعكس عليها وضعيته صعودا ونزولا.
وباعتبار القانون اليوم في العالم لم يعد مجرد منظم للعلاقات والأوضاع بل محفزا على تطويرها، فإنه ينبغي أن يكون مشروع قانون المهنة فاتحا لآفاق جديدة لعمل المحامين موسعا لاختصاصاتهم، علما بأن ذلك ليس دفاعا عن المحامين فقط بل هو تنزيل لأحد المبادئ الحقوقية الأساسية، وهو الولوج المستنير للعدالة لكافة المواطنين وفي كل القضايا وهو ما لا يتصور إلا عن طريق المحامي.
وختم النقيب البصراوي كلمته بالقول إن النجاعة ليست مجرد إنتاج وأرقام بل هي جودة أحكام. والدفاع ليس مجرد شكلية بل هو مساهمة فعلية في صنع الحكم وجودته، والمحاماة في المغرب ليست مجرد مهنة للعيش بل هي مساهمة في بناء المسار الديمقراطي للبلاد.
ومن أجل التداول الرصين والتدارس العميق لهذا الموضوع، استدعى قطاع المحامين الاتحاديين، كلا من عبد الواحد الأنصاري، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وعدد من النقباء: النقيب عبدالرحيم الجامعي، النقيب إدريس شاطر، النقيب عبد الله درميش والنقيب عبد اللطيف اعمو، فضلا عن عبد الكبير طبيح، رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب سابقا.

النقيب عبدالرحيم الجامعي: هل هناك نية سياسية حقيقية للنهوض بمهنة المحاماة؟

في مستهل مداخلة له قدمها في هذه الندوة، تساءل النقيب عبد الرحيم الجامعي، قائلا: هل نحن ننتظر تحقيق القفزة النوعية التي تقدم المهنة؟ وهل هناك نية سياسية حقيقية للنهوض بمهنة المحاماة في إطار الإصلاح الاستراتيجي للعدالة والقضاء؟ منبها في نفس الصدد إلى أنه «منذ سنة2011 إلى اليوم لم تزد المهنة إلا تهميشا، في الوقت الذي كنا نرى المزيد من الاهتمام بالسلطة القضائية والنيابة العامة».
وتوجه النقيب الجامعي إلى الأحزاب السياسية ذات الثقل والوزن السياسيين، كحزب الاتحاد الاشتراكي، من أجل الدفاع عن مهنة المحاماة، وقال في هذا الإطار «إننا محتاجون لأصوات سياسية قوية للدفاع عن المهنة».
وأشار النقيب الجامعي إلى مظاهر الأزمة المتعلقة بمهنة المحاماة، وفي مقدمتها هشاشة مسودة القانون الجديد، وعدم مسايرته للوضع الاقتصادي والاجتماعي، هشاشة المؤسسات الإدارية، وهشاشة المؤسسات المهنية، مؤسسة النقيب ومؤسسة المجلس، داعيا إلى ضرورة استخلاص الدروس.
كما لفت النقيب الجامعي النظر إلى أن المهنة تشكو من اختلالات في القيم داخل النظام المهني، ثم إن موقع الحق في الدفاع ضعيف إلى اليوم، داعيا الى ضرورة قيام مركز الحق في الدفاع في قانون المهنة بمظاهر حقيقية باعتبار أن الحق في الدفاع هو الضامن للأمن القانوني والأمن القضائي. بالإضافة إلى مسطرة الانتخاب التي طالب النقيب، بالتفكير في البدائل من أجل تقوية المؤسسات لتجنب الدخول في معارك مستقبلية بعد الانتخابات.
وبالنسبة للمجلس الوطني للمحامين، أكد النقيب الجامعي أن 17 هيئة محتاجة إلى موحد وإلى قوة إضافية تفتح آفاق المحاماة، داعيا إلى ضرورة الاتفاق على هذا المجلس واختصاصاته، فهو ليس ببديل عن الجمعية ولا يزاحم المؤسسات.
كما طالب النقيب الجامعي بأن ترفع وزارة العدل يدها عن مهنة المحاماة، وساق مثالين بهذا الخصوص، أولهما «تسجيل المحامين، ثم معهد تكوين المحامين، الذي أعلن عنه منذ ثلاثين سنة ولم ينفذ ولم نعرف أي شيء عنه».

 

النقيب إدريس شاطر: المجلس الوطني للمحامين سيكون هيئة استئنافية موحدة

قدم النقيب إدريس شاطر مداخلة تتعلق بإحدى النقط الخلافية التي بقيت معلقة في لقاءات جمعية هيئات المحامين ووزارة العدل، وهي المجلس الوطني للمحامين.
في بداية مداخلته، قدم النقيب إدريس شاطر التجربة الفرنسية المتعلقة بهذا المجلس، والتي تخص مجلس هيئة فرنسا الذي أحدث في 31 دجنبر 1990، وكان محل خلاف، وكانوا يظنون أنه سيأخذ اختصاصات الهيئات، لكن، يقول النقيب شاطر، سيثبت بعد 33 سنة أن المجلس من أحسن الاطارات التي أعطت تقدما ملموسا للمحاماة بفرنسا.
وبخصوص اختصاص مجلس هيئة المحامين بفرنسا، حدده النقيب إدريس شاطر في إبداء الرأي في التشريعات، التوحيد، تكوين المحامين وقبول المحامين الأجانب.
وأبرز النقيب شاطر والرئيس السابق لجمعية هيئات المحامين، الاعتزاز بما قدمته الجمعية في الماضي وما ستقدمه مستقبلا، وفي المقابل أشار إلى انسحاب الجمعية بعد الانتخابات من الهيئة، وما وقع مؤخرا قبيل مؤتمر الجمعية، الذي انعقد بالعيون. مسجلا أن المجلس سيكون مكونا من أعضاء مجالس الهيئات.
كما انتقد النقيب شاكر بعض مظاهر الاختلاف لدى الهيئات، معبرا عن ذلك بـ «مختلفون في القوانين الداخلية، مختلفون في الرسوم ومختلفون في صندوق الأداءات للهيئات»، متسائلا في نفس الآن:» لماذا لا يكون هذا المجلس هيئة استئنافية تبت في الاستئناف».
وبالموازاة مع ذلك، شدد النقيب شاطر على أن هذا المجلس الوطني سيكون مجلسا وطنيا تنسيقيا وقراراته ملزمة باعتبار أن المهنة في حاجة إلى الوحدة.
وختم مداخلته بالدعوة لعدم الجمع مابين سلطة المتابعة والمحاكمة في ما يتعلق بالتأديب، مشددا على أنه لا يجب إعطاء سلطة المتابعة والتأديب لهيئة واحدة.

 

النقيب عبدالله درميش: التكوين المستمر وتوسيع مجالات المحامي

قدم النقيب عبدالله درميش وجهة نظر مخالفة متعلقة بقانون المهنة، رافضا أن يدخل في تشخيص واقع حال المهنة، إيمانا منه أن الواقع يتحدث عن الواقع، «ولسنا في حاجة لقلب المواجع»، وأشار إلى أن قانون المهنة الحالي، قانون جيد وموضوع من طرف المحاميات والمحامين، موضخا أنه عاش مخاض هذا القانون حيث كان مقررا له.
وأقر النقيب درميش بأن الراحل محمد بوزوبع، الوزير السابق بوزارة العدل، هو من كان له الفضل بخروج هذا القانون إلى الوجود بفضل الدعم السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي في البرلمان. مذكرا أن الراحل بوزوبع قال أنذاك « إن المحامين هم الذين يضعون قانونهم وليس جهة أخرى».
ويرى النقيب درميش أن قانون المهنة الحالي لايزال صالحا لكنه يحتاج إلى تحيين حسب المستجدات التي يتعين على المحامين مواكبتها، مستدركا كلامه «لكن هذا قدرنا، جاء المشروع الجديد! .»
وحذر النقيب في إطار انتقاده للمسودة الحالية لقانون المهنة، من مساهمتها في تقليص صلاحيات المحامي، مع الإشارة إلى قانون الجماعات الترابية الذي يتضمن المساعد الترابي، وهو الذي يعين المحامي عند الاقتضاء، ثم قانون المنافسة.
كما أشار النقيب درميش أيضا إلى ما أسماه ببعض الحيل القانونية مثل معاهد التكوين للمحامي، التي تم الإعلان عنها في 1994 لكن نجد مقتضيات قانونية تقول: «سيصدر بها نص تنظيمي»…مشددا على عدم نسيان العنصر البشري، ثم سجل على أن مشروع القانون غيب الأعراف والتقاليد في المقتضيات القانونية والنموذج التنموي الجديد الذي تحدث عن جودة الأحكام .
وخلص النقيب درميش إلى أن مهنة المحاماة ترتكز على ركيزتين أساسيتين، أولاهما معهد التكوين المستمر، ثم توسيع مجال المحامي، وهناك مجالات لم تفعل، كمجال الوساطة والتحكيم، الوكالة الرياضية، الملكية الصناعية .

 

النقيب عبد اللطيف اعمو: ضرورة دسترة مهنة المحاماة كمؤسسة مستقلة

في مداخلته أكد النقيب عبد اللطيف اعمو أن ما يعيق الاستثمار وتحقيقه بالبلاد هو الأمن القضائي والعدل، وتساءل عن ماهية الإصلاح الذي نريده؟
مشددا على أن التشخيص متفق عليه لكن التحليل تحكمه العاطفة والمشاعر في حين نعيش عصرا آخر، مبرزا أن إصلاحات 1993 وإصلاحات 2008 ظرفية، جاءت في مرحلة تاريخية تميزت بالمصالحة مع المجتمع والعدالة الانتقالية، ولها تأثيراتها على القوانين.
لذلك يدعو النقيب اعمو لاستحضار السياق العام الذي توجد فيه الإصلاحات كمدخل لتجديد الأهداف المرحلية والاستراتيجية والقريبة والبعيدة المدى.
وسجل أن هناك 17 هيئة، متسائلا : هل نحن في حاجة إلى التعدد والانقسام أم الى الوحدة؟ مشددا على أن هذا السياق يتسم بمطلب الواقع الديمقراطي والأوطوقراطي، مستغربا أن هناك مؤسسات نص عليها دستور 2011 لم تنزل بعد ومؤسسات أخرى لم تفعل.
وعدد النقيب اوعمو ما أسماه التحديات والتحذيرات التي تواجه مهنة المحاماة، متسائلا في ذات الوقت هل نسير في وضع التجزئة والتقسيم أم وضع إطار لوحدة المحاماة؟
ودعا النقيب اعمو إلى تحديد أولا، المنطلقات لمباشرة الإصلاحات اللازمة لضرورة إدماح مهنة المحاماة في فضاءاتها المجتمعية والاقتصادية مع ضرورة استدراك التراكم الحاصل في الممارسة، والتأكيد على وضع مهنة المحاماة كركيزة ذات الصبغة العمومية بنص تشريعي، والتأكيد أيضا على المهنة كركيزة أساسية لتحقيق العدالة. مطالبا ، بدسترة المحاماة، لأن هدفها تحقيق العدالة، كمؤسسة مستقلة وانخراط المحاماة في دولة الحق والقانون والمحاكمة العادلة والحرص على مصداقية المواثيق الدولية.

 

رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب سابقا عبدالكبير طبيح يستعرض صعوبات وتحديات إخراج مشروع قانون المهنة

قدم عبد الكبير طبيح مداخلة تطرقت إلى تجربة خروج قانون المهنة السابق إلى الوجود والصعوبات التي واجهت الفاعلين الذي كانوا يحرصون على تنزيله، مع الإشارة إلى أن هذا القانون الذي يوجد حاليا فيه إيجابيات ومكتسبات، كما يتضمن سلبيات أبانت عنها الممارسة والتطورات والمستجدات التي عرفتها البلاد.
وذكر طبيح أن المحاميات والمحامين اليوم، أمام مجرد مسودة لوزير العدل ولم ترتق بعد إلى مشروع قانون، وبفعل التجربة المهنية والسياسية والبرلمانية، ذكر أن هذه المسودة ينتظرها مسار تنظيمي وتشريعي كي تخرج إلى الوجود بعد التوافق عليها والعمل على ولادتها بعد مخاض عسير، مذكرا بالتجربة السابقة: عمل المحامون الممثلون بالبرلمان على التوافق على قانون المهنة السابق لكن تم تجميده في ثلاجة الأمانة العامة للحكومة.
وحذر طبيح من عدم إيلاء نقطة الحسابات أهمية بالغة في قانون المهنة، كاشفا أن في التجربة السابقة كانت هذه النقطة سببا حقيقيا في تجميده داخل ثلاجة الأمانة العامة للحكومة.
كما انتقد المتحدث الوضع الحالي لمهنة المحاماة، مستغربا أنه لا أثر لدستور 2011، وكأننا مازلنا نعيش في إطار دستور 1996، وساق مثالا صارخا عن ذلك حيث تم تخويل للوكيل القضائي اختصاص الترافع؟ وتحدث أيضا عن دورية لوزير الداخلية التي تنص على التجاء الجماعات الترابية إلى الوكيل القضائي وليس المحاكم.
وشدد طبيح على أن في الممارسة المهنية ضرورة التنصيص على المسطرة الكتابية، مشيرا في نفس الوقت إلى أن المهنة هي المشغل الثاني بعد الدولة، ونبه كذلك إلى واقع الحال، أن المحامين قد أخرجوا من التنظيم القضائي، منتقدا كذلك الوكالة المكتوبة واصفا ذلك بأنه حق أريد به باطل، باعتبار أن مشكل الوكالة غير مطروح اليوم.
كما أكد طبيح على أهمية مصداقية القضاء والعدالة في جلب الاستثمار والتنمية بالبلاد، مشيرا إلى أن تقرير النموذج التنموي تطرق لجودة الأحكام في القضاء وربطها بعوائق التنمية، وسجل على أنه بالرغم من عدم دسترة مهنة المحاماة بشكل واضح، إلا أن مهام مهنة المحاماة مدسترة بشكل قوي.
واعتبر المتحدث أن المجلس الوطني مؤسسة استئنافية ستخدم مهنة المحاماة كثيرا، مبرزا أن المكاتب الأجنبية ستدخل بجميع اللغات، لكن لايجب أن تقدم المكاتب الأجنبية بشكل مستقل، داعيا إلى ضرورة أن تخضع هذه المكاتب لمؤسسة النقيب.

 


الكاتب : الرباط: عبدالحق الريحاني

  

بتاريخ : 20/03/2023