في تدخلات ندوة «أدوار اتحاد كتاب المغرب اليوم» بالمحمدية .. كتاب ومفكرون ونقاد يتفاعلون بالنقاش الجدي والمنتج 2/2

في إطار التفاعل الإيجابي مع ما ورد في أرضية ندوة «أدوار اتحاد كتاب المغرب اليوم» التي نظمها يوم السبت 25 فبراير الجاري «الملحق الثقافي» لجريدتنا، والتي عرفت نقاشا خصبا ومداخل متعددة للخروج من نفق الأزمة الحالية، ننشر الجزء الثاني من نقاشات الكتاب والمثقفين الحاضرين، رغبة في توسيع دائرة النقاش وفتح آفاق أخرى قد تشكل خارطة طريق وبداية حل

 

 

الجيل الجديد بنى معطاه الثقافي في استقلال عن المؤسسة

شدد الكاتب حميد المصباحي، في تدخله، على أن طبيعة الندوة تمنح كل الاقتراحات صفة ذات بعد استشاري ثقافي، بعيدا عن أية وصاية على مؤسسة الاتحاد، مشيرا الى أن الهدف منها هو مراكمة المعارف وتبادلها ووضع صندوق مقترحات لتجاوز الأزمة.
وبخصوص البراديغمات الجديدة التي على الاتحاد أخذها بعين الاعتبار، لفت المصباحي إلى أن هناك جيلا جديدا من الكتاب الشباب يتطور من خلال أدوات التواصل، يكتب وينشر في أعرق دور النشر وأرقى المجلات دون وسيط ويشتغل في استقلالية تامة عن هذه المؤسسة. هذا الجيل الجديد ، يقول المصباحي، بنى معطاه الثقافي في استقلال عن المؤسسات ودون دعمها ولا يحتكم إلا الى منطق النسخ المبيعة، وهو ما يجعل حاجة هذا الجيل غير ذات جدوى، خاصة الى اتحاد بتنظيماته التقليدية المتجاوزة.
إن المنطق الجيلي ومنطق التخصص لايزال حاضرا بقوة داخل الاتحاد، بالإضافة الى أن هيمنة المنطق التقليدي الذي يعزز النشر باللغة العربية دون أن يأخذ يعين الاعتبار البعد المجالي أو التعدد اللغوي ، تجعلنا أمام ردات فعل مضمرة لها دلالتها في بعض الأحيان ونصيبها من الاختلافات الدائرة اليوم، وهو ما يقتضي، كما قال المصباحي، كسر هذا الباراديغم، وكذا القطع في تعاملنا مع الأزمة مع منطقين نقيضين: منطق الهروب الى التاريخ والذاكرة، أو منطق الحديث بالمجرد الذي لا يجد أرضية توافق حتى في حدها الأدنى.

 

الديبلوماسية الثقافية شكلت عطبا داخل المكتب التنفيذي

اعتبر الشاعر وعضو الاتحاد، جمال أماش، أن مشكل الاتحاد فكري بالأساس وفيه نوع من التجاوز لما يقع. كما أنه تزامنا مع مايقع، فإنه أدى الى تحول تنظيمي. فالاتحاد اليوم مطالب بتوضيح موقفه مما يحدث داخل الفضاء الديني: هل هو مع الحداثة أم ضدها، مطالبا بعدم التذبذب في المواقف بخصوص هذه النقطة لتبديد هذا الغموض والحسم في طبيعة هذه العلاقة.
وأكد أماش أن العطب قديم داخل هذه المؤسسة التي مازالت الحاجة إليها ماسة اليوم، فكريا وثقافيا، متسائلا عن سبل إرجاع المثقف الى هذه المنظمة ليستعيد أدواره التنويرية وبالتالي انخراطه في الإجابة عن أسئلة المجتمع المتحولة بسرعة. وبهذا الخصوص يعتبر أماش أن الدور الأساسي للاتحاد تعطل منذ مؤتمر الرباط 2012 الذي وقعت فيه انزلاقات كثيرة كان طبيعيا أن تسفر عما آل إليه الاتحاد اليوم.
نقطة أخرى هامة تطرق إليها أماش، وتتعلق بعلاقة الاتحاد بخلاصات النموذج التنموي الجديد، لافتا الى أن المشاريع التي كانت تتصارع منذ تأسيس الاتحاد كانت تقف على طرفي نقيض: مشروع الدولة المحافظ مقابل مشروع الحداثة، وهو ما تغير اليوم ونحن أمام مشروع واحد لم يستطع الاتحاد اليوم بلورة ما جاء فيه وتنزيله، ما يدفع الى استعجالية عقد مؤتمره الاستثنائي في ظل الحاجة والجدوى.
أماش شدد أيضا على مسألة الديبلوماسية الثقافية التي شكلت أيضا عطبا داخل المكتب التنفيذي لأنها ارتبطت بالأشخاص وليس بالرؤية والتصور الواضح للتعاطي مع القضايا المركزية للبلاد، مضيفا أن التاريخ سيحاسب جميع الاعضاء على هذا الجمود، وبالتالي بات من الضروري تقديم الاقتراحات في الجانب القانوني لأن الجميع مستعد في النقط الاخرى للمشاركة بتفعيل الديبلوماسية الثقافية وتفعيل الدفاع عن القضية الوطنية التي اعتبرها أماش محسومة بإجماع المغاربة دون مزايدة.

هناك تهديد حقيقي للمكتسبات التي حققها الاتحاد

لفت الكاتب والناقد أحمد العاقد إلى أن ما يعيشه اتحاد كتاب المغرب اليوم من تجميد وتعطيل مقصود، لأن هذا الاتحاد منذ تأسيسه ساهم بأدوار طليعية في بناء دولة القانون والمؤسسات، وكان من طليعة المدافعين عن البناء الديمقراطي والتنمية الثقافية للبلاد.
وأشار العاقد في تدخله الى أن الضحية الأولى والأخيرة هي مصلحة الوطن والاتحاد الذي ليس عليه أن يدافع أو يقوم ردود أفعال أمام الخصوم ، بل يجب أن يكون مبادرا، إفريقيا وأوروبيا وفي أمريكا اللاتينية، وأن يكون درعا من دروع الدفاع عن القضية الترابية.
وشدد العاقد على أن المشكل اليوم لا يكمن في أولوية الاولويات، بل في البناء المؤسساتي، لأن هناك تهديدا حقيقيا للمكتسبات التي حققها الاتحاد، هذه المؤسسة المعطلة منذ دستور 2011، التي تركت فراغا تقتضي الضرورة المجتمعية أن تكون مساهمة في خلق النقاش حول المستجدات والإضافات التي جاء بها هذا الدستور، متسائلا: أين هو الاتحاد من النقاش المجتمعي العمومي كفضاء للحداثة والدفاع عن الاختلاف والتعددية؟ .
إن بداية الحل، في نظر العاقد تكمن في الذهاب إلى مؤتمر استثنائي وهو استنثائي بطبعه ، ويجب أن توفر له الشروط ، مؤتمر ليوم واحد بمدينة الرباط لمخرجات واضحة والحرص على تطبيق القانون ( القانون الأساسي والداخلي ).
وتوجه العاقد أخيرا الى أعضاء المكتب التنفيذي، برئيسه ونوابه والكاتب العام وأمينة المال ومستشاريه، برجاء طالبهم فيه تحمل مسؤولياتهم التاريخية في هذا التعثر حماية للاتحاد لمصلحة الوطن.

 


علينا نسف مفهوم الجمعية وبناء‮ «‬مؤسسة‮»

اعتبر الناقد محمد علوط أن الحديث عن حل لأزمة الاتحاد‮ ‬يبدأ من الإجابة عن سؤال‭:‬‮ ‬أي‮ ‬مؤتمر استثنائي‮ ‬نتحدث عنه‭ ‬وبأية‭ ‬معايير؟ مشيرا إلى أن الكتاب لا‮ ‬يريدون اليوم مؤتمرا‮ ‬يكون نسخة عن المؤتمرات السابقة،‮ ‬بل مؤتمرا‮ ‬يمتلك إطارا نظريا وتأسيسات مبدئية وإلا فإن لا حاجة إليه‮.‬
ولفت علوط إلى‭ ‬أن الوقت قد حان من أجل الشروع في‮ ‬التغيير لأن المسؤول الحقيقي‮ ‬عن الأزمة هم الكتاب الذين أصبح ضروريا اليوم أن‮ ‬يقطعوا مع خطاب الضحية وتحميل المسؤولية للآخر،‮ ‬‭ ‬بل‭ ‬المطلوب‭ ‬منهم،‭ ‬وباستعجال،‭ ‬القيام بمبادرة التغيير لأن هذا من صميم حقهم كفاعلين ثقافيين‮.‬
وأضاف علوط أن هذا التغيير‮ ‬يبدأ من تحرير الاتحاد‭ ‬من‭ ‬‮ ‬صفة الجمعية والشروع في‮ ‬بناء‮ ‬‭”‬‮«‬المؤسسة‭”‬‮» ‬بدل تمثل الاتحاد كجمعية،‮ ‬مؤسسة ثقافية قوية متجذرة في‮ ‬البنيات المجتمعية وفاعلة في‮ ‬إطار شراكات مع الدولة‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬التحديات‭ ‬المطروحة‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صعيد‮.‬

علينا خلق قطائع إبستيمية مع طرق الاشتغال التقليدية

لا تعتبر ليلى الشافعي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التي أقيلت قبل أن ينصفها القضاء، نفسها خارج أجهزة الاتحاد بعد أن عبرت عن موقفها مما يحدث داخل هذه المنظمة في المؤتمر 18 ، حيث أكدت في تدخلها أن ما يحدث اليوم هو نتيجة لطرق اشتغال قديمة لايزال ينهجها الاتحاد في تدبير عمله واختلافاته، داعية في نفس الإطار الى وضع قطيعة مع هذه الآليات التقليدية في الاشتغال لأن هناك جمعيات ثقافية تقوم بالدور التقليدي للاتحاد، وهو ما يقتضي كما قالت الشافعي، خلق قطائع إبستيمية مع المسار السابق لاتحاد كتاب المغرب التي أنتجت منذ الستينات، والبحث بالتالي عن طرق أخرى للعمل تُضَمَّن في قانونه الأساسي، بالإضافة الى تشبيب هياكل الاتحاد.
وأضافت الشافعي أن المطلوب من الاتحاد اليوم، العمل على تنظيم دورات تكوينية لأعضائه في مجال التكنولوجيات الحديثة، ومواكبة التحولات الي يعرفها المغرب والعالم في الجانب الرقمي.
وبخصوص المقترحات التي تراها كفيلة بالمساهمة في تجديد أدوار الاتحاد، ترى الشافعي ضرورة تكوين لجنة للعمل من داخل الاتحاد تتطلع الى الآتي باستشراف واع لكل تحولات المستقبل القريب.

مستقبل اتحاد الكتاب مطالب بتحيين أدوات اشتغاله

لفت الشاعر وعضو مكتب فرع اتحاد كتاب المغرب بشفشاون، عبد الحق بنرحمون، في تدخله لمناقشة «أدوار الاتحاد اليوم» إلى أن ما يستحق الانتباه اليوم هو مستقبل الاتحاد في العصر الرقمي لأن اتحاد الستينات لم يعد مواكبا للتحولات المجتمعية خاصة في هذا الجانب التقني، معتبرا أن ملصق الندوة كان ذكيا في اختيار كلمة «أدوار» ما يعني أن الاتحاد وصل الى السقف وعليه أن يتجاوز هذا الأخير بالبحث عن أدوار جديدة تتطلبها المرحلة، ثقافيا وسياسيا وتقنيا.
وشدد عضو مكتب شفشاون على أن مستقبل اتحاد الكتاب اليوم مرتبط بالثورة الرقمية وما تطرحه من تحديات حتى ولو تجاوز أزمته التنظيمية لأنه مطالب بتحيين أدوات اشتغاله، وبملاءمة قوانينه مع المستجدات إذا أراد أن يرتقي من مجرد جمعية ذات أهداف تقليدية الى مؤسسة ثقافية كبرى، معتبرا أن الاتحاد خارج الاهتمام والانخراط الرقمي لن يكون له تأثير عربي أو دولي، خاصة ونحن أمام قضايا وطنية تتطلب منه الفعل والتأثير بما للديبلوماسية الثقافية من أدوار تثبت فاعليتها يوما بعد يوم كديبلوماسية موازية.

 

 

******************

 

أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد يصدرون بيانا حول آفاق المؤتمر المقبل

أصدر أعضاء المكتب التنفيذي لـ «اتحاد كتاب المغرب”، أربعة منهم حضوريا وثلاثة آخرين بموافقة بعدية، اجتماعا يوم السبت 25 فبراير الماضي، وأصدروا بيانا حول أوضاع المنظمة العتيدة وآفاق المؤتمر
جاء فيه:
عقد أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب اجتماعا ، يوم السبت 25 فبراير 2023 حضره كل من إدريس الملياني وعبد الدين حمروش نائبا الرئيس، وسعيد كوبريت الكاتب العام وليلي الشافعي عضو المكتب، وتقرر ما يلي::
ـ الدعوة الى اجتماع آخر بوجود الأعضاء الذين تعذر عليهم الحضور، في أجل لايتعدى أسبوعا
ـ النظر في المخرجات الممكنة لإطلاق دينامية عقد المؤتمر المقبل لاتحاد كتاب المغرب في شروط ديموقراطية ودينامية تسمح باستعادة الاتحاد للمبادرة التي طبعت تاريخه.
توقيع:

إدريس الملياني نائب الرئيس، عبد الدين حمروش نائب الرئيس، سعيد كوبريت الكاتب العام ، ليلى الشافعي عضو المكتب…
ووافق عليه كل من: وداد بموسى أمينة المال، ومصطفى الغتيري ويحيى عمارة عضوا المكتب


بتاريخ : 01/03/2023