في حوار مع الفنان التشكيلي والحروفي الطاهري محمد كرم : الخط العربي أهم أعمدة الحضارة العربية والإسلامية، ويحق لنا أن نتباهى به أمام الشعوب كافة

الخط العربي هو فن وتصميم الكتابة ومنذ بداياته الأولى إلى يومنا هذا، يعد رمزاً من الرموز المهمة في بناء الحضارة الإسلامية، بل والإسهام في الحضارة الإنسانية. يخلق في داخلنا إحساساً عميقاً بالقيم الاجتماعية حيث إنسانية الإنسان،و يبدع الخطاط، بصياغة ذلك العشق والإيمان والمثل العليا،فتحولي إلى آثار خالدة مستمدة من القيم .
اللقاء مع الفنان الحروفي (الطاهري محمد كرم) له نكهة خاصة، فمن كتاباته الجميلة والرشيقة، تحسّ بأنك تتفاعل معه داخل اللوحة، من خلال تجربته المتأصلة في تلافيف الحرف، وإيماءات الكلمة، فيحمل معه في فضاء الحرف، حيث المتعة والرشاقة والجمال.

 

– حدثنا عن طفولتك مسقط رأسك وكيف ساهم بروز موهبتك الفنية ؟
– « الطاهري محمد كرم فنان تشكيلي حروفي من مدينة طنجة بدأت الرسم منذ الصغر.
انتقلت من رسم البورتريه الواقعية والتعبيرية إلى عالم الحروفيات والتي يستعمل فيها تقنية تسليط الضوء في الظلام وبتلاعب الضوء يتشكل الحرف كعنصر أساسي وتداخل بعض الحروف تتنج الصورة ذات طابع راقي مكتمل من حيث دراسة الأبعاد والنسب والقيم اللونية.

– ما هي أبرز جماليات الخط العربي؟
– « إن أبرز ما يميز الحروف العربية أنها تكتب متصلة أكثر الأحيان، وهذا يعطي للحروف إمكانيات تشكيلية كبيرة، دون أن يخرج عن الهيكل الأساس لها، ولذلك كانت عملية الوصل بين الحروف المتجاورة، ذات قيمة هادفة في إعطاء الكتابة العربية جمالية من نوع خاص، حيث تراصف الحروف، التي تأخذ دورا في إعطاء الكتابة العربية تناسق ورشاقة، عندما تكون هذه المدات متقنة، وفي مواضعها الصحيحة، ويمكن أن نلحظ كيف أن طريقة الوصل بين الحروف، تختلف من نوع إلى آخر من أنواع الخط العربي، كما في الديواني والنسخ والكوفي والثلث والفارسي.
وهذا الاختلاف ناتج عن الأسس المتبعة في كتابة كل خط من هذه الخطوط، حيث نجد الزوايا والخطوط المستقيمة سائدة في أنواع الكوفي، ونجد الأقواس والزوايا في كل من النسخ والثلث، بينما تكون الأقواس الرشيقة والمدات الإنسانية سائدة في الخط الديواني. وتتخذ الوصلات سمات مختلفة في الخط الفارسي، لتعطي للحروف المتباينة في عرضها تناغما موسيقياً رائعاً.

– ماذا يضيف اللون إلى اللوحة الخطية أو بمعنى آخر كيف تجد علاقة اللون بالخط؟
– « يعد اللون بمثابة الدم الذي يغذي الجسم، فاللون يعطي اللوحة دلالات متعددة، وآفاقا واسعة. فاللون هو العنصر الذي يدخل في الحالة النفسية، فإذا كانت اللوحة تتضمن شيئاً جميلاً، من حيث التعبير، الخلق الحسن، وقول الحق، فيتآزر المعنى، مع ما تبثه إشعاعات اللون، فيسود الانشراح النفسي، والصفاء الذهني. وهذه حالات نفسية نحن بأمس الحاجة إليها، وخاصة في هذا الزمن الموغل بالمشكلات والمنغصات الموصوف بالقليل من الواجبات.

– ما سر عناية الحضارة الإسلامية بفن الخط العربي وإبداعها فيه؟
– « كون العرب كانوا أصحاب مكانةٍ في الفكر واللسان، كان لا بد لشيء موازٍ كي يستطيع أن يرفع هذه المكانة، ويمكنهم من ترسيخ معارفهم ودينهم وفكرهم، أي بمعنى أنه ثمة لغة يتحقق حضورها شفوياً وتحتاج للترسيخ، ومع دخول الأعاجم في الإسلام، أصبح العرب بحاجة لمنهاج وتوثيق ومحافظة، على ما جاء به الإسلام، وأن تتم الكتابة أو التدوين بلغة قريش، التي فيها ألسن عربية، ومن الباب الأوسع؛ كان طبيعياً كذلك للمنتصر أن يؤرخ للمرحلة القادمة، مما جعل العرب يبدعون في الخط العربي والإسلامي، من أجل التدوين.
وفي هذا السياق لا يسعني سوى القول إن الخط العربي يعتبر أهم أعمدة الحضارة العربية والإسلامية، ونحن يحق لنا أن نتباهى به أمام الشعوب كافة فهو شكل لفتراتٍ تاريخية طويلة المعنى الحقيقي لوجودنا وجمال عربيتنا، كما إنه لسان اليد المعبر عن الخواطر، ورسول الفكر الناقل لمآثر الأوائل.


الكاتب : حاوره : محمد المنصوري

  

بتاريخ : 27/09/2023