«في زمن كورونا» الدعم يثير الجدل حوله ويعري عورة المجال الفني

 

في كل مرة يطرح موضوع الدعم، مهما كان الميدان الذي سيستفيد منه، تتناسل الأراء والانتقادات بكل أشكالها ولكن عندما يطرح حول الفن أو الثقافة بشكل خاص يكون للأمر شأن أخر
من قبل كانت الانتقادات تنهمر لكون الدعم غير كافي لنشاط يعتبر حيويا في حياة الشعوب، نشاط يقاس به مدى علم هؤلاء ووعيهم، حيث الكثير من أهل المجال يرون أن الثقافة ودعمها لا يأخذ حيزا كبيرا من الاهتمامات التدبيرية للدولة ولا من ميزانيتها، وهناك من يفترض أن هذا المجال تعشش فيه الزبونية
في هاته السنة حيث الجائحة والأزمة التي اقترنت بفيروس كورونا، المشكل ازداد تصعيدا، إذ ما كادت وزارة الثقافة تنشر لائحة بأسماء المستفيدين من الفنانين في مجال الأغنية والموسيقى، حتى تعالت الأصوات في العديد من المنابر الإعلامية وخاصة في شبكات التواصل منددة ومعتبرة أن الميزانية كبيرة، بالأخص في ظل كورونا، ومنهم من اعتبر أنها تتضمن أسماء لا تستحق هذا الدعم وكان الأولى التفكير في المهمشين من الموسيقيين والفنانين الذين أصابتهم العطالة، مما أدى لخروج الفنانين للتعبير عن رأيهم وتوضيح أمور عدة كانت خفية من بينهم نعمان لحلو ولطيفة رأفت وزينب ياسر وغيرهم..
وأمام هاته التهم المتبادلة والتي شارك فيها جمهورهم من خلال الأنترنيت، اتصلت الجريدة ببعض الفنانين المغاربة لأخذ رأيهم حول الدعم مساهمة منها في فتح نقاش حول موضوع شديد الأهمية لقطاع لا تخلو قوانينه من ثغرات وجب تصحيحها وتوضيحها
وفي هذا الإطار، أجاب الفنان والموسيقي المغربي النوري عن سؤالنا بأنه إذا تناول موضوع الدعم بصفة عامة فإنه أكيد لن يحس إلا بروح الغيرة على بلده على والفنانين جميعا وعلى كل الموسيقيين المحتاجين والذين يبيعون ألاتهم الموسيقية ويتفهم هؤلاء الأخيرين وتذمرهم من طريقة توزيع الدعم خاصة أولئك الذين تم تهميشهم خلال فترة الجائحة ولم تتم مساعدتهم أو إيجاد حل لهم، واسترسل مضيفا بأنه مع ذلك سيتحدث بشكل خاص حول الدعم الأخير الذي رافقته الضجة، مفسرا بأن الدعم يتواجد منذ مدة طويلة، وقال إن المبلغ الذي هو مليار و400 ملايين فهو تقريبا نفسه المبلغ الذي يمنح في كل مرة، ودائما بعد أن يقدم كل فنان مشروعا للوزارة وتصادق عليه اللجنة المكلفة، كأي دعم في القطاعات الأخرى، متسائلا عن سبب عدم التحدث عن القطاعات الفنية الأخرى مثل المسرح أو السينما…. فالسينما هي الأخرى كميدان فني مغاير يمنحونها الدعم فهاته المسائل كلها قانونية وجاري بها العمل ويتم مساعدة المشاريع بنسبة مئوية معينة،
الشيء الوحيد الذي يعترض عليه النوري، هو أن يتم صرفه خلال هاته الظروف العصيبة و بهذه الطريقة، وتمنى لو تم تأجيله لسنة أو لسنتين وتم تعويضه بدعم من نوع آخر، لأن الوقت الراهن يتميز بتضرر مجموعة من الفنانين وعم خلاله اليأس بحيث قليل من يرغب في الإنصات إلى الأغاني، وبالتالي، حسب رأي الفنان النوري، كان من الأولى توظيف الميزانية بطريقة عقلانية من خلال جمع الدعم المقدم لعدة مجالات كالكتاب والمسرح والموسيقى وغيرها وصرفها على من أصابتهم العطالة ولديهم مسؤوليات عائلية يتخبطون فيها وأكد النوري أنه من العادي أن تتأجج عواطف الفنان بسبب ما يحدث فهو يائس ويسمع أن أخر يستفيد من مبالغ مالية تبدو له كبيرة، لله يحسن لعوان» فهو كذلك فنان لكنه فقط لا يلحن أو لا يبدع لكي يستفيد من الدعم وهذا ما حز في نفسيته، واستطرد قائلا بأنه شخصيا كاد أن يدفع مشروعه الفني لوزارة الثقافة لكن خمن أن هاته الأخيرة ستؤجل الدعم لهاته السنة، وستعوضه بمنح من 1500 أو 2000 درهم تقدم لجميع الفنانين، ولجميع الموسيقيين الذين يتوفرون على البطائق..
حميد بوشناق من جهته أعلن أن الجائحة عرت على العديد من الأشياء والتصرفات ويعتقد أن من حق الفنانين أن يكون لهم هذا الدعم فهو من الناحية القانونية يكون مرتين في السنة، منذ سنة 2008 ، بشرط أن يستفيد جميع الفنانين، وأضاف أن هؤلاء الذين يحتجون ويكثرون من اللغو غالبا لم يشتغلوا ولم ينتجوا أصلا أية مشاريع.
وأضاف مفسرا وجهة نظره قائلا بأن له إجابتين حول الموضوع: أولا أن يأخذ الذين دفعوا مشاريعهم حقهم من الدعم، وثانيا أن نعرف لمن يدفع الدعم لأنه لا يعقل أن يدعم أشخاص لا علاقة لهم بالفن من ميزانية الفنانين إلا إذا كانوا قد قدموا فعليا مشروعا فنيا والمهم أن تكون عدالة في المعايير وفي تقسيم الميزانية، أما اعن المبلغ المصرح به من وزارة الثقافة، فيقول الفنان بوشناق بأنه ليس مبلغا خياليا بالنظر لما تتطلب كل أغنية..
واعتبر حميد بوشناق، من جهة أخرى، أن الانتقادات التي نالت من الطفل حمزة الأبيض، غير لائقة على اعتبار أن هذا الأخير هو كذلك فنان بالرغم من صغر سنه وسبق ورفع علم المغرب في الخارج بحيث ينطبق عليه معايير الفنانين الأخرين وانه له مشروع فلما لا يستفيد كما الباقي وأكد أنه بالعكس فيجب تشجيع هاته الموهبة والأخذ بيدها
أما الفنان التشكيلي عبد لله فنينو فقد أكد على أن الفنان التشكيلي يجب أن يحرص على زبونه ولن يحتاج إلى الدعم كما يجب عليه كمواطن المساهمة بالغالي والنفيس لأن البلد محتاجة له
وأضاف فنينو أن من حق الفنان أن يأخذ الدعم ولكن مع أخذ بعين الاعتبار هاته الأزمة، إذ يقدم للمعوزين منهم فقط وليس على أي شخص أن يتنافس ويأخذ نصيبه منه، كما على المسؤولين أن يقدروا احتياجات الفنان فإذا هذا الأخير لم يبع لوحة فلن يجد مالا ليعيش منه ويعيل عائلته، وأعطى فنينو مثلا بنفسه فهو على حد تعبيره لا يرى بأن على الدولة أن تساعده لأن هناك من يحتاج للمساعدة أكثر منه، بالنسبة لعبد لله فنينو الخطأ الذي وقع المسؤولون فيه هو أنهم لم يوجدوا سبلا للمساعدة، مثلا أن يقتنوا اللوحات من عند الفنانين ويفرضونها على بعض الإدارات والشركات وكذلك المستشفيات سواء يبيعونها أو يتم كراؤها لهم، فهناك أبناك مغربية جدرانها فارغة من اللوحات، يؤكد فنينو، فلما لا تتم هاته المحاولة ويضرب عصفورين بحجرة واحدة: تزيين تلك الإدارات بلوحات لفنانين تشكيليين مغاربة ومساعدة الفنان على مجهود قام به وهذا هو مفهوم المواطنة وأضاف بأنه هو شخصيا قام بتزيين جدران مستشفى بجناح خاص بالأنكولوجيا وكان مجانا ومن ماله الخاص و حتى لما تمت دعوته من أجل هاته المبادرة كان هدفه الوحيد هو أن يساهم من أجل وطنه..


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 29/10/2020