في كتابه « النظام القانوني للمهن شبه الأمنية في ضوء التجارب المقارنة».. د. بوشعيب فهمي يسلط الضوء على شركات الأمن والشركات العسكرية الخاصة

هل المقتضيات القانونية المنظمة لشركات الأمن الخاص كافية لتأطير نشاطها وتمكينها من آليات مزاولة احترافية لمهامها، أم أن هناك رغبة من طرف مهنييها في الاستمرار في نطاق الفوضى بحكم عدم قدرة بعض هذه الشركات على تغيير منهجية عملها وجعلها دعامة أساسية في تحقيق الأمن؟ ما هي الأهداف المعلنة والخفية من وراء ظهور الشركات العسكرية الخاصة، وما هي أسس اللجوء إلى الخدمات الأمنية لهذه الشركات وتأثيرها على الأمن القومي للدول واستمرارها الأمني؟
هذه أبرز الأسئلة التي حاول الدكتور بوشعيب فهمي الإجابة عنها في مؤلفه «النظام القانوني للمهن شبه الأمنية في ضوء التجارب المقارنة»، والذي تناول فيه مواضيع تتمحور حول الفاعلين الجدد في مجال المساهمة في إنتاج الأمن، والذين قد تتقاطع مهامهم أو تتكامل مع الوظائف الشرطية التقليدية، ويتعلق الأمر بشركات الأمن الخاص التي أصبحت الحاجة إليها تكبر يوما بعد يوم بسبب ما يعرفه المجتمع من تغييرات سواء من ناحية الأنشطة الاقتصادية أو الاجتماعية، مع ما يرافق تأسيس هذه الشركات من مشاكل قانونية وتنظيمية تطرق إليها الكاتب بإسهاب في المحور الأول من مؤلفه، مبرزا بنيتها القانونية والتنظيمية ومهامها العملياتية وضرورة تحديدها، مع التطرق إلى التزاماتها وصلاحياتها في ضوء متطلبات حماية الحريات الفردية في ظل الإكراهات الأمنية، متوقفا عند مسؤولية هذه الشركات المدنية وموقع الأمن الخاص في السياسة العمومية في تدبير الأمن، وكذا حدود التداخل بين القطاع العام والخاص والثابت والمتغير في تدبير الملف الأمني بين الأجهزة الأمنية.
لقد فرض تشعب الحياة الاقتصادية والاجتماعية تغيرا عميقا في المتطلبات الأمنية في ظل تزايد التهديدات الإرهابية وتطور الأنشطة الإجرامية، حيث ظهر فاعلون جدد في مجال المساهمة في إنتاج الأمن والمحافظة على النظام، وهو ما دعا إلى ظهور شركات الأمن الخاص التي أصبحت مكونا أساسيا في الإنتاج المشترك للأمن بعد ما أصبحت تسيطر على هامش كبير من متطلبات الاستجابة للطلب على الأمن، لكن هذه الشركات تعتريها الكثير من المشاكل رغم أهميتها، منها ماهو تنظيمي ومنها ما هو قانوني، يتعلق بعدم احترام الاختصاصات التي يخولها القانون رقم 27.06 المتعلق بشركات الحراسة ونقل الأموال خصوصا الشق المتعلق باحترام مبدأ الشرعية والخصوصية في التعامل مع المواطنين…
لقد حاول الكاتب، من خلال هذا الإصدار، أن يسلط الضوء على البنية التنظيمية لشركات الأمن الخاص ومدى تقاطع أعمالها مع المهام الموكلة للقوات العمومية، والاختلالات الجوهرية في عمل هذه الشركات في ضوء تعاظم مجال اشتغالها، والوقوف أيضا على المقترحات العملية للرفع من أداء هذه الشركات في أفق التحديات الأمنية المعاصرة. ..
وقد أظهر التتبع المباشر لعمل هذه الشركات ذات الطبيعة الخاصة أن هناك طلبا متزايدا على الخدمات الأمنية اليومية لن تستطيع القوات العمومية تلبيته نظرا لتشعب إكراهات العمل الأمني، والحاجة الماسة لاستتباب الأمن وبث الطمأنينة في صفوف المواطنين، كما تبين حجم الهوة بين المقتضيات القانونية الملزمة قبل الشروع في مزاولة النشاط، الواردة في القانون رقم 27.06.
وبالإضافة إلى محور «شركات الأمن الخاص»، يضم الإصدار محورا آخر استأثر باهتمام دكتور العلوم القانونية بوشعيب فهمي، يناقش موضوع «الشركات العسكرية الخاصة «، حيث سلط الضوء أيضا على عمل هذه الشركات العملاقة في إطار الاتفاقيات الدولية التي تمنع هذا العمل، وترى فيه تهديدا حقيقيا لسيادة الدول، متناولا أسس اللجوء إلى الخدمات الأمنية لهذه الشركات وتأثيرها على الأمن القومي للدول واستمرارها الأمني ..مبرزا المسؤولية القانونية لهذه الشركات العسكرية الخاصة وخرقها السيادة الوطنية للدول، ولم يفت الكاتب الحديث عن الأهداف المعلنة والخفية من وراء ظهور هذه الشركات، وهل تدعم استقرار الدول أم أن عملها ليس سوى غطاء للتدخل في شؤونها الداخلية لزعزعة استقرارها ونشر الفوضى.
وتناول الكاتب في المحور الثالث من الكتاب موضوع وكالات التحري الخاصة والاختلالات العميقة في عملها في غياب التنظيم القانوني بالمغرب لهذه الوكالات، التي يمس عملها جوانب كثيرة من الحياة الخاصة للمواطنين، لكنها تخرق بشكل واضح المعطيات ذات الطابع الشخصي، مع ما يضطلع به التحري الخاص من مهام متجددة وما يستتبع هذه المهام من مسؤوليات جسام تتداخل مع عمل ضباط الشرطة القضائية …
وفي محور أخير ناقش الكتاب عملية التطوع المدني في عمل الشرطة وسبل الرقي به لدعم مجهودات الإنتاج المشترك للأمن وتعزيز العلاقات بين الشرطة والمجتمع في ظل الطلب المتزايد على الخدمات الأمنية.
وصدر للكاتب بوشعيب فهمي بالإضافة إلى مؤلفه» النظام القانوني للمهن شبه الأمنية في ضوء التجارب المقارنة» سنة 2022 ، «ظاهرة الألتراس مقاربة قانونية واجتماعية « سنة 2016، «مجموعات الألتراس نحو راديكالية العنف وتسييس مدرجات الملاعب» سنة 2019، ثم «رسائل الحجر الصحي» مؤلف جماعي سنة 2020 .


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 03/05/2024