في ندوة بخنيفرة حضرها فاعلون في مجالات ذات صلة : «من أجل مجتمع غير متسامح مع مختلف تمظهرات العنف ضد النساء»

شكلت «إضاءات من أجل مجتمع غير متسامح مع العنف»، محور ندوة تفاعلية، بخنيفرة، نظمتها، يوم الخميس 25 نونبر 2021، «جمعية أنير للتنمية النسوية والتكافل الاجتماعي»، بشراكة مع «اتحاد العمل النسائي»، والتي عرفت مشاركة ثلة من الفاعلات والفاعلين بعدة مجالات ، القانونية والسياسية والتربوية والاجتماعية والصحية…
ويندرج تنظيم الندوة ، التي افتتحت بكلمة رئيسة الجمعية المنظمة، فتيحة حروش، في سياق «الحملة البرتقالية» المرتبطة باليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة (25 نونبر)، بهدف الحد من ظاهرة العنف الممارس ضد النساء والفتيات في أنحاء العالم .
وضمت الجلسة الأولى مشاركة ممثلة محكمة قضاء الأسرة، ذة. عزيزة بركات، في موضوع «دور خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف»، ومسؤول خلية التكفل بضحايا العنف بالمركز الاستشفائي الإقليمي، محمد خمري، حول «البرنامج الوطني للصحة للتكفل بهؤلاء الضحايا،» ثم رئيسة جمعية إنصات، سامية الأمراني، بمداخلة حول: «أية حماية قانونية لمستمعات المجتمع المدني»، وسير الجلسة عبدالهادي كيرو.
أما الجلسة الثانية، فضمت مداخلة للباحث السوسيولوجي، د. حوسى أزارو، حول أهمية المقاربة التعليمية في مناهضة العنف ضد النساء»، ثم ورقة لحسن آيت المغروس، حول «دور الإعلام في ترسيخ ثقافة حقوق المرأة ومناهضة العنف»، وسيرت الجلسة فاطمة أكنوز.
ركزت ذة. عزيزة بركات على مختلف الجوانب المتعلقة بدور خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف في تنزيل القانون 103/13، انطلاقا من صدور مدونة الأسرة، مستعرضة ظروف وأهمية إحداث هذه الخلايا بمحاكم المملكة، ودورها في استقبال وإرشاد وتوجيه الضحايا، مع إبراز الشركاء والمتدخلين، من باب توفير العناية اللازمة لضمان الحماية القضائية لهؤلاء الضحايا على اختلاف أوضاعهم، وزجر كل أشكال المعاملات السيئة التي طالتهم وتطالهم، عبر مساءلة ومعاقبة الفاعلين والمتورطين.
واستعرض محمد خمري الوتيرة التي أخذ المركز الاستشفائي الإقليمي يستقبل بها ضحايا العنف، من النساء والأطفال، وكيف يجري احتضانهم، بناء على ما تنص عليه بروتوكولات إعلان مراكش والبرنامج الوطني للصحة وباقي الاتفاقيات التي تنص على إرساء الحقوق وإلغاء أشكال التمييز، على مستوى التكفل والعلاج، وإنجاز الملفات والشهادات الطبية، وتوجيه الضحايا صوب الأطباء المختصين والمعنيين بالحالات المسجلة، مذكرا بالدوريات الوزارية المعنية بالنساء والأطفال ضحايا العنف، لافتا الى «أن عددا من النساء يتهربن من التقدم بحالتهن أمام المحاكم، إذا لم يقتصر بعضهن على طلب الحصول على الشهادة الطبية فقط»، وكيف أن «جل النساء الضحايا يتخوفن من اعتقال أزواجهن، سيما منهم الآباء الذين يجمعهم بضحاياهم الأطفال والطفلات»، مشددا على «ضرورة قيام مراكز القرار بإحداث قاعات خاصة بفحص الضحايا، وتجهيزها بما يجب من اللوازم الضرورية، مع العمل على تقريب خلايا التكفل من مصلحة المستعجلات».
وتطرقت سامية الأمراني إلى «مختلف الجوانب المتعلقة بالحماية القانونية والاجتماعية للنساء والأطفال ضحايا العنف، ودور الأطراف المتدخلة ومراكز الاستماع التابعة للجمعيات»، مشيرة لما أسمته ب «الإبهام أو الخلط القائم بين مفهوم المستمِعة والمساعِدة الاجتماعية»، وعلاقة ذلك بمضمون دفتر التحملات المنظم للنصوص القانونية والعلاقات مع الجمعيات المهتمة، والمعنية بالاتفاقيات المبرمة مع وزارة التضامن والأسرة، موضحة «كافة المواد الأساسية المتعلقة بالجمعيات على مستوى ما يهم عملية الاستماع والتوجيه والإرشاد والمساعدة الاجتماعية»، إلى جانب قراءة في دفتر التحملات المنجز من طرف الوزارة الوصية، وقانون الشغل بالنسبة للمستخدمات والمستخدمين، كما استعرضت نماذج من شهادات استقتها جمعية إنصات من عدة نساء ضحايا العنف، والاكراهات التي اصطدمن بها، مشيرة إلى «أن 57 بالمائة من النساء يجهلن قانون 103/13، وفق إحصاء استنتجته إحدى الباحثات».
د. حوسى أزارو أكد في الجلسة الثانية، على أن موضوع الندوة «كبير وحاسم جدا»، متوقفا عند معنى تركيز المجتمع على النساء؟، وكيف نتحدث عن ارتباط النساء بشتى المجالات؟، ونبحث في علاقة الجنس بالنوع؟، قبل أن يقوم بتفكيك مجموعة من الأسئلة بشأن «كيفية القطع مع ثقافة التطوع والإحسان مقابل تفعيل المأسسة والتدخل الواجب لبناء المجتمع بالطريقة التي نشتغل عليها» بعد تحقيق التكامل في مهام وقدرات المتدخلين والفاعلين الرئيسيين، موضحا تداعيات «العنف المرتبط بالتعسف المادي (جسديا واقتصاديا وجنسيا)، و»فعل المساس بإنسانية الإنسان (الحط من قيمته الاجتماعية المدنية والسياسية وغيرها)، ثم العنف العائلي والاستخدام السيء للسلطة داخل العائلة»، مع تحليل سؤال: هل العنف أساسي أم تحويلي؟، مع طرح مقاربات ينبغي بها معالجة «ما يعمل على شرعنة العنف وتبريره باسم الفحولة والرجولة والثقافة السائدة».
وبعد تطرقه للأسباب الاجتماعية للعنف، ومنها الثقافة الشعبية الرائجة حول صورة وقيمة المرأة، ناقش المتدخل الشعار: «لا تسامح مع العنف ضد المرأة»، بالقول: هل نقول لا تسامح أم نقول لا هدنة مع العنف، أم لا تواطؤ مع العنف؟، وذلك حتى يمكن الحد من الانكسارات داخل المجتمع»، و»لماذا بالتالي كلما ازدادت ثقافة المرأة ازداد عنف الرجل واحتقاره لها؟»، كما رأى المتدخل أن «أنماط التجديد لاتزال تتآكل داخل بنية الوضع الثقافي الراهن»، و«أن التمييز لايزال يمس بالبعد الاجتماعي للمرأة ويرميها بالشيطنة».
وانطلق د. امحمد أقبلي من القانون 103/13 الذي «نوقش بما فيه الكفاية من الجانب القانوني»، حسب قوله، و»من دور الجماعات الترابية في مناهضة العنف ضد النساء، بعدما أضحى الموضوع يهم عموم المهتمين والباحثين، سواء في الصحة والتعليم والقضاء، أو علم الاجتماع وغيره، مؤكدا أن «مجموعة من الأعمال التي تقام هنا وهناك تنقصها سياسات عمومية حقيقية يمكنها الحد من ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة»، مع تساؤله حول معنى حذف كلمة المساواة من اسم الوزارة الوصية ؟ مركزا على موضوع «السياسات العمومية التي يمكن بها مسايرة وتقوية الدولة الاجتماعية»، قبل التطرق لحال الإقليم الذي تنقصه مراكز للاستماع وإيواء النساء والأطفال ضحايا العنف، وكيف أن المجالس المنتخبة تفتقر لاختصاصات مشتركة في ما يتعلق بمقاربة النوع الاجتماعي، وللدعم الكافي للجمعيات المناهضة للعنف ضد النساء، «علما بأن دور المرأة هو قبل كل شيء المحدد لعدد من الالتزامات المرتبطة أساسا بحياة الأسرة، وقد بات من الضروري رصد مختلف الأبعاد المحددة لهذا الجانب».
واختار الفاعل المدني، لحسن آيت المغروس المشاركة بموضوع صورة المرأة في الإعلام، مستشهدا ببعض مؤلفات بيير بورديو، وبمفهوم ثورة الفكر والثقافة، من خلال القول «بوجود نوع من التواطؤ في الإنتاج وإعادة الإنتاج في نفس الثقافة والتكوين والتربية والتنشئة الاجتماعية»، مع سؤال: «كيف يمكن أن نخلق مجتمعا من دون عنف؟، وهل المدرسة تقوم بدور المساواة بين الجنسين؟»، ثم التوقف عند صورة المرأة في الإعلام البصري وواقع تقديمها بالمنطق الغربي الذي لا يرى فيها سوى بضاعة وجسد،
متطرقا لجانب من الإشهار التلفزي «الذي لايزال يقدم المرأة المغربية في أي مشهد يتعلق فقط بالطبخ والتنظيف واللباس، عكس الشكل الذي يمرر به صورة المرأة الغربية، بمواصفات جمالية وبوقار مميز، يسمح بتسويق المنتوج موضوع الإشهار»، وبعد تناوله لصورة المرأة في الأفلام والمسلسلات، دعا إلى «تغيير بنية التفكير لأجل تغيير صورة المرأة»، وإلى «ضرورة قيام هذه المرأة بتقديم نفسها كما تريد هي وليس كما يريد الإعلام، أو الاستمرار في تكريس العنف ضدها و تجاه بنات جنسها».


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 06/12/2021