قاعات سينمائية من الماضي وأخرى في قاعات الإنعاش بالدارالبيضاء

 

في مختلف فضاءات العاصمة الاقتصادية، ما تزال حاضرة بقوة ضمن معمار المدينة العتيق، لتحافظ بذلك على جزء من ذاكرة المدينة في شقها الفني و الاجتماعي ، و التي دخلت خانة زمن جميل مضى دون رجعة .
إنها دور السينما المغلقة المهجورة منذ سنوات، التي أمتعت أجيالا من عشاق الفن السابع، لتجد نفسها حاليا ضمن خانة الأطلال ، في وقت يتطلع فيه عشاق السينما إلى إعادة بعث الحياة فيها بشكل أو بآخر ، ضمن توجه لتوسيع مجال تنشيط المدينة خاصة وجهة الدار البيضاء – سطات عامة. الأمر يتعلق بمشكل يتجاوز ما هو محلي ، لأن الأمر ينسحب على جل المدن ، حيث تتواجد دور سينما مغلقة و مهجورة ، و هي فضاءات تخلى عنها الفن السابع .
تلك الدور المهجورة كانت في ما مضى تعج بعشاق السينما ، الذين كانوا يستمتعون بأفلام من كل الآفاق، و حاليا تحولت إلى أطلال تتجاذبها اعتداءات الطبيعة و الإنسان على السواء .
على سبيل المثال لا الحصر، ما تزال فضاءات العاصمة الاقتصادية تحتضن أطلال بعض دور السينما المغلقة منها ، « السعادة « و « فرح « بالحي المحمدي ، و « المسيرة « بحي عادل ، ثم « الملكية « و « الكواكب « و « موريتانيا « و « الزهراء» بمنطقة درب السلطان ، فسينما « الصحراء « بعين الشق ، إضافة إلى « البيضاء « بشارع محمد السادس .
و خارج الدار البيضاء ، و تحديدا بالجديدة ، هناك دور « الزهراء « و « باريس « و « الملكي « و « مرحبا «، و في ورزازات ( الأطلس / الصحراء ).
وفي هذا السياق اعتبر الكاتب و الباحث الجامعي عز الدين بونيت ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن استمرار إغلاق هذه الفضاءات وهجرها يعد خسارة رمزية و فعلية مزدوجة ، لافتا إلى أنه يصعب أن « نتفهم كيف يمكن إهدار الكثافة الرمزية التي تشكلها هذه المعالم الحضرية و ما تجره وراءها من تاريخ ، يشكل جزءا من لحمة الذاكرة الجماعية للمدينة ، كما لا يمكن تفهم حجم الإهدار العقاري الذي يشكله استمرار تعطيل استغلال عقارات ينطوي الكثير منها على غنى جمالي وملامح هندسية داخلية كثيفة « .
و بشأن بعث الحياة في هذه القاعات، أبرز أنه يتعين التعاطي مع ظاهرة القاعات السينمائية المهجورة من خلال النظر إليها باعتبارها مشكلة أزمة حضرية حقيقية، وليست فقط قضية تهم قطاع مستغلي القاعات السينمائية.
واقتراح في هذا السياق برنامجا مندمجا، تسهم فيه المدن، باعتبارها صاحبة المصلحة العمومية الأولى ، والقطاعات الحكومية المعنية بالثقافة والاتصال، باعتبارها الشريك باسم الدولة، و أصحاب العقارات و المستغلون باعتبارهم أصحاب المصلح المباشرة الخاصة، و ذلك ببلورة صيغ للدعم تستهدف تمويل مشاريع لإعادة تأهيل هذه المعالم ليس للعرض السينمائي وحده أو بالضرورة، بل من اجل إعادة فتح هذه المعالم كفضاءات للقاء و التواصل و تأسيس و قائع ذاكرة جديدة للرواد الجدد مع الحفاظ على الذاكرة القديمة و الحرص على استحضارها . و ما دام بالشيء يذكر، فإن الأزمة الناتجة عن كورونا فاقمت من وضعية مهنيي الفن السابع ، حيث سبق للغرفة المغربية لقاعات السينما دق ناقوس الخطر بشان وضعية هذا القطاع والمشتغلين فيه .
و هذا الوضع، الذي شكل موضوع مراسلات للوزارة الوصية من أجل العمل على تجاوز الأزمة التي يعيشها هؤلاء المهنيين ، يهدد بانضمام قاعات أخرى لقائمة دور السينما المغلقة .و تمت الإشارة في هذا السياق إلى أن الاتصال اليومي المباشر مع المشتغلين في هذا المجال ، يكشف عن المستوى العالي جدا من الهشاشة الذي يعانون منه حاليا، مع لفت الانتباه إلى أنه حتى التعويضات العائلية والتغطية الطبية قد تم تعليقها خلال هذا الوباء ، و هو ما فاقم من وضعهم .
و حسب آخر إحصاء للغرفة ، فإن 27 قاعة سينمائية ، التي ما تزال مفتوحة بمختلف مناطق المملكة، مهددة هي الأخرى بالإفلاس، لافتا إلى أن الوضعية المأسوية لهذه القاعات قد تدفعها إلى الالتحاق بركب أزيد من 250 قاعة أغلقت بشكل نهائي.


الكاتب : إعداد عبد اللطيف الجعفري

  

بتاريخ : 22/02/2021