قصائد 

1

بالأَبْيَضِ و الأَسْوَد..

هَذهِ صُورَتي
المَدْقُوقَةُ بمِسْمارٍ عَلى جِدَارٍ قَديم :
لا أَبْدو فِيها وَسيماً .

كُلُّ ما فيها ظِلالٌ مَحْرُوقَةٌ ،
و مَدْهُونَةٌ بزَيْتٍ مَغْشُوش .

يَوْمَ وُلِدْتُ تَحتَ شَجَرةٍ
منْ أبَوَيْنِ ،
و غَيْمَةٍ .

نَفَخَتِ العَاصِفَةُ في كُلِّ اتِّجَاهٍ
ثم اخْتَفتِ الأَشْجارُ ،
و القُبَّرَاتُ التي كَانَتْ تَنْقُرُ الخُبْزَ اليَابِسَ .

اخْتَفَى المِسْمارُ ،
والجِدَارُ القَديمُ ،
وصُورَتي بالأَبْيَضِ والأَسْوَدِ .

يَوْمَ وُلدْتُ تَحْتَ شَجَرَةٍ .
بِسَبَبِ العَاصِفَةِ
تَنَاثَرَ الرِّيشُ فَوْقَ رَاْسِي
ولَمْ أَنْتَبِهْ ،
وحِينَ انْتَبَهْتُ
أخَذْتُ رِيشَةً و كَتَبْتُ :
هُناكَ ، ثَمةَ حَيَاةَ .

2

خِيانَة..

ها أنا أحْمِلُ المَدينةَ على رَأْسِي
وأَمْشي مَسافَةً بِساقينِ من خَشَبٍ .

في البدايةِ كنتُ أَنْفُخُ فيها و أَدْفعُها أمامي :
ادفعُ المقاهي ،
والشَّوارِعَ ،
والأشْجارَ ،
والبُيوتَ الطِّينِيَّةَ .

أَحْمِلُهُ عُنْوَةً في زِنْبيلٍ ،
وأَحْمِلُ المدينةَ كُلَّما خانَني الحَنِينُ .

ها أنا بِسَببِ امْرَأَةٍ
أُجَرِّبُ الكِتابَةَ على المَاءْ .

و كُلمَّا خانَنِي التَّعْبيرُ
اَدْخُلُ حانةً ،
أوْ صالَةِ قُمارٍ ،
و أعوذ إلى النَّفْخِ في كُلِّ شَيْءٍ .

3

النهرُ والشَّجرَة…

حَزينٌ
على النَّهْرِ
الذي رَسَمْتُهُ في وَرَقَةٍ  .

من ثُقْبٍ
تَشَتَّتَ مَاؤُهُ مِنْ حَوْلي ،
وعلى وَجْهي
ثم تَسَرَّبَ إلى الحُقُولِ ،
والظِّلالٍ ،
والمَجَارِي .

حَزينٌ
عَلى هَذا النَّهْرِ
وعَلى يَدي الَّتي صارَتْ حَجَراً..
حَزينٌ على الشَّجَرَةِ
التي بَكَى عَليْها أطْفالُ المَدارِسِ ،
وباعَةُ السَّمَكِ ،
ومُصَمِّمو الاعْلاناتِ .

حَزينٌ عَلَيها
وقَدْ صارت فَزَّاعَةً تُخيفُ القُبَّرات .

حَزينٌ
عَلى القُبَّرَاتِ
وقدْ تَرَكَتْ اَعْشَاشَها للعَنَاكِبِ .

حَزينٌ عَلى كُلِّ شَيْءٍ :
عَلى النَّهْرِ ، والشَّجَرَةِ
وعلى أَصَابِعي المَلْفُوفَةِ في مَنَادِيلَ مِنْ رِيشِ القُبَّرات .


الكاتب : مصطفى لفطيمي

  

بتاريخ : 23/09/2022