لا يمكن أن يقف الاتحاد.. إلا شامخا

 

إن الأطروحة التي ننافح عنها في هذه المقالة، هي ضرورة استمرارية اتحاد كتاب المغرب، بعيدا عن الذاتوية، وخطابات المزايدة والهروب إلى الأمام، وبعيدا عن «أطروحة»: علي وعلى أعدائي، إما أن أكون أو لا تكون، إما أنا أوالآخر.. وذلك بابتداع خطاب تبريري، وهو أن الاتحاد لم يعد له محل من الإعراب الثقافي، أمام تطور المجتمع المغربي، خاصة على صعيد المشهد الثقافي، وتحديدا على صعيد الفعل الثقافي، وذلك بظهور إطارات وتنظيمات ثقافية عديدة قد تعدم وجود الاتحاد، .. وأن تطورات الثقافة المغربية في هذه العشرية من القرن الواحد والعشرين، قد تجعل الاتحاد يعيش أدوارا هجينة بل وهامشية لا ترفعه إلى مقام الحاجة والضرورة الثقافيتين في المغرب، الآن وهنا، خاصة وأن المعرفة الثقافية تكون عن طريق البحث والإبداع بعيدا عن الخيمات والولاءات.
إن هذه التبريرية لاشك أنها تثير جاذبية خطابية وتجد من يتجاوب معها، ولكن رغم ذلك فإننا نستبعد رناتها لأن الاتحاد له خصوصيات أساسية واعتبارات عديدة منها :
– أنه له تاريخا مشرفا ومشرقا وجبارا أيضا في الفعل الثقافي ببلادنا، رغم ما يمكن أن نصوب لهذا التاريخ من انتقادات وملاحظات.
-jhk أن الاتحاد يتميز بالوحدة والشمولية، فلم يكن التخصص يوما عائقا نحو الانتماء إليه، بل إن هذا الانتماء قد شهد تزاحما وتدافعا، ومن هنا فلقد شهد نقاش العضوية مساحة كبيرة من مشغوليات كل مؤتمر من مؤتمراته رغم أن طالبي العضوية قد ينتمون إلى تخصص له إطاره الجمعوي كجمعية الفلسفة، وجمعية مدرسي الفلسفة، وجمعية الاقتصاديين، وجمعيات القصاصين والسردانيين والشعراء والنقاد وما إلى ذلك، وهكذا يتواجد في الاتحاد الفلاسفة وعلماء الاجتماع وعلماء النفس وعلماء التاريخ والاقتصاد… كما توجد كل المهن من رجال التعليم بمختلف المراتب، والصحافيين والأطباء والمحامين والموظفين والبطاليين.
أضف إلى ذلك ما مصير مقعد المغرب في اتحاد الأدباء والكتاب العرب ؟ أليس الاتحاد رقما صعبا في هذه المنظومة من التنظيمات الثقافية العربية، سواء على الصعيد الثقافي أو على صعيد المنافحة عن القضايا السياسية والوطنية الحيوية، وفي مقدمتها قضيتنا الوطنية الأولى : الصحراء المغربية. إن السؤال المطروح هو ماذا زاد وماذا نقص اليوم ؟ وما هي التغيرات الجذرية التي يمكن أن تكون قد حدثت ولم ننتبه إلى حدوثها ؟ فجعلت الاتحاد مهددا بالنهاية أو الإنهاء ؟ نقول هذا دون أن يعني بأن الاتحاد هو الذي يخلق الكتّاب ويهبهم إبداعهم، إن الاتحاد هو مجرد إطار تنظيمي يتفاعل فيه الكتاب ويمارسون فيه إشعاعهم ومحبتهم ورأسمالهم الرمزي، أما الإبداع فهو شأن فردي مرهون بالملكات والطاقات واستراتيجيات.

– أطروحة انعقاد المؤتمر:
إنني في هذه المقالة التي أدافع عنها من خلال استمرارية الاتحاد، ومفتاح الاستمرارية المقصود هنا هو أولا انعقاد المؤتمر، والمؤتمر سيد نفسه في اتجاهين وهما:
– اتجاه نهاية الاتحاد: وفي هذه الحالة فإن المخول الوحيد لنهايته هم الكُتاب لا غير هم الذين يقررون من داخل المؤتمر، إن كان الاتحاد قد استوفى أجله أم أن عمره مازال مديدا
– اتجاه استمرارية الاتحاد: بغض النظر عن من الرئيس ؟ فالمؤتمر وحده هو الذي يقرر ويحدد بطريقة ديمقراطية شفافة، وفي هذه النقطة فعلى الطموحين أن يشدوا الرحال إلى الفروع ويدافعوا عن أطروحة التدبير والرئاسة قبل المجيء إلى المؤتمر وهذا عين العقل، ولا بديل عن هذا، حيث لم يعد الكُتاب يُؤتمرون من طرف الجهات الحزبية التي قد تحدد القيادات سلفا، وهذا تطور في تاريخ الكتابة بالمغرب قد يكون موضوع ندوة أخرى تحاول أن تستكشف ملامح التغير والتطور نحو الأفضل، قد تكون الأحزاب لها كلمة التوجيه والتأطير في أصناف أخرى من المجتمع المدني كالنقابات مثلا ولكن الكتاب اليوم هم في حِل عن هذه التوجيهات والتوصيات حتى ولو كانت لهم عباءة حزبية. إلا أن المؤتمر إذا اختار الاستمرارية فلاشك أنه يستخلص الدروس من هذا التوقف الاضطراري النشاز في تاريخ الاتحاد، والذي يحتاج إلى دراسات سوسيولوجية عميقة من أجل الكشف عما خفيَّ وما توارى عن الأنظار.
إلى ذلك الحين، فإن المؤتمر قد يكون مطالباً بإعادة النظر في التدبير الثقافي والمالي أيضا، وذلك بتأسيس لجنة التدبير تراقب أداء المكتب التنفيذي في جانبيه الثقافي والمالي، حيث يُخول المؤتمر هذه الصلاحية حتى يستمر الاتحاد بعيداً عن معارضة الحق في الفساد وليس معارضة الفساد الثقافي، ولعل هذه المعارضة فاحت رائحتها ليس في المنظمات المدنية، بل وأيضا في المشهد الحزبي والسياسي، فكثير من المعارضين لا يحملون إلا الاسم، فهم معارضون من أجل المشاركة في تدبير الفساد ! ولعل أمثلة عديدة يزخر بها الواقع، حيث أن كثيرا من الأسماء تضع نفسها في المزاد العلني وتعلن عن الولاء في الخفاء وتمارس العكس من أجل حماية نفسها من الجفاء…
هكذا إذن، يمكن أن تكون هذه اللجنة إلى جانب لجنة التحكيم التي تبت في العضوية إلا أن هذه اللجنة الأخيرة ينبغي تقنين عملها وخاصة على مستوى عدد المنخرطين الجدد في الاتحاد، وأن يكون لها سقف لا تتجاوزه، وقد لا يتجاوز عشر عضويات، ولعل الدرس الذي يعطيه بيت الشعر في التقييد والتقنين ينبغي الأخذ بجوهره.
لعلها أفكار قد تحتاج إلى تعميق وإعادة ترتيب أو تسمية حتى لأنها مفيدة لاستمرارية الاتحاد والحد من منزلقاته وتوقفاته التي قد تبدو بالنسبة للعامة غامضة وغير مفهومة، وتأسيسا على هذا وتحديدا على أن الكاتب هو سيد نفسه هو مؤسسة في حد ذاته.
نرحب ونتعاون مع أي رئيس ومع أي مكتبِ تنفيذي ينتخبه الكُتاب في مؤتمرهم وأهلا وسهلا باستئناف مسار الاتحاد واقفا وشامخا مع تحياتي للجميع.


الكاتب : أحمد شــرّاك

  

بتاريخ : 03/03/2023