لم أصرْ تنّينا كما نويتُ

 

منذ الطّوفانِ العظيمِ
دسستُ في معطفي ولّاعةً
وكُومةً من حطب الدارِ
فركتُ فروةَ رأسي مرارا
ولم تشتعلِ النّيرانُ
ولم يأكلِ الصّغارُ
خبزا من تنّورِ البيتِ الجديدِ
ـ ربّما لم يكن الحطبُ جافا
أو مشيتَ بين ضوضاء البيوتِ
إلى أن تبللتْ في معطفكَ الحرائقُ
ـ لا يا رفيقي
بينما كنتُ أدفعُ النّسيانَ، والزوابعَ
عن أكتاف المدينةِ
سقطتْ منّي أصابعي، وأنفاسي
ولم أصرْ تنّينا كما نويتُ
يا آلَ السفينةِ
لمَ لمْ تحْملوا معكمْ
نارا؟
حجريْن عظيميْن كنا، وفتْيةً
نحرس أعذارِ المحبين
من خفةِ البرقِ
وألفةِ الذين جازوا
آخرَ الدم المُحلّى باليقين
وكانوا لنا سقيفة
وكنّا لهم سقاةً، ومنشدينَ
وحماةً لجماجمهم
من لسعةِ البرد،ِ ورائحةِ الغيابِ
ولما تفرقتْ أنفاسُهم بين المراكب
وفرّ الدمٌ الساخر من أقبية البيوت
إلى مجاهيل الصّحارى
قلنا يا خُشُبَ الفتيةِ
كوني لهم أشرعة
ويا حمَامَهمُ الراقصَ بين طينٍ وطينٍ
كنْ أحصنةً للأرامل، والمتعبين
فإن آلَ السفينة
كلما الْتفتْ سيقانُهم بأول الرذاذ
بعثروا قَرَنْفُل  المسْتحمّاتِ بدمعهن
مسرعينَ إلى بللٍ ناقص
قلنا يا غبشَ الفجر
تنحٌ قليلا
بالكاد نرى شاعرا
يُلوّح بساعديْه الضامرينِ
بالكاد يُلوّح بمعطفه الطٌويلِ
ويشهقُ
لم يقل شيئا
لكن الشهقةَ صارتْ ماءً
وصار المعطفُ فلكا
وما وهبناه نارا !


الكاتب : فتح الله بوعزة

  

بتاريخ : 18/12/2020