لم يعد بالمرض المرعب الذي يقصي المصابين به خارج المجتمع.. المغرب يعتمد خطوة وقائية جديدة تحمي من الإصابة بالسيدا

أصبح المغرب أول دولة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط «جهة مينا»، تعتمد دواء مضادا استباقيا يقي من الإصابة بالسيدا، الذي يمكن لمن يقدمون على ممارسة جنسية غير محمية لعامل من العوامل، أي بدون استعمال أساليب الوقاية، الحصول عليه من مقرات جمعية محاربة السيدا، وذلك في إطار شراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بعد الخضوع لفحص طبي مرفوق بالقيام بمجموعة من الاختبارات، الذي يسمح للمعني بالأمر بتسلّم الدواء واستعماله أو العكس، على أن يخضع المستفيد لفحص مرة كل 3 أشهر، في إطار مواكبة طبية، تهدف إلى تفادي أية مضاعفات محتملة يمكن تسجيلها في هذا الصدد.
دواء «بريب»، الذي تم الشروع في استعماله في أمريكا سنة 2012، وأوصت منظمة الصحة العالمية بتعميمه في 2015، قبل أن يقرر المغرب في 2017 اعتماده كشكل وقائي في إطار الخطة المسطّرة والبرنامح الموضوع من أجل محاربة السيدا، أصبح اليوم في متناول فئتين أساسيتين، ويتعلق الأمر بممتهنات الجنس، والرجال الذين لديهم علاقات جنسية مع رجال آخرين. ويمكن للمعنيين من الفئتين السالفتين الذين يبلغون من العمر 18 سنة فما فوق ولا توجد لديهم أية موانع طبية استعمال هذا الدواء الجديد، إذ تشير الأرقام الرسمية إلى استفادة حوالي 700 شخص من هذه الخطوة إلى غاية اليوم، على أن تشمل لاحقا المتعاطين للمخدرات، علما بأن هذا الدواء لا يتم صرفه في الصيدليات وإنما يتم توفيره في مقرات جمعية محاربة السيدا، الناشطة في مجال الوقاية ومحاربة الوصم والتمييز المترتب عن الإصابة بالداء، والتي تعمل على تجميع الجهود من أجل محاربته وعلاج المرضى.
ويختلف الدواء الجديد عن الدواء الثلاثي المكون من المضادات الفيروسية القهقرية، الذي يوصف لعلاج المصابين بالسيدا، والذي يمكّن من تقليص نسبة «ضراوة» المرض بشكل يسمح للمتعايشين معه بأن يصبحوا غير ناقلين له لغيرهم، وهو ما يؤكد على أن السيدا لم تعد ذلك المرض المرعب الذي يجعل الكثيرين يقصون المصابين به في أوساطهم. ويتميز «لابريب» بكونه دواء يقي من الإصابة بالسيدا لكنه بالمقابل لا يقي من أمراض جنسية أخرى، وهو ما يدعو إلى الالتزام باستعمال أساليب الوقاية المتاحة، لحماية الذات والغير من الإصابة بأي مرض جنسي كيفما كان نوعه.
وكشف مشاركون في أشغال يوم تكويني نظمته جمعية محاربة السيدا لفائدة الصحافيين المهتمين بالشأن الصحي، أول أمس الثلاثاء بالدارالبيضاء، أن الإصابة بالسيدا لا تعني بالضرورة إصدار أحكام قبلية وجاهزة، تحيل بالضرورة على امتهان ممارسة الجنس، لأن الأرقام تشير إلى أن 70 في المئة من نسبة 43 في المئة من النساء المصابات، انتقل إليهن المرض عبر أزواجهن ولم يسبق لهن أن مارسن علاقة جنسية مع شخص آخر باستثناء شريكهن، أخذا بعين الاعتبار أنه يمكن للمرأة الحامل أن تنقله بدورها إلى جنينها، وهو ما يتطلب إعادة النظر في الكيفية التي يتم بها النظر إلى هذه الفئة من المرضى. وتشير الأرقام إلى أن عدد الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري بلغ في 2020 ما مجموعه 22 ألف شخص، 43 في المئة منهم هن نساء، فضلا عن تسجيل 860 حالة إصابة في صفوف أطفال دون 15 سنة. وتتركز الإصابات بشكل كبير في 3 جهات التي تسجل لوحدها نسبة 64 في المئة من مجموع الحالات المسجلة، ويتعلق الأمر بكل من جهة سوس ماسة، جهة مراكش أسفي وجهة الدارالبيضاء سطات.
وجدير بالذكر أن دواء «بريب» متاح مجانا للفئات المستهدفة بمختلف مراكز الصحة الجنسية والإنجابية التابعة لجمعية محاربة السيدا في الدارالبيضاء، مراكش، أكادير والرباط، وسيصبح متاحا كذلك بالمراكز المتواجدة بكل من أسفي وطنجة والناظور قريبا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 23/12/2021