لو كنتُ دِيكاً.. لتعلّمتُ الطّيران!

(الْعَنُوا الشّيَاطِين، الدّيَكةُ تَرى الملائِكَة)
قدِيماً قالَ جَدّي:
– هَذه النّخلة بَاركنا حَوْلها،
فقدجَعَلتُ والدكَ
يَبْني كُوخه الأخضَر هَذا.. وأشارَ بيدِهِ.. !
جَعَلني أنْتَبه!
لاأرى كُوخاً.. !
أرَى نَخْلة، وَلَكنّي لا أرى كُوخاً!
كُومة مِنَ العِيدانِ الدّقيقَة
تُشْبه إذا ائتلفت
رجليدِيك.

أتذكّر الدّيكَوأضحكُ!
كانتْ نَادَتْنِي جدّتي:
– أمسكِالدّيك وَخُذْ سُكّرة
سأغلقُ البابَ،
وسأعدّ إلى عَشرة،
جدّك يريدُ هذا الدّيك عَلى الغذاء
لا تُتْعبه حتّى لا يَفقدَ طعمه
وحتّى يُجنّبني العَدَاء.

أجلسُ بعدَ أن يهدّني التّعب:
– اطمئني يا جدّتي
الدّيك لم يتعبني
أتعبني فقط الجَري وَرَاءه!

كانَ الأحرى بالجدّ أن يبني كُوخاً أصْغَر مِن هَذا!صغيرا جداً
بحيثُ إذا خطوتُ، حَاصَرته.
لَنْتَكُون ثمّة أشجار ليحطّ فَوْقها.
الدّيك لا يَطير!

يَخْتَالُ بجناحَين لا جَدْوى مِنهما.
يفردهما..
ويَسْخر منّي.

لَوْ كُنْتُ دِيكاً
لانتحرتِ الدّجَاجات عَلى مَذبح غَرامِي
لجعلتُ البيضَ يفقسُ قَبْلَ أوانهِ!
لنقرتُ مُكبر الصّوتِ
وتوقفتُ عَنْ أذانِ الفَجْر،
فأثير في النّاسِ الذّعر والفَوْضَى..
هُمْ كذلكَ عَلى أهبَة
الانفجَار
فقطْ
ينتظرونَ دِيكاًيَسُنُّ لَهم ذلكَ.

لَوْ
كُنْتُهُ
لَمَا خالطتُ دَجَاجاتٍ
تَنْقرنَ أيّ شيء
لا تُفَرقنَ بَين حَجَرة وَحَشرة.
سَيَكُون لي حظّ
مَع الحمَام،
أخاتلهُ كمَا قصيدة عَذراء
أُبَاوِحُهُ فيتبسّمُ عَن سِرّه
ويخبّر بكنزه
فأعلمُ أنّ
الحَمَام لَيْسَ
للسّلام.
ابحثوا عن السّلامِ
في استجوافِ قلوبكم
فينصف الدّلو المدلّى إلى أعلى الجُبّ
في أخدودِ أرضٍبَارتْ بالخصُوبة
فيتيبّس خطوة كفّتْ عن رسم الأثر
في قطرة أتساءلُ حولها: أهي ماء أم عرق؟
فيتعنّت العجين بين أصابعي، إذْ بهِ أبغي الرّغيف!
فيالتواءات الممرات الموحلات. وهذا الكاحل يتجبّر.
في أغاني الغمام وتواقيع المطر.

يا جدّتي
لَوْ كنتُ ديكاً
لتعلمتُ الطيران!

أنتبهُ إلى البابِيُفتَحُ:
جدّتي مُمْسِكةٌ بالدّيكِ، تقولُ:
– لا تذهبْ بَعيدا حَتّى لا يَفُوتَكَ مَوْعِدُ الغذاء!

ثمّ تَخْتَفي وَقَدْارتفعَالصّيَاح!

الكُوخُ الأخضر يَا جدّي
لا يسعنَا
وبركة النّخلة لنْ تنفعنا
والخُمُّ لَيْسَ آمنا لتَفْريخِنَا.
الدّجَاجَات بَيُوض
تَنْقُرن أيّ شيء
إلا بيضهُنَّ
أوْجِدْ لنَا حَلا يَا جَدّي!.

رَفَعَ رَأْسَهُ
رأيتُ كمْ بَدَا عُرفه مُرتخياً
انتصبَ في قامتهِ ونشرَ جَناحَيه
سمعتُ تَكسّرشيء مّا تحتَ ريشهِ
وقَال:
– مَاذا تَقْترح؟
قلتُ:
أن نَتَعلمّ الطيران!!


الكاتب : كمال الإدريسي

  

بتاريخ : 24/05/2024