لي ذاكرةُ سمكةٍ

«بائعةُ السَّمكِ:
قلبي هو السَّمكةُ الوحيدةُ
التي لن أبيعَها.
قلبي أمْنَحُهُ»
(…)

لهذا إذنْ،
كُلَّما نسيتُ أنني سمكةٌ
عادت بي ذاكرتي إلى تاسوعاتِ الفيلسوفِ،
ولوغاريتماتِ العاشقِ.

كمْ نسيتُ !
ثم في أقَلَّ من ثانيةٍ
خلعْتُ عنّي لغتي.
وارتميتُ
بكاملِ قِوايَ –
في أقربِ قدَحِ نبيذٍ إِليَّ،
زئبقيٍ،
مشقوقٍ.
وتَشْرَئِبُّ من عُرْوتِهِ عينُ سمكةٍ.
السمكةُ منْ فضَّةٍ.
عَيْنُها نافورةٌ.
وذيْلُها شِراعٌ.
بَيْنمَا القدحُ ساحَةُ مَعْركةٍ بحْريّةٍ.
القِيامةُ الآنَ.

ياأللهُ !
وشيكا تُقفِلُ حانةُ الأقدارِ.
ستُقْفِلُ حيثُما كانتْ، وَلَوْ بيْنَ السُّطُّورِ.
لا مناصَ إذنْ، سأمحو هذا النصَّ.
وأعود لأكتُبَهُ،
من الآخِرِ.

لا مناصَ !
المعركةُ – حتى فوق هذه الورقةِ –
ضاريةٌ.
الثُّمالةُ نائيةٌ.
ونحْنُ، الآنَ، تحت الحَجْرِ الصحيِّ
في النهار نُخالِطُ الذُّبابَ الإلكترونيَّ
وفي الليلِ، نَسْبَحُ في بُحيراتٍ ضَحْلَةٍ
وحين تَعْطسُ من حولنا، سِيّانِ بجَعةٌ صغيرةٌ،
أو أٌنثى بِطْريقٍ، نُبَرِّئُ الرَّذاذَ.
ونفتري على الماءِ.
ثم نقرأ سورةَ الكرسيّ، فيَغلِبُنا النُّعاسُ.
ويصطادنا السَّمكُ.

لا مناصَ !
فَرَغَ سوقُ السمكِ.
النبيذُ شَرِهٌ
والقدحُ
حتى هُوَ –
كلما رفعْتُه إلى شفاهي
ينشَقُّ بين يديَّ.
وفي الحينِ،
تنْدَمِلُ شفاهي.
وتدْمى شفاهُ العاشقةِ.
هذه فقطْ سمكةٌ،
فما بالُكَ لو كانتِ الأبجديةُ طوفانا.
وكان أوَّلُ حرْفٍ فيها
صاعِقةً؟


الكاتب : محمد بنطلحة

  

بتاريخ : 07/10/2022