متابعات : نقاد وباحثون يقاربون المغامرة الشعرية للشاعرة مريم كرودي

 

أوضح الشاعر و الباحث محمد نور بنحساين،  أن الديوان الشعري الأول  « تراتيل التاء «  للشاعرة مريم كرودي ، يحمل في ثناياه ترجمة كاملة بديعة للقصائد إلى اللغة الإسبانية من الشاعر والمترجم أنس الفتحوني ، وبلوحة فنية أنيقة للشاعرة أمامة قزيز، مما يدل على أن مخرجات العمل الفنية ، كانت كلها من أنامل شعرية شاعرية ، ما جعل العمل ينحو نحو الوداعة والحلم والأمل. وأضاف  في حفل توقيع الديوان الذي نظم بالمركز السوسيو ثقافي بتطوان  بحضور مؤلفته وعدد من الشعراء والنقاد والمهتمين بالشعر  أن «العنوان مركب إضافي استعاري يحمل بين ثناياه معنى الترتيل الذي يكون قرآنيا، وإضافته للتاء بمعناها الأنثوي، في دلالة على أن البوح الشعري قد يكون قربانا للقلوب وشفاء لها، وضمادا للجروح، وما أجمله من جبر حينما يكون بطابع أنثوي ، إلا أن لفظ التشديد الذي حمله غلاف الديوان بحركة التضعيف على حرف التاء، يومئ إلى عدم الاستهانة بالأنوثة ومنحها مكانتها القوية في إيقاع الكلمات، كما أن صورة الغلاف تتماهي مع فكرة الصمود والعلو وعدم الاستكانة ، حيث تجسد رفعة المرأة وانفتها في أبهى صورة ، واستشرافها وتطلعها بالأمل نحو المستقبل» من خلال 24 قصيدة من الشعر المنثور الذي يتيح مساحة للتحرر والثورة على التقاليد الخليلية بشكل أكبر من أجل البوح المتعالي على سلطة القوالب.
حنان أخريخر الباحثة في الأدب العربي والشاعرة  أبرزت أن  قراءة ديوان «تراتيل التاء» قراءة متأنية متأملة في الجمل الشعرية، نجدها تتخذ من كتاباتها سلاحا تواجه به العالم في قسوته وفجاجته، وتنتقده ضمنيا في همس ذو حمولة إنسانية ونفس تصبو إلى الصفاء، حيث تقتحم هوامش العالم الواقعي الذي تعيش فيه لحظات تسجلها ذاكرتها اليومية وتعيد تشكيلها في فضاء شعري خاص يترك فراغات للمتلقي لملئها.
وبخصوص عنوان الإصدار اعتبرت الباحثة أن التراتيل من الترتيل وهي لغة التناسق والتحسين والتطييب في التراص، وعادة ماتستخدم لوصف طقوس عبادة أو صلاة تتم عبر تلاوة أدعية أو مدائح أو نصوص مقدسة، مع لحن ونغم وقد اسنخدمته الشاعرة وكأنها في ممارسة فعل الكتابة إيزاء طقس خاص مقدس.
والتاء، هي تاء التأنيث الساكنة، حرف ثالث من حروف الهجاء مهموس شديد مخرجه، ولنا أن نتصور أننا أمام تاء تخاطب العقول في سكون تقتضيه قدسية ممارسة فعل الكتابة بالنسبة للشاعرة.
الشاعرة والروائية أمامة قزيز  توقفت عند ما  أسمته  اللقطة التي أوقدت جذور الفكرة في رأسها  لتشكيل رسمة غلاف «تراتيل التاء»، حيث أوضحت أنه إذا  كان إسحاق نيوتن أول من اكتشف عملية تفكيك اللون الأبيض إلى أطياف براقة ومتعددة سنة ، فإن علاقتها باللون علمتها  أن هذا الأخير فلسفة، يستطيع من خلالها التأثير على المزاج و النفسية و الأمال أيضا. ومن خلال هذا المولود الذي قالت فيه الشاعرة: «القصيدة هدية الله/كنز الأساطير الخالدة /وأغنية شعبية تراثية» تخيلت تلك الأنثى الراقصة الصامتة على وجه الخيال والشغف.
وعن الخلفية المتمازجة بين اللازورد والفيروزي،  رأت فيهما الشاعرة قزيز  تعبيرا عن الربيع الذي تغنت به نريم كرودي في مستهل ديوانها وقالت «يسكن الربيع قلبي غير آبه بتساقط الأحلام الصفراء». وتبقى التفاصيل الأخيرة تضيف  الروائية أمامة قزيز  جاءت عبارة عن قبعة أو كشكول مختلف الألوان، فهي تعبير عما تحمله الانثى/الشاعرة من عبء عرفي أو تراثي أو ثقافي، وما استخدام الألوان الصاخبة فيه إلا لفتا للنظر وتعبيرا عن هذه المسؤولية الملقاة على عاتق الشاعرة.
الشاعر و المترجم  أنس الفتحوني،  أكد في كلمته أنه فور علمه   بعزم الشاعرة مريم كرودي على إصدار أول ديوان خاص لم أتردد في أن أقترح عليها ترجمة نصوصه إلى  اللغة الإسبانية ،لكي أكون منصفا فإن قراءتي لقصائد «تراتيل التاء» إبّان مهمّتي الترجمية لم تكن هي أول مرة لأنه سبق لي أن سمعت بعضاً منها بصوت الشاعرة وهي تلقيها في إطار مشاركاتها العديدة في محافل شعرية محليا وجهويا ووطنيا، الأمر الذي شجعني أكثر على أن أعزز فكرة إصدار عمل باللغتين اللتين تتميز بهما مدينة تطوان: العربية والإسبانية». وأردف الفتوحي أن  إصدار ديوان شعري مترجم إلى اللغة الإسبانية يُمكّن العمل أيضا من الانفتاح على القُراء الناطقين بهذه اللغة وبالتالي توسيع رقعة الجمهور المتعطش إلى قراءة عمل ذو قيمة أدبية متميزة.


الكاتب : مكتب تطوان : عبد المالك الحطري 

  

بتاريخ : 25/01/2022