متى يتم الارتقاء بوظيفة أعوان السلطة في العالم القروي؟ .. بالتحاق أشخاص مكوّنين يساهمون في تطويرها

n

اعتدت أن أنتقل بين القرى والقبائل في عالمنا القروي التابع لإقليم تارودانت الذي تعرف عليه من لم يتعرفوا عليه قبل 08/10/2023 . عالمنا القروي التابع لوطننا الذي هو بحاجة إلى وزارة خاصة تحمل اسم وزارة العالم القروي، المتخلى عنه بشهادة الكثير من الوقائع والأحداث والنقائص المجالية، بالرغم من كل المجهودات التي يمكن أن تبذل في هذا الصدد، الذي هو في حاجة إلى ندوات ومناظرات للوقوف على الدوافع الفعلية التي جعلت أغلبية ساكنة القرى تتخلى عن بيت الآباء والأجداد مكرهة، لتهاجر إلى هذه المدينة وتلك، وإلى خارج الوطن، حيث تتوفر ضروريات الحياة.
وكباحث متجول منذ أواخر الستينات إلى الآن، وقفت مرات عديدة على أن من بين أسباب الهجرة الجزئية والكلية أحيانا، التي تستمر باستمرار السنوات، عدم توفير ضروريات الحياة، من تعليم، وصحة، وشغل، ومسالك طرقية لفك العزلة… رغم كل السياسات والبرامج التي تم تسطيرها، التي قد تكون حققت نتائج إيجابية بشكل أو بآخر في مناطق، لكنها لم تصل إلى مستوى تحقيق العدالة المجالية في أخرى، حيث يتكرّس التباين وتختلف الأولويات وتتعدد الإكراهات.
إن من بين ما جعلني أتقاسم هذه التفاصيل، على سبيل المثال لا الحصر، وفي إطار التغييرات التي يمكن أن تشهدها بعض مناطق العالم القروي، هو أن أغلبية الأشياء من أكل وشرب وملبس بل وحتى المستوى الدراسي لأغلبية الساكنة من المهاجرين العائدين، بعد تقاعدهم وغيرهم قد تتغير، باستثناء ما يتعلق ببعض أعوان السلطة من مقدمين وشيوخ، الذين يتم وبكل أسف تعيين عدد منهم، دون مباراة وفي غياب التوفر على مؤهلات دراسية وعلمية، ترتقي بهذه الوظيفة وتساهم في تجويدها، رغم وجود شباب عاطلين حاصلين على الباكالوريا والإجازة وما فوق… أعوان للسلطة في بعض مناطق العالم القروي، بدون مستوى دراسي، وبدون تكوين، لا قبل ولا بعد التوظيف، يتم تعيينهم دون مباراة، وغالبا بالوراثة أو بالوساطة أو بغيرها.
هذه الوظيفة الأساسية، التي لم يتناول المشرع «حسب علمي» مقاييس التعيين فيها، رغم أنها خاصة في عالمنا القروي، بالنظر لحجم المشاكل والتحديات والإكراهات، وأدوار أعوان السلطة في التفاصيل اليومية لحياة ساكنة العالم القروي، المرتبطة بالأرض والجبل والماء وغيرها، ومدى تأثير حضورهم فيها، مما يستوجب إعادة النظر في هذه الوظيفة من حيث المستوى الدراسي والتكوين للملتحقين بها، لسنتين فأكثر، واعتبارها وظيفة ليست بالعادية والعابرة بل يمكن تصنيفها ضمن خانة «أم الوظائف»، المرتبطة بتكريس الديمقراطية وصون الحقوق والحفاظ على السلم الاجتماعي وتعزيز مبادرات الحماية الاجتماعية وغيرها.
أعوان، وإلى جانب تأهيلهم وتكوينهم تكوينا جيدا، يجب كذلك إنصافهم وتحسين أوضاعهم المادية وتحصينهم اجتماعيا، ومنحهم التعويضات الضرورية عن المهام التي يقومون بها، ليلا ونهارا، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى يتم الارتقاء بهذه الوظيفة الحيوية والأساسية في العالمين القروي والمدني على حد سواء.


الكاتب : محمد مستاوي

  

بتاريخ : 20/12/2023