مجلة المناهل ترصد تحديات تكوين مدرسين قادرين على تفعيل طموح المغرب في التنمية المستدامة وبناء مجتمع المعرفة والازدهار

خصصت مجلة المناهل الفصلية، التي تصدر عن وزارة الثقافة والشباب والرياضة، عددها الأخير في صيغة رقمية، لمسارات ورهانات علوم التربية بالمغرب، وفي افتتاحية هذا العدد، الثالث بعد المئة، الذي أعده كل من محمد الدريج وعبدالله الخياري، أكد مدير المجلة محمد مصطفى القباج أن المغرب وفي إطار الانشغالات التي عرفتها مختلف دول العالم وبأوروبا تحديدا حول جدوى التكوين البيداغوجي والديداكتيكي، كان من أوائل الدول التي بادرت إلى إنشاء مؤسسات تكوين المدرسين يكون التكوين الديداكتيكي والبيداغوجي فيها مكملا للتكوين الجامعي بالنسبة للمقبلين على مهنة التدريس، ومن بين هذه المؤسسات كلية علوم التربية، والمدارس العليا للأساتذة والمدارس العليا للتربية والتكوين والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ومركز تكوين المفتشين ومركز تكوين المخططين والموجهين..
و في ما يتعلق بحقل البحث في مجال علوم التربية ببلادنا أشارت المجلة في افتتاحيتها إلى أن هذا الحقل شهد في السنوات الست الماضية تراكما للدراسات وتنامي البحوث التربوية وازدياد الانشغال بالمسألة التربوية سواء على مستوى التأصيل النظري أو على مستوى البحث الميداني والتجريبي أو على مستوى التكوين، والسبب يرجع، حسب المجلة، إلى ضرورة الاستجابة لحاجات مجتمعية مرتبطة بالتحديات التي أصبح يطرحها موضوع إعداد وتكوين الموارد البشرية القادرة على تفعيل طموح الأمة المغربية في التنمية المستدامة وبناء مجتمع المعرفة والجدارة والازدهار للجميع.
وفي نظر المجلة أن علوم التربية ينبغي أن تبلغ ثلاثة أهداف أساسية، أولها نظري يتمثل في توليد النظريات وإنشاء النماذج وتخصيب المعرفة التربوية والبيداغوجية والعلمية بشكل عام، والثاني عملي تكويني يتمثل في تكوين الطلاب المتهيئين لمهن التربية والتعليم والتكوين والتدبير والتوجيه قصد الاندماج في الحياة المهنية، والثالث تنموي يسعى للإسهام الفعلي في خدمة المجتمع بالرفع من الأداء التربوي للفاعلين الاجتماعيين وضمان التكوين الأساس والمستمر للأطر الفاعلة في مجال التنمية الاجتماعية المستدامة.
المجلة الفصلية أشارت كذلك في افتتاحية عددها الأخير إلى أن الهاجس العملي التكويني بدأ يتقوى في العقود الأخيرة ويتسع ليشمل مختلف الميادين المعرفية والعلمية لافتة إلى أن هناك توجها لدى مختلف الجامعات بمختلف تخصصاتها نحو المزيد من الحرفية والمهنية وتلبية الاحتياجات المجتمعية بما فيه تلبية طلبات السوق من الكفاءات.
بعد أزيد من نصف قرن من العطاء في مجال علوم التربية ببلادنا، سيكون من المفيد أن نتوقف، تذكر المجلة ، « لجرد ومساءلة حصيلة علوم التربية في المغرب، والقيام برصد وتقييم المسارات النظريةوالتطبيقية للدراسات والبحوث التربوية في المغرب مع استشراف التطلعات والرهانات المستقبلية.»
وقدمت المجلة الثقافية والفكرية الصادرة عن وزارة الثقافة في عددها الخاص بمسارات ورهانات علوم التربية حصيلة تركيبية شاملة لأهم اتجاهات الفكر التربوي ومساراته البحثية التي سادت في العقود الأخيرة ببلادنا مع إبراز اجتهادات الباحثين المغاربة والتعريف بما «أبدعوه من إسهامات ومقاربات ومنهجيات متميزة».
إن سياق التحولات المجتمعية والاقتصادية والمعرفية والتكنولوجية التي يعرفها العالم اليوم (العولمة ، الرقمنة،إكراهات الأزمة الصحية العالمية المرتبطة بجائحة كوفيد19)، يدعونا، تخلص المجلة إلى « العودة لمساءلة علوم التربية بالمغرب عن قدرتها على تجديد الخطاب التربوي وإيجاد أطر مرجعية جديدة لمنظومتنا التربوية كفيلة بضمان الجودة والفعالية والنجاعة. كما تستهدف المساءلة مدى إسهام علوم التربية في ابتكار مرامي للتعليم قصد تطوير رؤى ووظائف وآليات ملائمة لمدرسة المستقبل وفي إرساء مرجعية متنوعة للكفايات ومنظومة قيمية منفتحة على احترام الاختلاف وترسيخ قواعد العيش المشترك».
كما توخت المجلة في هذا العدد طرح القضايا المعرفية والمنهجية التي تشكل مركز اهتمام الباحثين المغاربة في علوم التربية بحقولها ومجالات اشتغالها المتعددة متسائلة عن ما هي المقاربات والبراديكمات السائدة في تفسير الظاهرة التربوية، وفي فهم إشكالات التعليم والتعلم داخل المدرسة وخارجها، وعن الإطار الابستيمولوجي الذي ينظم تعدد الحقول المعرفية والمرجعيات والتقاطعات في علوم التربية، وهل ترقى علوم التربية إلى مستوى المساهمة الفعلية في فهم ومواجهة تحديات وأزمات مثل قضايا الطفولة والشباب، الهجرة، ظواهر الهدر المدرسي، السلوكيات المنحرفة، العنف داخل المدارس وخارجها، وفي الأخير طرحت المجلة إشكالية تراكم الدراسات والبحوث دون أن يؤثر ذلك في تحسين جودة المنظومة التربوية المغربية، واتساع الفجوة بين المعرفة التربوية والممارسة في الميدان.


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 06/01/2022