محاربة ناقلات العدوى تحدّ ترابي أمام اللجان الإقليمية والجهوية للحفاظ على الصحة العامة

نصت القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية في عدد من المواد على حفظ الصحة في مفهومها الشامل، وحماية البيئة من مخاطر التلوث بكافة أشكاله، وجعلتها من بين أهم اختصاصات رؤساء المجالس، سواء تعلق الأمر بالجماعات أو العمالات والأقاليم أو الجهات، ذاتية كانت أو مشتركة أو منقولة. مهمة وضعت عدد من الظهائر الشريفة والقرارات المشتركة مسؤولية شقّ منها كذلك على عاتق لجان مشتركة، إقليمية كانت أو جهوية، كما هو الشأن بالنسبة للقرار المشترك بين وزارة الصحة والداخلية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وكذا الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة، الذي يحمل رقم 1818 بتاريخ 24 نونبر 2014، والمتعلق بإحداث اللجنة الوطنية بين وزارية واللجن الجهوية والإقليمية للتدبير المندمج لمحاربة ناقلات العدوى.
عدوى، يمكن أن تتخذ أشكالا مختلفة، خاصة في العالم القروي والمناطق النائية التي تعاني من الهشاشة وتفتقد للبنيات التحتية الأساسية أو تعاني من الضعف، إن على المستوى الكمي أو الكيفي، لذلك تم خلق لجان اشتغل بعضها بشكل دائم وآخر بشكل موسمي، أو متى تطلّبت الضرورة ذلك، كالفترات الخاصة التي عرفت ظهور أوبئة متعددة كزيكا وإيبولا وأنفلونزا الطيور وغيرها، دون إغفال العديد من المشاكل التي تترتب عنها أزمات صحية متعددة، والتي يكون لها أثرها وتداعياتها على صحة المواطنات والمواطنين، كالملاريا والبلهارسيا والليشمانيا. تحديات جعلت من عمل هذه اللجان ضرورة، خاصة الجهوية منها والإقليمية، التي يترأسها الولاة والعمال، والتي تضم في تركيبتها ممثلي قطاعات متعددة من أمن ودرك وصحة وفلاحة وبيطرة إلى جانب تمثيلية قطاع المياه والغابات ومحاربة التصحر والطاقة والمعادن والبيئة والتربية الوطنية وغيرها، التي تحدد لها اللوائح الخاصة العمل على وضع وتنفيذ برامج عمل سنوية للتدبير المندمج لمحاربة ناقلات العدوى وتتبع وتقييم عملياتها، والعمل على تعبئة الموارد المادية والبشرية واللوجستيكية الضرورية لتحقيق الأهداف المسطرة، إضافة إلى دعم وتعبئة الكفاءات المهنية اللازمة وصياغة تقارير دورية عن أنشطتها.
عمل يتم استعراض حصيلته لماما وبين الفينة والأخرى، ولا تكون معطياته في متناول الجميع، خاصة في زمن القانون 13.31 والفصل 27 من دستور 2011، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة تحيين المنهجية التي يتم بها تدبير عمل هذه اللجان، وتقاسم المعطيات التي تهم الصحة العامة، خاصة وأن لها بعدا تثقيفيا ووقائيا، لا يتم منحه الأهمية التي يستحقها. وضعية تسري كذلك على عمل اللجان الإقليمية لمحاربة داء السعر، والخاصة بمحاربة البعوض، والأكياس المائية، ومحاربة مسببات الإزعاج، هذا النوع الأخير من الضرر الذي بات مستأسدا ومنتشرا كالفطر في وسط الأحياء السكنية، بمباركة من طرف القائمين على الشأن المحلي والترابي على حد سواء في العديد من الحالات، وهو ما يشكل ضربا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل التي يظل الكثير منها مجمّدا، والذي يعد تفعيلها من بين التحديات الترابية الكبرى، حتى يلامس المواطنون أثرها ويحسون بأن تلك التشريعات وضعت فعلا لتنزيل سياسة قرب حقيقية، ولتسطير برامج اجتماعية وأخرى تنموية مندمجة، وفقا لمهام الجماعات الترابية، مع استحضار اختصاصات الولاة والعمالات كما ورد في الفصل 145 من دستور 2011 ونصّ على ذلك الميثاق الوطني للاتمركز الإداري.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/06/2021