محمد حجي محمد: راعي الفلوات بسلالة الناي

مدخلٌ

تبقى القراءة مغامرة ذاتية يخوض غمارها القارئ لاستقراء النص بطرقٍ تختلف باختلاف زوايا النظر، والخلفيات المعرفية المؤطرة للفعل القرائي، ومن تمّ فهي، في عمقها، تحمل بوادر عدم الاكتمال، لاعتمادها على الاحتمال الذي يترك باب التأويل مفتوحا على دلالات متعدّدة، وهو أمر محبّذ ومحفّز على اتخاذ المصاحبة والحفر طريقاً بغية الإنصات والكشف عمّا يعتمل داخل المتن المدروس من علاقات متشابكة ومتداخلة بين العناصر النصيّة التي تخلق « متغيرات عدّة، متغيرات لها أدواتها في توليد دلالات مختلفة وجديدة. جاءت هذه المتغيرات، بسبب ما يحكمها من رؤى، أكثر انزياحا عن موجوداتها ممّا عرفناه، وممّا ألفناه من التعبير الشعري السابق. الشعر الحديث قال رؤاه وخلق عالما مختلفا»، من هنا لابد من الاشتغال وفق تصور واضح وجليّ يضيء المغالق ويشرع الباب لاكتشاف جغرافيات النص الشعري، باعتباره مجرة في حاجة إلى الكشف.

(1) تراجيدية الذات المتشظية :

من هذا المنطلق نطرق باب تجربة الشاعر محمد حجي محمد؛ لنلج إلى عوالم تجربة تنتمي إلى شعر مغربي يمثل بداية التخلّص من عباءة الإيديولوجيا والابتعاد عن السرديات الكبرى. شعر متخفّف من شوائب السياسة، بعيد عن صدى الواقع، قريب من نبض الذات وارتجاجاتها، بفعل عوامل مرتبطة بأوهام تغييرالعالَم، بالبحث عن عالم صغير يبنيه الشاعر بأنفاس الروح ومكابدات الجسد والفكر. عالم يعبّر فيه عن «تشقق في الكينونة» على حد تعبير أدونيس، حيث التشظي لسان حال وضع اجتماعي، سياسي وثقافي مشحون بالمفارقات، ليزداد التمزّق والسقوط في مأزق الوعي الوجودي وتراجيدية الذات المتشظّية، مما شكّل مغامرة إبداعية وجودية «تحوّل عالم الذات بما تنطوي عليه من أقانيم وأفكار ورغبات وهواجس ورؤى إلى مدار ومجال الاستكشاف، وهنا تحديدا أصبحت اللغة ذاتها موضوعا للتملّك ومجالا للبحث الجمالي والفكري المعمّق عن السرّي والغائب والمحلوم من معاني وأشكال حضور الكائن في العالم والكون» .
إن الشعر نوع من البهجة النابعة من خيال الشاع، يزرعها على البياض حروفا، وفي العقول صورا وخيالات محمّلة بقيم الجمال والإنسان ببعديهما الوجودي، ولن يتأتى هذا إلا باللغة التي لا تكمن في التعبير، بل مهمتها الجوهرية القدرة على الإفصاح عمّا يجعل الكلام ذا معنى ودلالة.
هذه البهجة المدهشة لا تتحقق إلا عن طريق امتلاك آليات الكتابة الشعرية ذات العمق في الرؤية والرؤيا، والنسج المحبوك بإبرة الخيال والمنطلقات الفكرية والفلسفية والثقافية، لخلق الجليل والبهي، والإتيان بالمختلف والمخالف. وقليلة من التجارب الشعرية من صنعت الجمال بلغة هذا الجلال والبهاء، وتمكّنت الحفر في غور الذاكرة الشعرية العربية المترعة بالأصوات الشعرية المقيمة بين ثنايا التجارب الإبداعية، وهذا لا يقلل من كفاءتها الإبداعية، بقدر ما يزيدها ثراء وخصوبة، لكونها كتابة تهدّم القيم القديمة وتبني قيما جديدة تتماشى مع التغيرات الواقعة على مستوى البنى الاجتماعية والثقافية والسياسية.كتابة «لا تصور الواقع وإنما تفكّكه، أو تهدّمه من أجل تحويله، ثوريا» ، وإنما تمتلك رؤية مخالفة للمعاني السائدة وأشكال الكتابة القائمة، لها مقاربة جديدة للوجود والموجودات قالبا ومحتوى.
وضمن هذا السياق تندرج تجربة الشاعر محمد حجي محمد الشعرية، لأن النصّ الشعري يقوم بتجسير علاقة الذات بالتجربة الوجودية، من خلال البحث عن الشكل الشعري الذي بإمكانه احتواء المكابدة الإبداعية، وتأسيس لخطاب شعري يمزج بين ماهو ذاتي ووجودي،وفق جماليات متجذّرة النّسغ في الكتابة الشعرية الجديدة، التي تستند إلى « ضرورة قول المختلف، وإلى خلق طواعية تعبيرية قادرة على قول المختلف، وهي تجربة بحثت عن الانتماء إلى زمان ومكان لها، أي إلى تاريخ وجودها لتحقق على مستواها الشعري الثقافي نموها وتطورها»، فيغدو الشعر في ديوان «ذئب الفلوات»* « السجل الممكن لكل التجارب الإنسانية والأحلام والعواطف والمشاعر في لحظاتها الزمانية الهاربة، وفي كينونتها الماضوية المبتعدة» وهوية الذات في تعالقها مع الوجود، خالقا بذلك أسطورة تنبثق من جوهر كتابة شعرية تروم الإقامة في منافي الكون حيث الأسفار واللذة والآخر الحيواني يصدح بالكينونة في زمن ليليّ يحيل على عالم الصمت والتأمل والأرق، يقول : ( وأنا المشتاق/ ليس لي/ في انهمار الحروف/ إلا طفولة الأرق،/ وبعض قداسة طيش العُرَفاء، كيف أهرّبني من هيام/ يفتك بالقلب ولا/ يهادن الجوانح منّي…) فتدفّق الحروف إحالة ضمنية على ما تكابده الذات من معاناة في الكتابة والعشق، وكلاهما وجهان لحقيقة واحدة تكمن في هذا البحث المضني للانفلات من حرقة الاشتعال الناجم عن عواء الليل في أدغال الشهوات، وهنا مكمن استعارة الذئب التي تلعب وظيفة تثويرية لهذا التيه، الذي تعيشه الذات في تمجيد العواصف والعارف بفتوك الرياح والمنذور للأهواء والرغبات، وتلك سيرة الفلوات المحروسة بالعواء كرمز يدل على الألفة التي خلقتها الذات في علاقتها مع المكان المشرع على احتمالات الرؤيا يقول: ( أيها الذئب، يا نديمي/ ما علينا إذا أتعبتنا شقاوة/ هذا الرحيل،/ فارتدينا قبّعة للحنين،/ وبالطرقات اشتعلنا،/ ما علينا إذا داهمتنا شهوة نرجسة/ تعلم كيف نغوي فراشها في الليل/ وتغتاله في عذوبة/ ذاك الجحيم…) فصيغة النداء دعوة مبطّنة لما يعتمل هذه الذات من الحيرة والشعور بالخطيئة، أي الجمع بين المقدس والمدنس، فالأول مرتبط بالعشق في حين أن الثاني له علاقة باقتراف الإثم، مما يحقق هذا التواشج بينهما وفق الحلم كتيمة نصية .تبئر حالة الذات في مجابهتها لمصيرها الهش في وجود ملتبس بكل المفارقات والأحلام المجهضة في العشق والحياة على اعتبار المكان بؤرة تؤجج أفول الحب يقول: ( ولأن «الحاجب» عنّي حجبت روحا بكاملها،/ وفي رأسي دوّت جَلَبات/ فرأتْ عيني حُلمها ينفرط كعِقْد/ ورأتْ قسمات العشيقة آفلة في الجفون) فلغة الحجْب كناية على ضبابية الرؤية في عالم تغيب فيه الحياة التي يبقى فيها الشعر الملاذ الأخير للذات في فلوات النفي والنزف الداخلي ، شعر ينتصر لذاكرة محمّلة بعواء الذئب كإحالة على الاغتراب الوجودي، حيث التيه مرآة تعكس صور الذات الهائمة في ملكوت السهوب حيث ديك الجن يتحول إلى خليل للشاعر ويتماهى معه في مجونه تعبيرا عن أن سيرة الشاعر من سيرة ديك الجن يقول: ( إنّه الدّيك الجنّ/ المارق في إشهار مجونه/ أحيانا يقايضني أمسيات امرأة/ ثم يضيء دهاليزها/ بثناء رعودي/ لوحشاتي، كم زفّت من أقمار/ روّضها الشوق هناك: في حكمة الأنخاب …) فالتيه تيمة حاضرة في تجربة الشاعر، من خلال، تقمّص سيرة الشاعر الحمصي ديك الجن الشعرية في العشق والحياة، هكذا تتحول هذه الشخصية إلى محفّز للذات كي تختار الإقامة في مهاوي ديك الجن حيث تتماهى ذاته بسيرته في تواشج عميق يزيد من تبئير التجربة ، فالوحشة والقلق والشوق والحنين سمات مؤطّرَة للمعنى والدلالة، بل إن ديك الجن مرآة الذات الشاعرة عبْرها يحقق كينونته ويكشف عمّا يجعل الخطاب أكثر عمقا وانفتاحا على أفق قرائي متعدد يقول:( يرتدي حلم أشرعتي/ فأهيم بأحشاء السهوب/ يكابد في الظلمات، رعونة عاصفة/ ويقاسم دربه كيد نجومي (….) إنه الديك الجن/ المارق في إشهار مجونه/ أحيانا يقايضني أمسيات امرأة/ ثم يضيء دهاليزها/ بثناء رعودي…) فهذا التعالق بين الشاعر وديك الجن تعالق وجودي، إذ لا يمكن التفريق بينهما على مستوى التجربة، مع الإشارة إلى أن ديك الجن قناع شعري يستثمره الشاعر محمد حجي محمد لتمرير صوته العاشق والمتيم بامرأة روضت الشوق، وبذلك نكون أمام ذاتين في ذات واحدة، الواحدة تشكل ظل الأخرى، وتزداد تيمة التيه حضورا حين يقول:( في هذا المتاه المشفوع برأفة السحب: أبصرتُ مصابيح/ من ورطتني في العشق / تياهة في طوار كالبرد/ رأيت لياليها البربرية منشورة/ كضفيرة قطة…) فعين الذئب تبصر الآماد البعيدة وتحرس غرفة العاشقة وزمنها الممتد في اللازمان، وهنا مبلغ شعرية التجربة التي تتخذ من التيه وسيلة لرسم الصورة الكلية لذات تائهة / حائرة/ ضائعة ومنذورة للأهواء والأهوال، ومن تمّ أليس الشعر عبورا للأهوال وتجسيدا للأهواء، تلك سيرة الشاعر الوثني المتعبّد في هشاشة العالم.

(2) شعرية اليومي والتخييل الذاتي

لكن الشاعر في عمله « صباح لا يعني أحدا» ينحاز إلى التقتير في اللغة، والعمل على الاحتفاء باليومي كرحم تنبثق منه سيرة الذات والمكان، باعتبارها بحث عن الكينونة بتعالق مع هوية المكان، هذه السيرة الضاجّة بالإحساس باللاجدوى في عالم مديني يكتب تاريخ الضجر بإزميل التعب والتعذيب والمنافي والصحراء، معبّرا عن رفضه لهذه العوالم التي تلمع فيها رتابة البداوة يقول:( وأخيرا/ أنت متعب/ من بداوة هذه المدينة: يا شيخ الحكمة/ في غير بلدة اليونان…) وما يُلاحَظ أن الشاعر يروم إلى تجاوز معجم الشهوة التي تطارد المرأة المبحوث عنها، بتأسيس خطاب شعري يبئر الشعور باللامعنى؛ حيث الزمن تنتفي فيه روح الوجود ومن تمّ تنعدم جدارته، لذا تبحث الذات عن ملاذ للفرار من جحيم الزمن القاتل للهوية المكانية، بالاعتماد على اللغة الساخرة كوسيلة لتعرية الذات والمكان، بمجازات واستعارات بارودية مفعمة بالطابع التراجيدي يقول:( كأي صباح/ أصحو على جماجم أعدائي/ أسناني أنظفها جيّدا من لحومهم/ وألقي بالعظام/ إلى الطيور الكاسرة …) هذه السخرية السوداوية، ذات المنحى المشهدي، تبئّر سيرة اليومي وتحويلها إلى سيرة جماعية، فما يعبّر عنه من مواقف تجسيد لاستعارة الضجر والرفض كآلية من آليات الاحتجاج ضد ما يهدّد الذات في هويتها الوجودية، ويحوّلها إلى كيان هشّ معرّض للتشظي في عالم متقلّب ومثير للسأم، وما نلاحظه على مستوى هذا الديوان أن الشاعر يؤسس لزمن شعريّ آخر، يناقض زمن الواقع الرتيب والغارق في متاهات العابر، فالزمن المبدَع زمن لا يمثل إلا الشاعر ولايعني سواه، زمن سيريّ لذات مأسورة بالعودة إلى الذاكرة البعيدة لالتقاط المنفلت والهارب، مادام فضاء المدينة عالم البداوة والتعذيب والمنافي والضجر، مما يعكس حقيقة الاغتراب الوجودي الذي يعتور الذات يقول : ( وأخيرا / أنت متعب/ من بداوة هذه المدينة: / ياشيخ الحكمة/ في غير بلدة اليونان/ كفاك/ شتاؤها القروسطوي/ لياليها/ الأشد / فتكا/ من غرف التعذيب / في العصور الغابرة…)، فاللغة لا تحقق شعريتها إلا في سياق تركيبي يخرق اللغة الطبيعية، ويتجاوز النسق النحوي للجملة بإبداع نسق مجازي يوسّع اللغة على المستوى الدلالي معتمدا التصرّف بلغة ابن جني الذي نقصد به التكثيف والتقتير، مما نجم عنه توليد إمكانات تعبيرية تسمح بشحن اللغة بطاقات أسلوبية تخصّب اللغة وتثوّرها تثويرا دلالة وجماليا،»مستعينا بكل الوسائل التصويرية والسردية تضفي التخييل على مساره في الحياة(شاعرية الحالة) وتتيح له التقنع بأقنعة مختلفة، والالتباس في هويات متضاربة» والمتأمل في هذا العمل يقف على هذه السمات السالف ذكرها يقول: ( كأي صباح/ أحرّر فيالق أعشابها/ أوبّخ صنبور الماء/ عن ضجيجه الذي أفسد نومة الكون…) فالمتبصر في المعجم النصي يستخلص قمّة بساطته إذا تم تجريده من سياق القول ( صباح/ فيالق/ أعشاب/ صنبور/ ضجيج/الكون…) وهو معجم يجمع المتناقضات زمني، حربي، طبيعي، واقعي، وجودي،مما يعكس حالة التوتر والصراع. غير أن التوظيف الأمثل له يتمثل في بنية الجمل الشعرية المختصرة، الغنية بأبعادها الدلالية والوجودية، الكاشفة عن الحرب التي تخوضها الذات مع اليومي وما يحمله من مكابدات.
فالشاعر محمد حجي محمد يسرد تفاصيل اليومي، بلغة تنحت ملحمتها من تربة التجربة في الحياة، فالذات تكشف عمّا يعتورها من رضوض داخلية تعبّرعنها بمعجم شعري ينبض بحياة الواقع وواقع الذات كمظهر من تجليات المكابدة الوجودية، التي تواجهها كينونة مهدّدة بالحروب اليومية يقول:( برأس مليء بالعواطف/ تنهض عادة/ من رميم سباتك/ الضلوع محطّمة تماما/ كأنها خارجة للتوّ من غارات غادرة…) فمعالم الموت بادية على المقطع الشعري، وهي تمثيل لرتابة اليومي وفداحاتك الموغلة والمتغوّلة في كل ركن من أركان الواقع، وهي رتابة وجودية يتم الهروب منها عبْر الخيال المؤرق، لأن قدر الشاعر ذو بعد فلسفي ورثه من الفيلسوف سقراط حين يقول : ( قدري يا سقراط / أقود حقول أرقك/ إلى قطيع سبّابات فاسدة …) فاللغة الشعرية ذات نفَس انزياحي يضمر انتقادا لمجتمع يغيّب العقل النقدي ويركن للاجترا، الأمر مما جعلها رهينة زمن ولى؛ لتسرد حياة الواقع المتغيّر والمؤثّرتأثيرا سلبيا في القيم الإنسانية يقول: ( ما عاد في المقاهي التي/ كانت تأوي/ جلساتنا الأليفة/ غير طحالب مزعجة/ وضجّات تطل برؤوسها العجيبة/ مثل الأغنام/ من على شاحنات عتيقة…) هكذا يرسم الشاعر في مشاهد شعرية مقتطعة من نص الحياة ب»خلق لغة جديدة تستمد حرارتها وعنفوانها مما يكابد ويقاسي. لغة مليئة بالإشراقات والومضات ووقّادة في صفائها وتجرّدها وجمالها» ،معتمدا في ذلك على التصوير المشهدي المفارق الكاشف عمّا تتعرّض له الذات من تمزقات داخلية ناتجة عن الإحساس بالاغتراب والمفارقات المطوقة للذات والعالَم.ففداحة الزمن والانهمام باليومي المبتذل تحوّل اللغة إلى قناة لتمرير الرؤى والتصورات التي تؤسس لخطاب اليومي حيث التفاصيل سيّدة المشاهد الناقصة، فالحياة ترصدها عين السارد، من خلال، الملفوظ الشعري، إذ تتوالى الصور منداحة في صيرورة تكشف عن ظلال الطفولة الهاربة، والزمن الحاضر الغارق في الابتذال مادامت المدينة جهمة وتشعل الخوف والغضب يقول: ( هذه المدينة/ لا تضحك/ وإن ضحك منها شارع / التفتت إليه البيوت/ مذعورة / وعادت/ إلى أحيائها / بسرعة طفلة غاضبة) ص 40. ففضاء المدينة مشرع على عالم مشحون بمشاعر الذعر، كل هذا جعل الشاعر يعزف كورال التشظي بلغة شعرية تقوض أفق انتظار الذائقة الشعرية لدى المتلقي التقليدي، وخالقة المسافة الجمالية للمتلقي المؤمن بحتمية التحويل الشعري.لأن النص الإبداعي هو الذي يتمكن من إحداث اختراقات للسائد ب»تأسيس لنظام جديد ينبثق من داخل النص تتحرّك به الدوال نحو مدلولات تتشكّل كناتج إبداعي لعلاقات الدوال بعضها مع بعض، فهي إذا واقع مبني لا يسبق النصّ ولا يلحق به، وإنما ينتج به».
بالجملة، يمكن القول إن تجربة الشاعر محمد حجي محمد تفتح أفق كتابة شعرية تنتمي إلى كينونة شعرية تعكس حال المكابدة والتمزّق الذاتي والوجودي، وتحتفي بتفاصيل اليومي والمبتذل، برؤيا شعرية تستقي جمالياتها من تجربة الذات شعريا، وبما يحمله الواقع من مفارقات، وذلك بلغة شعرية تجسد الوعي العميق لدى الشاعر بالذات والوجود، وبالكتابة باعتبارها التجسيد الأسمى لتعالقهما وتواشجهما وفق العلاقات المؤسسة على أساس الفاعلية الشعرية.


الكاتب : صالح لبريني

  

بتاريخ : 05/05/2023