مديحُ الأَسماءِ الْخفيةِ

 

أذكرُ العجوزَ التي نادتْني
باسْمِ جبلٍ منْ خريفٍ مضى
ونادتْني مرّةً باسْمِ بئرٍ مهْجورةٍ
ربَتتْ بِيديْها النّاشِفتيْنِ، على خدّي
على حَجرٍ في خدّي
ودسّتْ في سرّتي
عرقَ الرّماةِ الأقدمينَ
لم يكنِ الْجبلُ اسْمي
لم تكنِ الْبئرُ اسْمي
لكنّي حين الْتفتُّ إليْها
رأيتُ نصْفي واحةً
ورأيتُ على كتِفيّ ثلْجا
وقُطعانَ ماعزٍ
أذْكرُ المرْضعاتِ اللائي حملْنَ شهْقاتِهنّ
إلى مواقدِ الْمدينةِ
وابْتكرنَ ضبابَ الظّهيرةِ
أذكرُ كيف احْتميْن بالْجُدرانِ
من حُرْقةٍ طارئةٍ، وانْكسارٍ سريعٍ
وناديْنني بأسْماءِ الرّعاةِ الْخالدينَ
في مَمالكِ الْغبارِ
وكنتُ، يومَها، لُغةً سريعةَ الذّوبانِ
في قهْوة الْمساءِ
وأعْلى سهْواً من نخْلةٍ في حُروبِ الأنْذالِ
لم أكنِ الرّاعي، والضّحكةَ الْمُجلجلةَ
خلفَ الأسْوارِ
لكنّي حينَ الْتفتّ إلى حيثُ أشرْنَ
تدَلّى الرّعاةُ تباعاً من مزودةِ الْمُسافرِ
مثل موّالٍ طويلٍ في ليْلٍ الذّئابِ!
أذْكرُ شيخَ الْجامعِ
والْبلحَ الْمُطلّ على باحةِ الْجامعِ
والْخدوشِ الْمُضيئةِ في ألْواحِ الصّغارِ
والوالدَ الْعائدَ من رحلةِ صيْدٍ
بِريحٍ طيبةٍ بين ذِراعيْهِ
وبضعِ موْجاتٍ من غرقٍ قديمٍ
أذْكرُ أمّي، والْفرنَ الْقديمَ في بهْو الدّارِ
ورائحةَ الْخبزِ السّاخنِ في أعْراسِ الشّتاءِ
والذينَ ناديْتهمْ بأسْماءِ الْجندِ السّائلينَ
منْ أدْعيةِ السّبايا
وما احْتملتْ حرائقُهمْ
بضعَ أغْنياتٍ من فرحٍ مبْهَمٍ
أذْكرُ الْغائبينَ، والخائِفينَ من غدِهمْ
ولا أهْتدي إليّ
حينَ يُشيرونَ إليّ، في الزّحامِ!


الكاتب : فتح الله بوعزة

  

بتاريخ : 17/12/2021