مراقبون فلسطينيون يستبعدون إنهاء الالتزامات الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع إسرائيل

أثار قرار المجلس المركزي الفلسطيني إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع إسرائيل شكوكا في فرص تنفيذه فعليا على أرض الواقع خشية من التكلفة المترتبة على ذلك، بحسب مراقبين فلسطينيين. وأجمع المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء «شينخوا» على أن القرارات رغم أنها جاءت في الوقت المناسب ردا على تنكر إسرائيل لكل شيء، إلا أن تنفيذها يحتاج إلى عوامل فلسطينية غير متوفرة، فضلا عن الضغوط الخارجية التي قد تحدث جراء تنفيذها.

تعليق الاعتراف بإسرائيل

أعلن المجلس المركزي الفلسطيني في بيان يوم الأربعاء الماضي عقب اجتماعات امتدت ليومين في مقر الرئاسة بمدينة رام لله، “إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في كافة الاتفاقيات مع إسرائيل وفي مقدمتها تعليق الاعتراف بها لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ووقف الاستيطان”. وذكر البيان أن القرار يشمل وقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة وتحديد ركائز عملية للاستمرار في عملية الانتقال من مرحلة السلطة إلى الدولة ذات السيادة، مؤكدا رفضه للسلام الاقتصادي وإجراءات بناء الثقة التي تطرحها إسرائيل كبديل عن السلام الدائم والعادل.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض، إن الوضع الداخلي الفلسطيني المتمثل بحالة الانقسام بين القطبين الأبرز حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) وما يصاحبه من ردة فعل جماهيرية، يمنع تنفيذ مثل هذه القرارات، كما أن الضغوط الأمريكية والدولية التي قد تمارس على السلطة الفلسطينية قد تؤدي لتجميدها أو تأخيرها.
ورأى عوض أن العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية أصبحت على “المحك”،مشيرا إلى أن استمرار الممارسات اليومية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، يعجل من “الانفجار الشعبي”.

آليات التنفيذ؟

وأشار عوض إلى أنه رغم أهمية القرار المتخذ من قبل المجلس المركزي، فإن إعلانه لم يتضمن أي آليات عملية لتنفيذه واكتفى بتكليف اللجنة التنفيذية للمنظمة العمل على وضع الآليات المناسبة لتنفيذ هذه القرارات وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا.
ولم يصدر أي تعليق إسرائيلي رسمي على القرار الفلسطيني بشأن مستقبل الاتفاقيات معها، علما أن عدة لقاءات جرت قبل أيام من عقد اجتماع المجلس المركزي بين وزراء فلسطينيين وإسرائيليين لبحث عدة قضايا أمنية وداخلية مشتركة. وقال مدير مؤسسة الدراسات الديمقراطية في رام لله جورج جقمان، إن ما يمنع تنفيذ القرارات حالا وسريعا هو الخشية الفلسطينية من ردة فعل إسرائيل التي “لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ذلك”.
وأوضح جقمان أن السلطة الفلسطينية قامت سابقا باستيراد مواشي من الخارج بهدف التحرر من الاتفاقات الاقتصادية مع إسرائيل، لكن الخطوة قوبلت بقرار إسرائيلي بمنع الخضروات والفواكه عن الضفة الغربية، ما أثر سلبا على الحياة الاقتصادية. وتابع أن الضفة الغربية بالكامل تحت الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أن عدم تعليق الجانب الإسرائيلي على القرارات الفلسطينية لأنه يعرف سلفا صعوبة تنفيذها ويعتبرها حبرا على ورق.
والمجلس المركزي الفلسطيني هو حلقة الوصل بين المجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير الفلسطينية) واللجنة التنفيذية للمنظمة، وعقد آخر اجتماع له في أكتوبر 2018 ويضم 141 عضوا.
وعلى وقع اجتماع المجلس المركزي قتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين وسط مدينة نابلس (تخضع للسيطرة الفلسطينية) شمال الضفة الغربية في وضح النهار باستخدام مركبتين تحملان لوحات تسجيل فلسطينية في حادثة لاقت تنديدا وغضبا فلسطينيا واسعا.
وتساءل مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام لله هاني المصري، عن الجديد في قرار المجلس في ظل اتخاذه عدة مرات منذ ماي 2015 وقال المصري إن القرارات المتخذة مطلوبة وجيدة في حال تنفيذها، مشيرا إلى أن تكليف اللجنة التنفيذية للمنظمة بوضع الآليات للتنفيذ، يعني أنه سيكون هناك صعوبة لتنفيذها.
وتابع أن تنفيذ القرارات على أرض الواقع يعني “المواجهة مع إسرائيل ما يستلزم إنجاز الوحدة الوطنية كضرورة، لكن عمليا هذا غير موجود”.
وسبق أن قرر المجلسان الوطني والمركزي الفلسطينيان قبل أعوام تعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود العام 1967 ووقف التنسيق الأمني والانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي.
وجرت أعمال المجلس المركزي وسط معارضة من قبل بعض الشخصيات والفصائل الفلسطينية، أبرزها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الفصيل الرئيسي في المنظمة، فيما لم تشارك حركتا حماس والجهاد الإسلامي وغيرها من المنظمات الإسلامية في الاجتماع كونها ليست من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية.

حالة جمود كبير

وقال المحلل السياسي من رام لله خليل شاهين، إن الحالة السياسية الفلسطينية تعاني من حالة جمود كبير منذ أعوام بسبب استمرار الانقسام وتأجيل عقد الانتخابات العامة وعدم تحقيق أي اختراق في عملية السلام، مما يشير إلى أن أي مواجهة مع اسرائيل لن تكون في صالح الجانب الفلسطيني، ما يعني أن هذه الحالة ستستمر ولن تتغير. وتابع شاهين أن تنفيذ قرارات المجلس المركزي تحتاج أولا إلى إعادة الاعتبار للمؤسسة الفلسطينية وإنهاء الانقسام القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة وتعزيز الصمود الشعبي الفلسطيني، معتبرا أن الحالة التي خرج بها المجلس المركزي أقل ما يمكن أن يكون لإحداث أي تغيير للواقع الصعب.


بتاريخ : 22/02/2022