مسؤول بجمعية بيتي: نشتغل سنويا مع ما بين 200 و 300 طفل وطفلة في وضعية تشرد

 

تحتضن أحياء مدينة الدار البيضاء عددا كبيرا من الأطفال في وضعية الشارع، يعبّر شكلهم الخارجي على البؤس والعجز، وملامحهم توحي بالضياع والحرمان وسط عالم مجهول، يفترشون الأرض ويتخذون من السماء غطاء لهم، ويجعلون من الحدائق العمومية، المقابر، المحطّات، البيوت المهجورة.. مأوى لهم، معرّضين لكل أنواع الخطر، خاصة الاغتصاب والعنف بأنواعه.
فئة عمرية، تعيش في عزلة عن باقي المواطنين، بحياة فيها الكثير من الغموض والألم، يجد المنتسبون لها أنفسهم مندمجين في إطار تكتّلات للبقاء، للاستفادة من حماية مشروطة، تعرّضهم لكل أشكال الاعتداء، التي من المفروض ألا تطالهم وأن يجدوا من يقيهم منها، من مؤسسات وجمعيات ومختلف التنظيمات القانونية، عوض أن يسقطوا بين براثن التخدير بكافة أنواعه، المدمّر للعقول والأجساد، لاسيّما «الرخيص» منه، فيصبح عيشهم مقترنا بالشارع الذي يتحول إلى بديل عن البيت والمدرسة.
أطفال، منهم من يولد في الشارع، ومن يشب ويترعرع فيه في لحظة من لحظات حياته، ومنهم من يشيخ فيه، بعضهم يستمر في الحياة، والبعض الآخر يفارقها، خاصة خلال فترة الشتاء، حين تتدنى درجات الحرارة ويغيب الدفء، ويصبح «الدوليو» وغيره «زادا» لمواجهة قساوة الحياة، فيكون هذا السمّ سببا في الرحيل. واقع هذه الفئة التي تحتاج للدعم، والتي للأسف بات عددها أكثر ارتفاعا في أحياء الدارالبيضاء، وخاصة في مناطق بعينها، في درب السلطان ووسط المدينة وغيرهما، وطبيعة المبادرات الموجّهة لاحتضانها جعلتنا ننتقل إلى جمعية «بيتي»،، حيث التقت «الاتحاد الاشتراكي» بمسؤول التواصل والترافع فيها، عبد الرحمن بونعيم، الذي أوضح في أجوبته عن أسئلة الجريدة المرتبطة بهذا الموضوع، بأن «جمعية بيتي كان لها السبق في التصدي لهذه الظاهرة ومعالجتها بشكل دقيق»، مضيفا «اعتمدنا في منهجيتنا على أطر متعددة الاختصاصات من مربين، معلمين، منشطين، أطباء، أخصائيين نفسانيين..، ونتخذ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل كمرجع أساسي في عملنا».
وأبرز المتحدث للجريدة أن «الأرقام تبقى غير مضبوطة نظرا لكثرة تنقل وترحال الأطفال»، مضيفا بالقول «نشتغل سنويا مع ما بين 200 إلى 300 طفل وطفلة في وضعية الشارع، ومن المتوقع أن نعرف ارتفاعا في العدد بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن غلاء الأسعار». وأوضح الفاعل المدني في تصريحه أن «أسباب انتشار هذه الظاهرة مختلفة ومتعددة، إلا أن الطلاق والعنف هما الأكثر شيوعا، بحيث هناك بعض الأسر التي لا تتحمل المسؤولية الكاملة أمام أبنائها، إذ تجد الأب يرمي بالمسؤولية على الأم، والأم ترمي بها بدورها على الأب، وهنا تنفلت الأمور، فيحتضن الشارع هؤلاء الصغار، ليتعرضوا لكل ما يخطر على البال من عنف واستغلال بكل أنواعه، كما أن هؤلاء الأطفال يتعرضون لصنوف الأمراض والأوبئة.».
وشدد بونعيم، مسؤول التواصل والترافع بالجمعية، على أن «الحل الأنسب للحد من هذه الظاهرة هو تدخل الجهات المسؤولة ووضع استراتيجية صارمة ومحكمة يشارك فيها كل المتدخلين، للعمل على هذه الفئة من المجتمع وتفادي الأسباب التي تؤدي إلى جنوح الأطفال».
إن احتضان أطفال الشارع، وهم صغار، يعتبر خطوة مهمة لحمايتهم وتحصينهم ولتأطيرهم ومنحهم الرعاية اللازمة، تفاديا لكل المنزلقات التي قد يجدون أنفسهم وسط دوامتها، فضلا عن الحفاظ على حقهم في الحياة الذي يكون تحت التهديد وهم في الشارع، سواء في صغرهم أو حين تقدمهم أكثر في السن، لعوامل مختلفة، ومنها ما أشرنا إليه المرتبط بالطقس وتداعياته.

صحفية متدربة


الكاتب : فرح بجدير *

  

بتاريخ : 09/01/2024