مستشفيات الدارالبيضاء تخلي أقسامها وترحّل مصالح الولادات وتستعد لاستقبال المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد

بعد تسجيلها لـ 130 مريضا وبسبب نسبة الملء في

الوحدات المخصصة لمرضى «كوفيد 19»

عبّر عدد من المختصين في الشأن الصحي، عن قلقهم الواسع من نسبة الإماتة المرتفعة في صفوف المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد. وأوضحت مصادر مهنية لـ « الاتحاد الاشتراكي»، أن التكفل بالمرضى يكون في بعض الحالات متأخرا، مما قد يؤدي إلى انتكاس الوضع الصحي للمرضى، خاصة منهم المصابين بأمراض مزمنة، والمصنّفين ضمن خانة الفئات الأكثر عرضة للخطر وللتبعات الصحية للفيروس.
وبلغة الأرقام، فقد تجاوز المغرب، في ظل أعداد الحالات المؤكدة إصابتها، التي توصف بكونها قليلة مع ما عرفته وتعرفه العديد من الدول الأخرى المصابة بالفيروس، معدل نسبة الوفيات العالمي الذي يصل في مجموع البلدان إلى 5 في المئة، إذ في الصين بلغ معدل الإماتة 4 في المئة، وفي ألمانيا لم يتجاوز نسبة 1 في المئة، أما في إيطاليا التي تعرف انتشارا واسعا للمرض فنسبة الوفيات وصلت إلى 11 في المئة، في حين أنه في المغرب بلغت هذه النسبة أكثر من 6 في المئة، التي تعتبر بحسب مختصين جد مقلقة، مقارنة بأرقام المصابين، وهو ما يستدعي التعامل مع الوضع بجدية أكبر وبحزم وصرامة لا محيد عنهما.
واتسعت دائرة مستشفيات العاصمة الاقتصادية التي تكفّلت وستتكفّل باستقبال المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد، بعدما تواصل ارتفاع أعداد المرضى وطنيا وجهويا، إذ بلغ عدد الحالات المؤكدة إلى غاية مساء الأحد 479 مصابا، كان نصيب جهة الدارالبيضاء سطات منها 139 مريضا ، متصدّرة قائمة الإصابات، يتوزعون على عدد من المؤسسات الصحية، كما هو الحال بالنسبة لمستشفى مولاي يوسف الذي يتواجد فيه 8 مرضى، والذي سترتفع طاقته السريرية الخاصة بمرضى الفيروس خلال الأسبوع الجاري، ومستشفى سيدي مومن الذي يوجد في 24 مريضا، في الوقت الذي تصل طاقته السريرية إلى 40 سريرا، بالإضافة إلى مستشفى مديونة الذي يوجد به 15 مصابا بـ « كوفيد 19 «، والذي يتوفر على مجموع أسرّة مخصصة للمرضى المصابين بهذا الفيروس التي تصل إلى 40 سريرا، حيث تم إخلاء المستشفى من كافة المصالح، باستثناء المستعجلات والمختبر وقسم الأشعة، دون إغفال المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد.
من جهته، يستقبل مستشفى ابن امسيك، حالة واحدة لمريض، بمصلحة طب الأطفال التي تضم 5 أسرّة، والتي تم تخصيصها للمصابين بفيروس كورونا المستجد، في حين جرى تحويل مريضة أكدت نتيجة التحليل الفيرولوجي إصابتها صوب مستشفى آخر، بينما تم التأكد من خلوّ حالتين كان مشكوكا في إصابتهما من المرض، في الوقت الذي غادر طبيب المستشفى صوب منزله لمواصلة الحجر الصحي في انتظار نتائج التحليلة التي تخصه، وذلك إلى غاية مساء الأحد. وعلمت « الاتحاد الاشتراكي» من مصادرها، بالنظر إلى أن المديرية الجهوية لوزارة الصحة بجهة الداراليضاء سطات، تنتقي مخاطبيها، وتختار الجهات التي تريد مّدها بالمعلومات التي ترغب في نشرها، بل وتقرّر في أولويتها وأهميتها من منظورها، أنه يتم إصلاح قسم الجراحة بمستشفى ابن امسيك مع تزويده بالكاميرات لتخصيصه كوحدة للعزل، في الوقت الذي سيتم اتخاذ إجراءات من أجل ترحيل النزلاء من مرضى « بويا عمر « صوب مؤسسة بعين الشق.
بدوره، استقبل مستشفى السقاط بعين الشق، وفي ظرف زمني وجيز ثماني حالات مرضية مؤكدة، مع  إحالة مريضين، وُصفت وضعيتهما بالخطيرة صوب مؤسسة استشفائية أخرى. أما بخصوص مستشفى الحسني فقد أصبحت هذه المؤسسة الاستشفائية جاهزة، منذ أمس الاثنين، لاستقبال حالات تخص مصابين بالفيروس، وتم إخلاء مصلحة الأم والطفل والعمل على نقلها إلى فضاء خارج أسوار المستشفى، مع ما يعني ذلك من طرح لأسئلة بخصوص وضعية النساء الحوامل، وسؤال المسؤولية للأطر الصحية، أطباء وممرضين، والمشاقّ التي ستلاقيها النسوة من أجل التعامل مع المخاض المفاجئ والوضع. من جهته، سيصبح مستشفى مولاي رشيد سيصبح هو الآخر جاهزا خلال اليومين القادمين من أجل استقبال حوالي 42 مريضا محتملا، 12 بمصلحة لطب الإنعاش. وشملت تدابير الاستعدادات للتعامل مع مرضى كورونا، مستشفى بوافي بدرب السلطان، الذي تم تخصيص جناحين به للمرضى المحتملين، دون إغفال مستشفى الشيخ خليفة الذي يتكفل هو الآخر بحالات مرضية مهمة والذي يتوفر على حوالي 100 سرير مخصصة لهذه الغاية، فضلا عن مستشفى القرب الرحمة، الذي يستعد بدوره لهذا الحدث الصحي، وهو ما يؤكد التعبئة الجماعية التي انخرط فيها مهنيو الصحة بكافة هذه المستشفيات، سواء الذين يتعاملون مع المرضى منذ مدة أو الذين سيشرعون في هذه المهمة خلال هذا الأسبوع، بروح وطنية عالية، بالرغم من كل الملاحظات والمؤاخذات المسجلة حول الكيفية التي يتم بها تدبير الموارد البشرية والمرافق الصحية من طرف الإدارة الجهوية؟
الإجراءات المتّبعة من أجل مواجهة انتشار عدوى فيروس كورونا، ستتخذ خلال الأسبوع الجاري شكلا جديدا، يتمثل في تفعيل العمل بالتحاليل السريعة التي تم التوصل بكميات مهمة منها، في انتظار وصول دفعات أخرى، وهو ما يرجّح إمكانية تسجيل عدد أكبر من الحالات المؤكدة، الأمر الذي يستدعي المزيد من الصرامة في تطبيق حالة الطوارئ الصحية، والاستعانة بالمرافق الصحية التابعة للقطاع الخاص التي عبرت عن انخراطها، خاصة وأن عدد المرضى ارتفع منسوبه منذ مطلع الأسبوع الفارط، وازداد حدّة مع نهايته. مواجهة فيروس « كوفيد 19 « تطرح أيضا، أكثر من علامة استفهام، بخصوص مدى استعانة وزارة الصحة بالخبراء المختصين في علم الأوبئة وفي تدبير المخاطر، الذين غادروا الوزارة بعد بلوغهم السن القانونية والإحالة على التقاعد، أو توجهوا للقيام بمهمات أخرى،  للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم، سواء الذين اشتغلوا في مديرية الأوبئة وبمصالح أخرى لوزارة الصحة أو على مستوى الجهات، على غرار ما تم القيام به في دول طالها الوباء، خاصة وأن الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء فتحت باب تسجيل المهنيين الذين غادروا القطاع العمومي طوعا أو الذين تقاعدوا، بما أن هؤلاء الخبراء واجهوا أوبئة مختلفة مرّت بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، وتعتبر الظرفية الحالية لحظة تفرض تعبئة جماعية وتتطلب استدعاء كل الخبراء للاستفادة من خبراتهم والكفاءة التي راكموها، ربحا للوقت وتفاديا لتبعات وكلفة أكبر.
وكانت وزارة الصحة قد أكدت خلال تصريح صحافي مساء الأحد، على أن الحالات المحلية من الإصابات المؤكدة بلغت نسبتها 59 في المئة مقابل 41 في المئة من الحالات المستوردة، مع تسجيل 26 حالة وفاة، مبرزة أن نسبة 9 في المئة من الحالات المرضية تخض مرضى وضعيتهم حادة، و 6 في المئة من الحالات تم وصفها بكونها حرجة، إلى جانب تعافي 13 مريضا ومريضة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 31/03/2020