مصطفى النجاري، المدير التقني الوطني لرياضة سباق الدراجات: محسن الكوراجي انسحب من السباق بأمر من المنظمين وتطور الدراجات المغربية يحتاج عملا جبارا

لم يتمكن الدراج المغربي الوحيد في أولمبياد طوكيو من إكمال السباق على الطريق، بعدما انسحب قبل 40 كلم من خط النهاية، الأمر الذي خلف موجة استياء في صفوف الوفد المغربي بطوكيو، علما بأن الدراج محسن الكوراجي استعد لهذه الدورة الأولمبية في أجواء صعبة، في ظل التدابير الاحترازية، التي فرضتها جائحة كورونا. فضلا عن الفوارق الكبرى في الإمكانيات والتجهيزات مع دراجي النخبة العالمية.
لتسليط الضوء على هذه التفاصيل، وواقع رياضة سباق الدراجات المغربية ومستقبلها، كان لنا الحوار التالي مع مصطفى النجاري، المدير التقني الوطني:

n ماهي أسباب انسحاب الدراج المغربي، محسن الكوراجي، من السباق على الطريق قبل 40 كلم عن خط النهاية، خلال الألعاب الأولمبية؟

pp في البداية لا بد من التأكيد على أن مستوى الهواة لا يمكن أن يقارن بمستوى المحترفين، فلا ينبغي مقارنة ما لا يقارن.
ولهذا فإن أبطالنا الهواة لا يمكن أن نطلب منهم الكثير، لأنهم اكتفوا فقط بخوض أربع إلى خمس سباقات عادية خلال السنتين الأخيرتين، عكس المحترفين الذين خاضوا سباقات على أعلى مستوى على غرار طوافي إيطاليا وفرنسا، الذي اختتمت فعالياته يوم الأحد الماضي، وجاءوا إلى الألعاب الأولمبية، بعد أن خاضوا ما بين 2500 و3000 كلم، وجاهزيتهم العالية هاته تصعب المأمورية على الهواة.
إن محسن الكوراجي خاض قبل الأولمبياد خمس سباقات فقط بتركيا، وجاء إلى أولمبياد طوكيو مفتقدا للتنافسية، الأمر الذي جعله يظهر بالمستوى الذي شاهده الجميع. أضف إلى أن المحترفين تكون لديهم القدرة على قطع مسافة 250 كلم في السباق بسهولة، عكس الهواة، الذين لا يمكنهم قطع مسافة تفوق 200 كلم.
وبالعودة إلى السباق الأولمبي، فإن الكوراجي كان ضمن الأوائل طيلة 120 كلم الأولى، لكنه تخلف عند العقبة الأخيرة، التي كانت وعرة للغاية، ما جعل العديد من الدراجين من بينهم جزائريين وأبطال كبار، على غرار الفائز بذهبية أولمبياد ريو دي جانيرو يتخلون عن المنافسة. كما أن المنظمين حينما يجدون أن المتسابق تخلف عن كوكبة المقدمة بفارق يتعدى دقيقتين، يطلبون منه الانسحاب، حتى يفسح الطريق لغيره، وهذا ما وقع للكوراجي، الذي لم تكن لديه نية الانسحاب، وإنما فرض عليه من الجهة المنظمة.

n لماذا عجزت رياضة الدراجات المغربية عن تأهيل أكثر من متسابق واحد إلى الأولمبياد؟

pp كما تعلمون فإن التأهيل كان يتم في الدورات السابقة عن طريق أفريكا تور، ولهذا كنا قد أهلنا ثلاثة دراجين إلى أولمبياد لندن 2012 وريو دي جانيرو 2016، لأننا كنا الأوائل على الصعيد الإفريقي،لكن خلال التصفيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو تغير الأمر، بعدما تم الاعتماد على التصنيف العالمي، ولهذا تمكنت الدول التي جمعت عددا كبيرا من النقط خلال السباقات الدولية من تأهيل عدد كبير من المتسابقين. فالدول المحتلة للصفوف السبعة الأولى أهلت خمسة دراجين والمحتلة الرتب بين سبعة و14 أهلت أربعة متسابقين، فيما مكنت الرتب التي تقل عن 20 وتفوق 14 من تأهيل ثلاثة متسابقين، وبين 20 و 30 أهلت متسابقين اثنين، في حين حصلت الدول المصنفة بين 30 و 50 على مقعد واحد.
وبما أن المغرب احتل المرتبة 38، بالنظر إلى مشاركاته القليلة على المستوى الدولي، بفعل تداعيات فيروس كورونا، حصل على مقعد واحد فقط، وكان من نصيب محسن الكوراجي نظير مشاركته خلال السنة الماضية في بعض سباقات تركيا، وجمع خلالها بعض النقط، التي مكنت الدراجة المغربية من نيل بطاقة المشاركة في الأولمبياد.

n بعدما انتهت مهمة الدراجة المغربية بأولمبياد طوكيو، وقبل ثلاث سنوات من انطلاق أولمبياد باريس، ما هي رهانات الدراجة المغربية في أفق الدورة الفرنسية، علما بأن الفترة الفاصلة بين الدورتين الأولمبيتين تقلصت بسبب الجائحة؟

pp ـ لا يمكننا الآن الحديث عن دورة فرنسا، لأن أغلب المقاعد الأولمبية تكون من نصيب دراجي دول أوروبا وأمريكا، بالنظر إلى العدد الكبير من السباقات التي يخوضونها، فضلا عن ممارسة متسابقيها ضمن أغنى وأقوى الأندية العالمية. ولهذا كما قلت في البداية لا ينبغي أن نقارن مالا يجب أن يقارن.
فطالما نحن في المغرب لا نتوفر على فرق محترفة، ونفتقد لدراجين ينتمون إلى الفرق المحترفة،وقادرين على جمع أكبر عدد من النقط، فإن ظهورنا لا يمكن أن يخرج عن المستوى الذي لاحظناه.
وإذا ما توفرت الظروف المناسبة وشارك أبطالنا في سباقات متعددة خلال الفترة المقبلة، فبالتأكيد سيكون بإمكاننا تأهيل أكثر من دراج واحد.

n بنظرك لماذا لم يتطور مستوى الدراجة الوطنية، ليقارع المدارس الكبرى عالميا، هل الخلل يكمن في استراتيجية عمل الإدارة التقنية، التي ينبغي تطويرها؟ أم لعدم قدرة الأندية والجمعيات على المواكبة؟ أم لضعف الإمكانيات والموارد؟

pp أعتقد أن السبب يعود بالأساس إلى العامل الأخير، ذلك أن الإمكانيات تعد عصب الحياة بالنسبة لأي نوع رياضي، فعلي سبيل المثال، نجد أن الميزانية العامة السنوية لجامعة الدراجات لا تتعدى ثمانية ملايين درهم، بينما نجد أضعف فريق محترف، سواء بأوروبا أو أمريكا، تفوق ميزانيته العامة عشرة ملايين يورو، كما أنه يتوفر على 23 متسابقا، وأكثر من 15 فردا بالطاقم التقني، يشمل المدربين والأطباء والميكانيكيين… وحتى يتمكن المغرب من التواجد ضمن مصاف الدول الرائدة في مجال سباق الدراجات، يجب على الدولة أن تضاعف اهتمامها بهذه الرياضة، كما أن القطاع الخاص مدعو بدوره إلى الانفتاح على هذه الرياضة ويدعمها، على غرار ما يتم العمل به في أوروبا وأمريكا، حتى نشكل فريقا محترفا، يفتح آفاق التطور والارتقاء في وجه الأبطال المغاربة، الذين سيصبح بإمكانهم المشاركة في عدة سباقات، وسيصلون حتما إلى العالمية. حيث أن حضورها القوي في السباقات الدولية يمكن أن يفتح في وجوههم الانضمام إلى الفرق العالمية الكبرى، كما حصل مع المتسابق الإيكوادوري كاراباس، الذي كان متسابقا عاديا، لكنه لفت أنظار فريق أنيوس الانجليزي الذي ضمه إليه، وتطور مستواه إلى الدرجة التي أهلته لانتزاع الميدالية الذهبية في أولمبياد طوكيو.
ولهذا يلزم العمل والاشتغال أكثر وتوفير الإمكانيات المالية اللازمة، فمثلا الدراجة من النوع الممتاز تكلف ما بين 15 ألف و20 ألف يورو،بينما الدراجات التي نتوفر عليها بالمغرب لا تتعدى 6 آلاف يورو.
إن طريق تطوير رياضة سباقات الدراجات المغربية، طويل ويحتاج إلى جهود مضاعفة من طرف كافة المتداخلين، وغير هذا فإننا سنستمر في الدوران بمكاننا.


الكاتب : حاوره بطوكيو: إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 27/07/2021