مقاربة للإدماج بالمخيمات الصيفية مخيم الوردزاغ نموذجا

نهجت وزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الشباب هذه السنة مقاربة للإدماج بالمخيمات الصيفية باعتبارها مؤسسة تربوية تسهر على التأطير والتربية والترفيه. وإنطلاقا من الشعار الذي إختاره القطاع الوصي على هذا البرنامج الحكومي المهم الذي يحظى بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وتمت أجرأة هذا الشعار ميدانيا قناعة من المجتمع المدني التربوي بأن المخيمات الصيفية فضاء للإدماج والدمج والتنمية وتبلور وعي شامل جمعوي حول جوهر الشعار وقيمته الإنسانية والتربوية، فتحمس كل الفاعلون لتنزيله عبر برامج بيدواغوجية على أرض الواقع بالمخيمات الصيفية عبر ربوع المملكة بإختلاف أصنافها وحمولتها.
وفي هذا السياق فالحديث عن الإدماج والدمج وعيا ورؤية بلور إرادة لدى الفاعل الميداني في مجال التخييم سواء الأطر الإدارية الساهرة على تجويد وتنويع الحياة التربوية للمخيمات وفق إطار مرجعي للأنشطة يسهر على تنفيذها ضمن البرنامج التربوي جميع المتدخلين من القطاعات والشركاء الآخرين. فالإدماج والدمج من الناحية البيداغوجية هو تحقيق التنوع ضمن الوحدة، وتحقيق العدالة ضمن مقاربة فارقية تكيف الأنشطة والفضاء حسب الحاجيات والميولات والرغبات والخصوصيات الإنسانية.
وعي تحقق بفضل تظافر جهود فروع الجمعيات من المغرب كله، واستهداف الطفولة لمختلف مناطق المملكة بإختلاف تنوعها الثقافي وخصوصياتها المحلية التي تغني الهوية الوطنية ضمن وحدة تتأسس على المواطنة مهما تعددت المشارب والثقافات المحلية.
فتجد الجماعة المخيمة تتشكل من فروع الوسط والشمال والصحراء بمخيم واحد يشتركون في برنامج تنشيطي وتربوي واحد فيظهر الإختلاف العام في بداية المرحلة التخييمية ولكن سرعان ما ينصهر كل هذا وتندمج الثقافات وتتكامل فيما بينها لإنتاج إدماج واضح بين أطفال المغرب وأطره إذ يصبح المخيم عموما مكانا تربويا معبرا عن وحدة وطنية فنية بتعدد حضاري و إنساني.
تلك هي الثقافة المغربية الغزيرة التي تفتح أعين الطفولة المغربية عن غنى وطنهم وتنوع طبيعته ومصادر هويته، وبالتالي فهذا إدماج من الناحية الثقافية الفضالية زد على ذلك البرنامج الوطني دمج الفئات الخاصة من الطفولة المغربية في الوسط المجتمعي.
وضمن السياق ذاته عرفت العديد من مراكز التخييم تنظيم مراحل خاصة بالأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة سواء الجسدية أو الذهنية على سبيل المثال لا الحصر التوحد وثلاثي الصبغي وعرفت هذه المقاربة الدمجية مشاركة هذه الفئة في آن واحد مع الجماعات المخيمة الأخرى لأطفال عاديين من أجل تحقيق دمج حقيقي بلا حدود ولا فواصل، لتحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الإجتماعي داخل الفضاءات العمومية.
ولعل مفهوم الإدماج الذي راهنة عليه الوزارة له أبعاد متعددة أخرى من الناحية التقنية أيضا والبرامج التي تراعي إدماج الرقمنة والبرمجة في المخيمات الصيفية والعديد من مقارابات الإدماج الأخرى والتي تساهم في تحقيق المفهوم الثاني من الشعار الهادف إلى تحقيق التنمية أيضا. من خلال تنمية العديد من الأبعاد أولها تنمية الإدماج ثم تنمية حس الإبداع وتنمية روح التعاون والتفكير الجماعي.
وفي العموم لا تختلف جميع مراكز التخييم بالمغرب من هذه المقاربات ومنها مخيم الوردزاغ التابع للمديرية الإقليمية بتاونات بجهة فاس مكناس إذ عرفت المراحل التخييمية الخمسة مشاركة جمعيات وطنية عريقة بمختلف فروعها ممثلة عموما بالمدن التالية كلميم سيدي إيفني الدار البيضاء وفاس سلا والضيق والطنجة وتطوان ثم تاونات. هذا التمازج بين مناطق المغرب ساهم في خلق الإدماج الثقافي وكذا خلق روح الإبداع وتنمية المهارات وتبادل الخبرات المتراكمة لدى الجسم الجمعوي بإختلاف المشارب الثقافية والمستوى الفكري والعلمي للأطر التربوية المشرفة على التأطير التربوي. وبالحديث على هذا الأخير فالوزارة تلح شديد الإلحاح على أهمية التتبع التربوي لما له من ضرورة تربوية لتتبع مسار تكوين الأطر التربوية التي تشكل قاعدة الجسم المستقبلي للمخيمات الصيفية بالمغرب. وخصوصا بعد مجمل التعديلات والتنقيحات التي شهدها الحقل التربوي من القطاع الوصي ونخص بالذكر منظومة التكوينات التي يستفيد منها الأطر التربوية المشرفة على تأطير مؤسسات التخييم والتي تستمد حجيتها القانونية من المرسوم 2.21.186 الخاص بتنظيم مراكز التخييم.


الكاتب : عبد الحليم بولارجام

  

بتاريخ : 02/09/2023