مقاطعات الدارالبيضاء تضيع على ساكنة العاصمة الاقتصادية أكثر من 3 ملايير سنتيم

عين السبع ومولاي رشيد والمعاريف تسجل أكبر خسارة مالية

يبدو أن التدبير المحلي البيضاوي مازال يعاني من سوء الحكامة، ففي الوقت الذي خصصت فيه الدولة أكثر من 4 ملايير سنتيم ضمن البرنامج التنموي 2015/2020، في أفق جعل الدارالبيضاء عاصمة للمال والأعمال، تضاهي باقي عواصم العالم، حيث تم تحديث البنية التحتية للمدينة برمتها مع خلق مشاريع حيوية، لعل أبرزها هو الطرامواي والقطب الاقتصادي ومشروع لامارينا وغيرها من المشاريع الكبرى … بدا أن العمل الجماعي البيضاوي لم يركب نفس قطار السرعة الذي فرضه هذا البرنامج الطموح …
مناسبة هذا القول هو الكشف الأخير لمصاريف المقاطعات، فبعد مراجعة محاسباتية لسنتين من الأداء، ستصدم المقاطعات الستة عشر المؤثثة لتراب المدينة جل المتتبعين، الذين اكتشفوا بأن هذه المقاطعات ضيعت على الساكنة ما مجموعه 3 ملايير و200 مليون سنتيم، بسبب سوء التدبير وعدم القدرة على الصرف، وهي اعتمادات مالية وضعت رهن إشارة المقاطعات ضمن المنحة التي تقدمها لها جماعة الدارالبيضاء، سيتم استرجاعها من طرف الخزينة لفائدة ميزانية الجماعة، أي كما يعرف لدى العاملين في الجماعات الترابية بأن هذه الموال سقطت في ” لاماص ” ، بدل صرفها على حاجيات البيضاويين، وهي حاجيات كثيرة ومتعددة خاصة في الشق المتعلق بحفظ الصحة والشق الاجتماعي والرياضة والثقافة، ومعلوم وهذا هو الغريب أن المقاطعات هي المؤسسات الموكول لها تنفيذ عمل القرب، بحكم احتكاكها اليومي بالمواطنين من خلال المعاملات المستمرة بين مؤسسة المقاطعة والساكنة والفاعلين والمرتفقين لديها..
هكذا سجلت هذه اللائحة التي وصفها بعض المتتبعين للشأن المحلي البيضاوي ب ” السوداء ” ، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المدبرين للمقاطعات ينتمون للأحزاب المشكلة للحكومة، وهي الحكومة التي وصفت نفسها بحكومة ” الكفاءات ” خلال حملتها الإعلامية أثناء تشكيلها، سجلت هذه اللائحة أن أكبر مقاطعة ضيعت الأموال على ساكنتها، هي مقاطعة عين السبع حيث بلغ ما تم استرجاعه من طرف الخزينة، أكثر من 5 ملايين درهم، وتلتها في لائحة الفشل الصرفي للميزانية مقاطعة مولاي رشيد إذ بلغ ما تم استرجاعه أكثر من 4 ملايين درهم، أعقبتها مقاطعة المعاريف ب 2 مليون درهم الصخور السوداء بأكثر من 2 مليون درهم، ثم مقاطعة الحي المحمدي وسيدي بليوط بذات الرقم .
باقي المقاطعات كان معدل الأموال التي لم تصرفها حوالي مليون درهم في كل مقاطعة، وهي كالتالي :
مقاطعة سيدي مومن مليون و964 ألف درهم، مقاطعة عين الشق مليون و941 ألف درهم، مقاطعة آنفا مليون و510 آلاف درهم، مقاطعة الحي الحسني مليون و493 ألف درهم ، مقاطعة سيدي عثمان مليون و395 ألف درهم ، مقاطعة ابن امسيك مليون و 310آلاف درهم ثم مقاطعة مرس السلطان مليون درهم .
ثلاث مقاطعات كانت هي من بلغت إلى حد ما جودة في أدائها للتدبير المالي ، على رأسها مقاطعة سيدي البرنوصي التي سجلت أحسن أداء بحيث لم يضع منها سوى 63 مليون سنتيم ، واحتلت مقاطعة اسباتة المركز الثاني في حسن الأداء إذ لم يتعد حجم الأموال المسترجعة من لدن الخزينة سوى 79 مليون سنتيم ، وجاءت في المركز الثالث مقاطعة الفداء إذ لم تتعد المبالغ المسترجعة منها 96 مليون سنتيم..
وقد عاب العديد من المهتمين على المقاطعات هذا الأداء ، خاصة وأن رؤساءها لا يتوقفون عن الاحتجاج حول المنحة المقدمة لهم من طرف الجماعة، والتي تبلغ في مجملها نسبة 10 في المئة من الميزانية العامة للجماعة، والمقدرة ب 400 مليار سنتيم، وقد علل عدد من الرؤساء سقوط هذه الأموال كون الإجراءات الإدارية الجديدة المعتمدة على الرقمنة تحد من تدخلهم لإنقاذ الأموال الضائعة، لأن معظم الصفقات تمر عبر المنصة الرقمية ولا يحق لأي أحد التدخل في الأمر احتراما لشروط الشفافية المتوخاة من تحديث الإدارة، إلا أن بعض المرتفقين لا يلتزمون بالصفقات الموقعة معهم عبر المنصة وتظل الأموال المرصودة للصفقة مجمدة، هذا التبرير لا تقبل به عدة أطراف التي ترى بأن حجم الصفقات التي تمر عبر المنصة لا تتجاوز 5 في المئة، ويسجل هؤلاء بأن العديد من الأحياء التي تشرف عليها المقاطعات تعيش حالة هشاشة، وأخرى تعيش حالة خصاص في العديد من المرافق وتعيش حالة شح واضح في مجال التنشيط الثقافي والقطاع الاجتماعي والرياضي وأيضا في مجال حفظ الصحة، كما أن هناك مقاطعات تعرف أحياؤها نقصا على مستوى البنية التحتية وعلى مستوى التزفيت والتبليط، وبالتالي فإن هذه المقاطعات مطالبة بوضع خطط دقيقة ومدروسة لمواكبة عجلة التنمية التي تعرفها المدينة بشكل عام، خاصة وأننا على مقربة من مواعيد ضربها المغرب للعالم أجمع، ويتعلق الأمر باحتضان بطولة إفريقيا للأمم سنة 2025، وأيضا كأس العالم برسم سنة 2030.


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 15/05/2024